السموم الفطرية هي مواد سامة تفرزها الفطريات أو ما يعرف بالصوفان الأخضر، وتتلون المحاصيل الزراعية مثل الفول السوداني والذرة والأعلاف والأطعمة مثل الدكوة والرغيف والفول المدمس والأطعمة ذات المحتوي المائي، وقد أثبتت الدراسات أنها تضر بصحة الإنسان والحيوان، ويسبب أثرها التراكمي سرطان الكبد كما يؤثر على الكلى والجهاز التنفسي.. و السودان يقع في المناطق المدارية التي تعتبر بيئته ملائمة لنمو الفطريات التي تسبب التلوث.. لذلك أُنشئت الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس المركز السوداني للسموم الفطرية كجهاز يعني بسلامة المنتجات والأغذية والأعلاف ويعمل على تعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية للحد من التلوث بالسموم الفطرية. وقد نفذ المركز في الفترة الأخيرة حملات إرشادية لبعض الولايات الخاصة بزراعة المحاصيل القومية وركزت على الذرة والفول السوداني تحت شعار «تخزين آمن وتصنيع سليم»، وأخرى داخل ولاية الخرطوم استهدفت المصانع - العصارات - والسحانات تحت شعار «غذاء صحي وآمن»، واستعرضت نتيجة تلك الحملات في اللقاء التفاكري لمكافحة السموم الفطرية في الأغذية لعرض ما توصل إليه الخبراء في هذاالمجال. رسمت بروفيسور نفيسة الماحي أحمد، اختصاصي أمراض النبات بهيئة البحوث الزراعية مدني، صورة قاتمة للفول السوداني، وأوضحت أن نسبة إصابة الفول بالحشرات بلغت 72% والمصاب، بالافلاتوكسين ما بين 60 إلى 70% خاصة في الرهد، وعزت ذلك إلى التخزين الغير سليم.. وكشفت عن تدني صادرات الفول السوداني بنسبة عالية، وقالت إن السودان في العام 1971م إلى عام 1980م كان يصدر «180» ألف طن بقيمة «115» مليون دولار، وانخفض حتى وصل في عام 2003م الى «17» ألف طن بقيمة «5.2» مليون دولار، وأوضحت أن السبب وراء تدهور وعدم استقرار صادر الفول يعود إلى التدني في الإنتاج وزيادة الاستهلاك وتدني الجودة التي يعتبر التلوث بالصوفان الأخضر «الافلاتوكسين» أحد أهم مكوناتها، مشيرة إلى أن التلوث يمكن أن يحدث في جميع مراحل إنتاج واستخدام الفول، وهنالك ظروف تساعد على التلوث منها ظروف الجفاف في نهاية الموسم «مراحل نضج الفول» والظروف المناخية أثناء تكوين الفول مثل الأمطار الغزيرة وتأخر الحصاد، وهنالك التلف الميكانيكي للثمار أثناء قلع المحصول وحصاد الفول والتجفيف الغير مناسب للمحصول بعد قلعه «محتوى مائي للبذور أكثر من 9%» ووجود الفطر الذي يفرز سم الافلاتوكسين بالاضافة إلى ظروف التخزين غير السليم. وأكدت أن الدراسات العديدة رصدت نسبة عالية من الافلاتوكسين في الفول المدمس.. والدكوة وعلائف الحيوانات والدواجن التي تحتوي على أمباز فول ولبن الأبقار وفي العديد من السلع الاستهلاكية مشيراً إلى أن الاهتمام غالباً يكون بخفض الصادر فقط، وتداول وسائل الفول عالية التلوث المفروضة من التجارة العالمية في الأسواق للاستهلاك المحلي. وكشفت بروف نفيسة عن تدني إنتاجية مصانع الزيوت في أغلب الولايات، وقالت إن صحة البيئة للمصانع سيئة جداً ويستخدم فيها الفول الملوث بنسبة90% واستثنت «4» مصانع فقط التي تعمل بمواصفات، وقالت إن العصارات البلدية رغم نظافتها إلا أن نسبة التلوث فيها عالية، بالإضافة إلى تكرار استخدام مواعين التوزيع.وطالب بالاتفاق على صياغة وتفعيل قوانين تحد من التلوث وإصدار موجهات تؤثر على ممارسات القطاع الخاص وسياسات التسويق وإعادة النظر في التصديق للعصارات البلدية ومحاسبة المصانع التي تعمل بدون مواصفات. وكشف بروفيسور الشيخ مجذوب رئيس أمناء المركز القومي للسموم الفطرية عن إرجاع «80» ألف طن من الفول السوداني العام الماضي من قبل الاتحاد الأوربي بسبب التلوث، وأكد أن هذه الشحنة استخدمت في السودان، موضحاً أنها تشكل خطر كبير في صحة الإنسان والحيوان. مشيراً إلى أن التلوث يأتي من التخزين الغير سليم، وقال إن التلوث يؤدى إلى سرطان الكبد. بروفيسور أحمد الطيب عبد الله اختصاصي التخزين تحدث عن الفطريات في الذرة المخزنة، وقال المساحة المزروعة من الذرة في السودان تعادل «15» مليون فدان وتنتج حوالي «5» ملايين طن كل عام وتوضع كميات خاصة في المخازن بأنواعها بطرق مختلفة، وأكد أن الحبوب خاصة الذرة تخزن في السودان بطرق تقليدية في المطامير والشونة، وهنالك المخازن التقليدية وأضاف أن هنالك طرقاً حديثة بالمخازن الحديثة والصوامع.. وقال إن العوامل التي تؤثر على الحبوب المخزنة هي درجة حرارة المخزون والمحتوى المائي والآفات من حشرات وقوارض وطيور وفطريات. الأستاذة ابتهاج بر التوم مدير مركز السموم الفطرية قالت إن المركز نفذ حملات إرشادية لمكافحة السموم الفطرية في المحاصيل بالتركيز على محصول الذرة والفول السوداني شملت «6» ولايات، حيث اتضح عدم الوعي الكامل بمشكلات السموم الفطرية لدي المزارع والمخزن وأن الفول الموجه لصناعة المدمس والدكوة ملوث بنسبة عالية، وأشارت إلى أن بعض مصانع الزيوت وكل معاصر الزيوت تستخدم أردأ أنواع الفول في الغالب الأعم، إضافة لسوء بيئة التصنيع، وأعلنت عن استمرار هذه الحملات الإرشادية للتوعية المستمرة بمخاطر السموم الفطرية والصحية والاقتصادية وطالبت بالتنسيق المتكامل بين أجهزة الدولة المعنية بإنتاج وترحيل وتخزين وتصنيع المحاصيل الزراعية لسلامتها من السموم الفطرية. وأوضح دكتور عوض سوكراب مدير التخطيط والبحوث في المواصفات أن عدم التنسيق بين الجهات يضعف الدور الرقابي، وتعهد بإنزال توصيات الملتقى على أرض الواقع بالتعاون مع الجهات ذات الصلة.