أخي مؤمن ترددت في الكتابة فأنا حزين على بلدي الذي أضحى يدور مثل «الساقية» التي نلعبها ونحن أطفال.. حزين بعد إعلان التشكيل الوزاري باسم جديد يدخل في موسوعة المؤتمر الوطني في تسمية الحكومات وتستخرج له الإحصاء شهادة الميلاد أو الوفاة.. سبق وأن وجهت رسالة للأخ الرئيس أطالبه بإبعاد أحزاب «الوراثة» والميراث حتى الأحفاد هؤلاء الذين أضاعوا البلاد.. وساهموا في تمزقها.. وخلقوا الكيانات لايقاف تقدمها.. واتخذوا الزعامة الزائفة علامة ومنارة لهم وتناسوا أن التاريخ لا يرحم.. ولا يدركون أن الشعوب كالبحار لها مد وجذر وارتفاع وهبوط.. وأن لا مكان في هذا البلد لتجار الكلام الذين يرسلون زخرف القول غروراً.. هؤلاء الذين يرسلون الخيال في أودية الأوهام والضلال فقد اتضح خلال عقدين من عمر الإنقاذ أن منطقهم كليل عاجز عن النفاذ إلى جوهر الأشياء.. فكيف نوقف حياة الوطن ارضاء لشهوة الحكم لديهم، وطالبت أيضاً بأن يريحنا المؤتمر الوطني من السادة الوزراء الذين في عهدهم تمزقت البلاد، وكثرة الأسفار، وتعددت الاتفاقيات، وازدادت وتفاقمت مشكلة العطالة، وارتفعت الأسعار.. وصارت بلادنا تدفع من أجل أن تستورد وشعارنا الذي رفعناه نأكل مما نزرع.. هؤلاء الذين عجزوا عن بناء الدولة الحديثة للسودان الجديد.. الذين افتقدوا الرؤيا الشاملة لتوظيف الإمكانيات المتاحة لتنمية الإنسان والبلاد هل نعيدهم مرة أخرى لكراسي الحكم؟؟ هل هم صقور المؤتمر الوطني؟ وهل عقمت حواء السودان أم أن جامعاتنا لا تعد الكفاءات القيادية أم أن سياسة فائض العمالة والصالح العام أطاحت بجيل العطاء والعلم والتخطيط.. أم أن السادة ملوك الطائفية ما زالت لهم السطوة والقوة فجاء من حاربنا بالأمس ليأخذ حظه من كيكة اليوم ولديكم أصحاب كفاءة وعلم وثقافة.. ويا حسرتي على بلدي وعلى أولادنا الذين خرجوا إلى الدفاع وودعناهم من داخل بيوتنا واستشهدوا من أجل الوطن ولا يجدون حتى التحية ألسنا أصحاب حق مثل هؤلاء وأنتم تعلمون.. أم أن الحقوق لا تأتي إلا برفع رأية العصيان؟؟ أخي مؤمن وأنت حامل قلم الشجاعة والجرأة في التصدي من أجل البسطاء الفقراء ومن أجل الوطن الا تتفق معي بأننا أصبحنا نصاب بالملل من التصريحات الجوفاء!! فالذين أعادوهم لكراسي الحكم والذين ارتضوا بعد تمنع وممارسات حزبية سخيفة هل سيقود هؤلاء الوطن إلى بر الأمان و أحدهم لا يعرف النيل الأبيض من الأزرق؟ فالتجربة منذ أول لحظة كشفت قدراتهم وأبانت لنا أن الشقاء في بلادنا حقيقة والسعادة ضرب من الخيال ولغة الخطاب الآن أضحت أكثر من استفزازيه.. فهؤلاء وقد أسكرتهم السلطة حتى الثمالة لا يدرون أن الشمس تسكب النور والحرارة على الأشرار والصالحين وعلى الأغنياء والفقراء والبسطاء والمهضومة حقوقهم كالهواء الذي يسدي الحياة للإنسان والحيوان.. فالذين يمتصون عافية الوطن عليهم أن يتذكروا أنهم سيفقدون الحياة يوماً.. فإلى متى تسيطر الطائفية على الوطن الجريح المغبون الذي جف فيه الزرع والضرع وحفيت فيه الأقدام من أجل لقمة العيش والوظائف وأصبحت حرائر النساء يشغلن الزوايا والحدائق من أجل «كفتيريا للشاي تسكت الجياع» والسادة يستمتعون باسم الأجداد.. والأحفاد تزف لهم الوزارات من أجل الاسم وليس الكفاءة.. الوطن الآن في مفترق الطرق يحتاج إلى الكفاءة والخبرة وإلى العلماء ليضعوا له منظومة متكاملة للخروج من النفق المظلم فلا الوزارة التي سبقت نجحت في القيادة ولا «كوم» الوزراء الجدد لهم المقدرة على القيادة ولا الطائفية برموزها تستطيع أن تحل قضايانا وأخشى أن يزداد تمزق النسيج السوداني.. الوطن الآن أمانة والحفاظ عليه مسؤولية وأرجو أن لا يكون أصحاب الأقلام هوامش على صفحة الحياة وحواش ومتوناً لأولي النعمة فليكن العام الجديد.. عام الوحدة والنماء للسودان الجديد القومي الشامخ للشعب الأبي الذي أثقلته الآلام ولكنه تحمل في صبر فهو لا يخنع. مع تحياتي أخوك د. يحيى التكينة