الأستاذة سناء العوض.. وزير الدولة بالإعلام.. ومرة أخرى لك التحايا والسلام.. وكنت بالأمس قد قدمت بين يديك.. أغاني وقلائد.. وقصائد.. مدحاً لتصريحك المثير.. والخطير.. وكم أدميت كفى بالتصفيق.. لكلماتك التي تخاطب الإعلام.. إعلام الحكومة.. المملوك حكراً مطلقاً.. بل مسجل رسمياً.. باسم المؤتمر الوطني.. الذي لا ترى فيه عيون الإعلام الحكومي غيرالإنجاز والإعجاز.. سعدت وأنا أرى الحكومة.. ولأول مرة في تاريخها الممتد لاثنين وعشرين سنة وتزيد تعترف عبر كلماتك.. أن الإعلام الحكومي لا يقول الحقيقة.. نعم نحن نعرف أن الإعلام الحكومي.. لا يقول الحقيقة.. مطلقاً.. ودعيني أكون أكثر وضوحاً.. وإبانة.. لأقول.. إن الإذاعة التي كانت عبر كل العهود قومية وإن التلفزيون الذي كان في كل الحكومات قومياً.. أصبح ناطقاً رسمياً.. لحزب المؤتمر الوطني.. نتابع نشرات الأخبار في الإذاعة.. وفي التلفزيون.. ولا نسمع غير الإنجازات.. والنجاحات.. وكيف أن الحكومة كل يوم تسجل هدفاً في مرمى الأسعار.. تحرز أهدافاً متمثلة في تلك الملايين من الأفدنة المزروعة وعداً وقمحاً.. ودخناً وذرة وتمني.. نستمع إلى نشرات الأخبار تلك الزائفة بل الكاذبة.. وهي تتحدث عن استيعاب الخريجين في الوظائف.. وكيف أن التعليم تضئ حقوله كل يوم «لمبة» وأن الرسوم الدراسية للتلاميذ ممنوعة بالقانون.. بل هي محض هراء.. وليس أكثر من افتراء.. تحدثنا الإذاعة عن نهضات ووثبات وإبهارات في المستشفيات والمشافي.. وكيف أن الأدوية المنقذة للحياة.. على رصيف الشارع.. وعند انتهاء النشرات الإخبارية.. تحملنا هذه الأخبار إلى دنيا الأحلام والخيال.. وأحياناً نظن بأن الإذاعة والتلفزيون تتحدث عن «إمارة موناكو» وتحكي عن اسكنديفيا.. تلك الدول التي ينتحر بعض مواطنيها من الملل.. ملل الترف وتلك الوسائد المترفة التي يتقلب فيها شعب السويد.. وذاك «الدلع» الذي يعوم فيه شعب النرويج.. ثم نخرج إلى الشارع.. لنجد أن الحال قبل النشرة يا هو نفس الحال بعد النشرة.. فقط لأن الحياة.. ما زالت هم وتسهيد..لنجد أن كل فقير أو حتى متوسط الحال يجابه أهوالاً في كل ضرب من ضروب الحياة.. علاجاً ومعاشاً.. وتعليماً.. وعطالة.. وكل منقصات الحياة.. أعجبني حديثك عن ذاك السماء المفتوح.. وذاك العالم الذي أصبح قرية أصغر من تلك التي هدمتها الحكومة شمال أم درمان.. و «العجيبة» أن الأحبة المذيعين في الإذاعة والتلفزيون.. يعرفون ويعلمون «زي جوع بطونهم» أن كل هذا تدليس وأخبار غير حقيقية.. فقط لأنهم مثلنا.. «عندهم» «رواديو» و «رسيفرات» يذهبون إلى منازلهم بعد الدوام.. ثم تتدفق المعلومات الحقيقية أمامهم ومن خلفهم.. وهي تحكي صدقاً.. وواقعاً.. وصدق من قال.. «سيد الزبد إن قال أشوها أشووها» بالله عليك أيتها الوزيرة المحترمة.. هل هناك دولة.. تحتقر عقول شعبها مثل ذلك؟؟ «طيب» لو وجدنا عذراً للأحبة العاملين في هذين الجهازين المساكين المجبورين.. ماذا عن أولئك المؤلفة قلوبهم أو الأصدقاء.. أوالملكيين والذين هم أشد ملكية من الملك «ذاتو» ماذا عنهم وهم يتصدون في عنف وشراسة لكل من تسول له نفسه أن يكتب حرفاً واحداً عن قصور أو إعوجاج رأه في الإنقاذ.. ودعيني أسأل هؤلاء المدافعين بالحق والباطل عن الإنقاذ.. أسألهم هل قادة الإنقاذ.. بشر مثلنا يصيبون ويخطئون أم هم مجموعة من الملائكة.. أرسلتهم السماء لانتشال السودان.. من مهاوي الهلاك والخطر.. بالمناسبة.. أنا أعرف بعضهم.. من كتاباتهم طبعاً.. وأقسم لك أن هؤلاء «البعض» لم يكتب منتقداً الحكومة أوالمؤتمر الوطني.. طيلة اثنين وعشرين سنة وتزيد.. واعلمي أستاذة سناء.. أن هؤلاء من يقودون قافلتكم.. قافلة الإنقاذ إلى المجهول.. بل المعلوم وهو الردى والزوال والتهلكة.. أستاذة سناء.. هذا عن حديثك عن مطالبتك الإعلام.. توخي المصداقية.. وعدم التطبيل.. وبعض حديث عن عالم الاتصال والتواصل.. وانفجار المعلومات.. وتدفق سيل الحقائق بالصوت والصورة التي تفضح كل تزييف وتحريف وتجميل لصورة بها ظلال ولن ينفع معها أي ماهر وحاذق.. في إضافة لمسات الرتوش.. بكرة نحدثك عن الإعلام.. في ظل حقبتك.. وهو الأهم عندنا.. لأننا سنطلب منك.. أن تأخذي «المكرفون» بقوة.. فإلى بكرة