مرت منذ أيام ذكرى الممثل الشاعر الفنان عبد العزيز العميري، الذي رحل في عنفوان شبابه، ولم يبلغ الثلاثين من العمر، وهو من جيل محمد نعيم سعد وزملائهم، وقد ظهر في مرحلة واعدة بالكثير في نهضة الفنون في بلادنا، أو عدت بجيل جديد مجدد، يتسلم الراية من الجيل الذي سبقهم في الفكاهة والتمثيل، بل التأليف والشعر، وإعداد الأغاني، والإسهام في أدائها، والذي تزعمه أساتذتهم: السر أحمد قدور- واسماعيل خورشيد- وحسن عبد المجيد- وعبد الوهاب الجعفري- وأبو العباس محمد طاهر- وعوض أحمد- وعوض صديق- وعبد الرحمن قريب الله- وأحمد عثمان عيسى- وفي جانب التمثيل الفكاهي كتابة وإعداداً وأداءً عثمان حميدة (تور الجر)، والفاضل سعيد، وحامد التاج، ومحمود سراج، أبوقبورة، وعثمان اسكندراني، وفتحي بركية، وحسن زلوفة، ومحمد شهوان، ومحمد عثمان المصري.. أما ملك المنلوج غير المنازع، فقد كان المرحوم عبد الكريم عثمان بليل، وجاء بعده جعفر عز الدين، وإن كان الفاضل سعيد قد أعد أيضاً في أعماله المسرحية بعض المنلوجات الساخرة، والتي وجدت مجالها بعد المرحوم بليل.. ومن منا لايذكر منلوجه الجميل الذي يقلد فيه عميد الفن احمد المصطفى في رائعته حياتي.. والتي تفوق فيها بليل رحمة الله على نفسه، ولي معه شخصياً العديد من الطرائف، التي آمل أن يتاح لي المجال لسردها، وما أحلاها وما أطرفها، وقد سار بعضها في المجتمع مسرى المثل السائر. قادني الى كل هذا ذكرى العميري رحمه الله، وأذكر في ذلك الوقت عند ظهور العميري وزملائه، إنني كنت أقدم من التلفزيون برنامجي المشهور آنذاك (الوجه الآخر)، وقد كنت متهماً في ذلك البرنامج إنني أكثر الكلام، ولا أترك للضيف فرصة، فآخذ المساحة كلها، وأترك الضيف المسكين يتفرج حسب رأي صديقنا العميري وزملائه الذين كانوا يقدمون في نفس الوقت برنامجاً درامياً تمثيلياً شيقاً، في إطار فكاهي رفيع، وقد خصص العميري وزملاؤه حلقة كاملة في التلفزيون لنقد البرنامج ومقدمه شخصي الضعيف، وقد أوكلوا لممثل خفيف الظل دور عمر قدور، وكان البرنامج صاعقة وتحفة من الجمال، ورغم مرارة النقد والهجوم على برنامجي، فقد أحببت العميري وبرامجه ومجموعته.. ولعل هذا هو الذي دفع بصديقي الفنان خوجلي عثمان أن يقلدني بعد ذلك في كثير من برامج التلفزيون، ألا رحم الله العميري وجعل الجنة مثواه، وعوضه عن شبابه جنات النعيم في عليين، إنه سميع مجيب الدعاء، ورحم الله خوجلي فلي معه ومع فنه وحياته الحلوة وقفات ووقفات.