يقال إن مهنة الصحافة مهنة من لا مهنة له.. وأنا أقول إن الصحافة مهنة تحتاج إلى ممارسة وإبداع و هواية ورغبة وتأهيل.. والداخل إليها- أي مهنة الصحافة- تدفعه مكنونات نفسه.. وهي مهنة «البحث عن المتاعب».. والذي يمارسها لابد أن يتحلى بالصبر والشجاعة والمجازفة.. ولابد أن يهب لها وقته وجهده.. ما دعاني لكتابة هذه الأسطر وأنا اتجه يوم الجمعة الماضي إلى ضاحية «الأزهري».. و كانت هناك زحمة «غريبة» شلّت حركة المرور، ووقفنا لزمن طويل في ذلك الشارع .. فتحدث السائق مع بعض الركاب الذين تضجروا من هذه الزحمة، قائلاً: إن يوم الجمعة أصبح من الأيام التي يتخوف فيها من العمل، وإنه يشاور نفسه كثيراً حتى ينزل إلى الشارع.. وذلك بسبب «الدلالة» التي تُقام بالسوق المركزي كل «ثلاثاء وجمعة» ولكن يوم الجمعة هو الأصعب لأنه يوم عطلة.. كانت هناك جمهرة لا توصف، وصفوف من العربات لو وزِّعت على «الراجلين» في تلك المنطقة لكفتهم.. واصل السائق حديثه بأن السماسرة أكثر من الذين يريدون أن يبيعوا أو يشتروا.. وهم الذين يعملون تلك الفوضى التي تحدث في «الدلالة». وأضاف أن كل تلك العربات التي تقف ليست معروضة للبيع - أي أن هذه الدلالة كانت فرصة للمة التجار والسماسرة، والذين يحاولون أن «يقرأوا» السوق.. شاركه الحديث أحد الركاب بأن السماسرة هم الذين يزيدون السعر بين البائع والمشتري.. ولو ترك البائع والمشتري لاتفقا ووصلا إلى ما يرضي الطرفين.. وقال إن السمسرة أصبحت كابوساً يقلق كل من يريد أن يشتري أويبيع. قلت في نفسي.. أي شخص يستطيع أن يصبح سمساراً.. لأنها مهنة مفتوحة ولا قانون لها.. ولا «ظابط ولا رابط».. ولا تحتاج إلى مؤهلات.. أو دراسة تستمر لسنوات ولا تتبع لقانون العمل.. فعالم «السمسرة» عالم مفتوح وكذلك بواباته.. والولوج إليه سهل.. ويحتاج القليل من «الحنك».. والكد والجري.. ولابد أن تكون حريفاً في عملية «اصطياد» الزبون وأن تجعل لك مكتباً أنيقاً وبه جهاز «كمبيوتر» لتوهم من أتاك بأنك مشغول بإجراء بعض المعاملات.. والغريب حتى «النساء» أصبحن يدخلن لهذه المهنة رغم أن بها مجازفات غير عادية.. وأقول بهذا أن مهنة السمسرة.. هي التي تنطبق عليها مقولة «مهنة من لا مهنة له» وليست الصحافة.. فهي بريئة من تلك الصفة.