نناشد في هذا المقال سيادة السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه ومهندس اتفاقية السلام الشامل والذي يولي اهتماماً خاصاً بولاية النيل الأزرق، ونقول في هذه المناشدة إن نظام حكم الولاية غريب جداً ونجمل ذلك في:- 1- في الأول سبتمبر 2011م نشبت الحرب في الولاية بيبن الوالي المنتخب مالك عقار والحكومة لأسباب يعرفها السيد مالك، ونتيجة لنشوبها أعلن السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير فرض حالة الطوارئ في الولاية. 2- بموجب قانون الطورائ أعفى السيد رئيس الجمهورية الوالي المنتخب الفريق مالك من منصب الوالي على الولاية، وبالتالي كلف سيادته قائد الفرقة العسكرية في الولاية بمهام الوالي إلى حين تكليف من يقوم بمهام الوالي فصار بذلك حاكماً عسكرياً على الولاية. 3- بموجب قانون الطورائ تم تكليف اللواء الهادي بشرى والياً على الولاية فاستلم أعباء المنصب من الحاكم العسكري واستمر في تسيير مهام الولاية بنفس الطاقم الذي حكم به السيد الحاكم العسكري، وهم مجموعة من قيادات حزب المؤتمر الوطني قام بترشيحهم لشغل تلك المناصب الوزارية الدستورية رئيس الحزب، والذي فيما بعد قام بتجميد عضوية هؤلاء الوزراء الثلاثة في الحزب، فكان السؤال بعد هذا التجميد هل يجوز لهم الاستمرار في المناصب؟ أم على السيد الوالي أن يجمد نشاطهم ويعفيهم من المناصب بحكم أنهم جاءوا إليها عبر حزبهم المؤتمر الوطني؟! وفي ذات الوقت ورثهم الوالي المكلف من الحاكم العسكري والذي عينهم بموجب قانون الطورائ؟. 4- رئاسة السيد عبد الرحمن بومدين للحزب مع وجود والي مكلف مخالف للنظام الأساسي لحزب بالمؤتمر الوطني الذي ينص على أن الوالي وبحكم منصبه هو رئيس الحزب ومن هنا فرئاسته للحزب باطلة وما اتخذه من قرارات باطلة، لأن ما يبنى على باطل فهو باطل، وذهب رئيس الوطني أبعد من ذلك إذ طلب من أعضاء حزبه في المجلس التشريعي للولاية مقاطعة الجلسات التي يخاطبها أولئك الوزراء الذين جمد نشاطهم.. فإذا ما قاطع الأعضاء الجلسات فهل ذلك يعني سحب الثقة من الوزيرة حسب الأعراف البرلمانية؟ وفي ذات الوقت هو وزير معين بموجب قانون الطورائ ، ثم ماذا يحدث إذا قرر الجهاز التنفيذي الوالي وحكومته حجب المخصصات من السادة أعضاء المجلس التشريعي فهل سيدفهم لهم السيد رئيس الوطني مخصصاتهم؟ هل يرفض السيد رئيس المجلس التشريعي أمر المقاطعة؟ أم يمتثل لرأي رئيس الحزب؟ وعلمنا مؤخراً أن رئيس الوطني تراجع عن هذا الأمر بعد تسريب معلومات إليه أن رد الحكومة على الأعضاء سيكون عنيفاً. 5- الوالي المكلف في حيرة من أمره فهنالك رئيس حزب المؤتمر الوطني «غير قانوني» يملي عليه أو هكذا ينبغي، وأعضاء حكومته في الوطني بعضوية مجمدة، وتهديد من رئيس المؤتمر الوطني أن يقاطع أعضاء الحزب في المجلس التشريعي الجلسات التي يخاطبها أو لئك الوزراء. 6- في المجلس التشريعي يوجد تسعة عشر عضواً ينتمون إلى الحركة الشعبية، وزعيمها قاد الحرب ضد الدولة فما هو وضعهم القانوني والدستوري وحزب الحركة الشعبية تم حظره فهل من مصوغات قانونية تبيح لهم الاستمرار في عضوية المجلس لتشريعي الولائي؟. 7- المشورة الشعبية وأرى سعادة الأخ البروفيسور الأمين دفع الله مغرم بها ويقول إن الحكومة ملتزمة بها ولكن أين هي المشودة الشعبية؟ إنفصل الجنوب في التاسع من يناير 2011م واشعل عبد العزيز الحلو الحرب في جنوب كردفان، وأشعل مالك عقار الحرب في النيل الأزرق فالحرب والانفصال تجبان ما قبلها، وسبق لي أن كتبت مقالاً تحت عنوان «انتهت المشورة الشعبية» في صحيفة آخر لحظة في عددها الصادر في الثالث من نوفمبر 2011م. 8- حسب التجارب في السودان فإن الحكم العسكري وقانون الطورائ لا سبيل إلى الديمقراطية والحرية إليهما فهما متوازيان لا يلتقان، فعندما استلم الراحل إبراهيم عبود السلطة في 1958م فرض حالة الطورائ وعين حكاماً عسكريين على المديريات التسعة في البلاد أذكر منهم واحداً هو الراحل العقيد حسين علي كرار والذي كان حاكماً عسكرياً على مديريتي النيل الأزرق وكسلا، وتشكلان اليوم سبع ولايات، وحل البرلمان، وعلق العمل بالدستور وفرض إجراءات جديدة لحكمه.. وكذا فعل الرئيس الراحل جعفر محمد نميري عندما استلم السلطة في البلاد في الخامس والعشرين من مايو 1969م فحل البرلمان وعلق الدستور وفرض أحكام الطوارئ وحكم البلاد بمراسيم جمهورية حتى توطدت له مقاليد الأمور فأخذ في التغيير.. وحالة الحكم الحالية لم تشذ فعندما تسلم العميد آنذاك عمر حسن أحمد البشير مقاليد السلطة فرض ذات الأحكام فإذا الحال هكذا لجميع أرجاء الجمهورية فلماذا تكون إجراءات الطورائ في النيل الأزرق ذات لون رمادي حتى أصبحنا لا نعرف من الذي يحكم الولاية السيد الوالي المكلف أم رئيس المؤتمر الوطني غير الشرعي أم مجلس الولاية التشريعي والذي فيه أعضاء لا نعرف هل عضويتهم شرعية أم غير شرعية؟! وعليه لا أرى مبرراً لصمت القانونيين في المؤتمر الوطني حتى رئيس المجلس الوطني القانوني المعروف، و لابد من فتوى تجيز لهم الاستمرار أو تأمرهم بالمغادرة، ويقيني أن المغادرة هي الأنسب. 9- سعادة الأخ النائب الأول إن مركب النيل الأزرق في طريقها إلى الغرق فلابد لها من ريس واحد وقبل فوات الأوان، ولمعالجة الأوضاع الراهنة في الولاية فإنني أقترح الآتي: أ/ حل المجلس التشريعي بموجب قانون الطورائ ب/ تكليف الوالي المكلف برئاسة حزب المؤتمر الوطني في الولاية.. والا ج/ تجميد نشاط الحزب لتفادي الاستمرار في القضايا الانصرافية مثل فصل أعضاء من الحزب وتجميد عضوية آخرين، والصراع حول سفاسف الأمور، والولاية في حالة حرب د- تعيين السيد الوالي لحكومة جديدة من التكنوقراط في مناصب الوزراء، وتعيين ستة معتمدين على المحليات ، ثلاثة منهم من العسكر في رتبة العميد في محليات الكرمك وقيسان وباو، حيث العمليات العسكرية وبؤر جنود الحركة الشعبية، والثلاثة الآخرون من المدنيين في محليات الدمازين والروصيرص والتضامن، على أن تستمر هذه الحكومة اعتباراً من أوائل 2012م حتى نهاية العام، وأن تجري الانتخابات في الولاية لمنصب الوالي وأعضاء المجلس التشريعي في أوائل يناير من العام 2013م، حيث نتوقع أن تعود الحياة إلى سيرتها العادية خلال عام 2012م ففي الستة أشهر الأولى يتم استعادة كل المناطق من حركة التمرد إلى حصن الوطني وأن تكون فترة الخريف من يونيو وحتى ديسمبر 2012م لاختبار استتباب الأمن وعدم وجود أية تفلتات، وتدخل الولاية عام 2013م السنة مستقرة، وبغير هذا فسيظل المؤتمر الوطني مصدر إزعاج بما يأتي منه من طنين وبالله التوفيق.