كثير من أصدقاء ومعارف لي توجهوا نحو ثغر السودان الباسم بورتسودان، لاستقبال العام الجديد من هناك، والاحتفال بليلة رأس السنة، وبما أن الظاهرة- وبهذا الشكل الكثيف جديدة- فظني أن الاتجاه شرقاً ليس من باب المصادفة، ولكن ولأن النهضة التي وصلت أخبارها الينا عبر الوسائط المتعددة من حداثة عمران، ونظافة طرق، هي من حرضت السودانيين الى زيارة الثغر الحبيب، ولعل هذه الظاهرة قد جعلتني اتفكر وأتدبر في السياحة المغلوبة على أمرها في بلادنا، الممتدة شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بحدوده الجديدة، ونحن من وهبتنا الطبيعة تعدداً في المناخات واختلافاً في البيئات، وثراء ثقافياً يندر أن تجده في بلد من البلدان العربية أو الافريقية، لكن رغم ذلك ظلت وزارة السياحة، وبتعدد واختلاف الأنظمة والحكومات، ظلت وزارة السياحة لا تدرك أهمية السياحة كمورد اقتصادي، يضاهي الزراعة والبترول، وظل معظم العاملين في الوزارة يظنون أن السياحة لدى الآخر هي تنظيم كم رحلة، على باخرة نيلية تجوب بالوفود الزائرة النيل طولاً وعرضاً، ولحدي هنا شكراً جزيلاً دون أن تسعى الوزارة (الكنز) سعياً حثيثاً وبواسطة شعاراتنا على مغازلة الاستثمار العربي، الذي يلعب في المضمون، وما أظن هناك مضمون أكثر من إقامة فنادق وشاليهات في مدينة أركويت، وطوكر، وحتى سواكن التي ظلت (سواجن) لقصص التاريخ والحكاوى القديمة دون أن نستفيد من قيمتها التاريخية، ورهبة المباني العتيقة وعبق التاريخ فيها. الدايرة أقوله إن المشهد العربي الآن، وبعد أن تغيرت الأحوال في أكثر من بلد عربي، كانت السياحة بالنسبة له بقرة حلوباً، تجعلنا نسرع في أن نسوِّق للسياحة في بلادنا بواسطة الملصقات والكتيبات التعريفية، ويا ريت لو أن الوزارة بعثت بخبراء تسويق وترويج الى أوربا، يروجون لبلادنا ذات النيل العذب، والشمس الدافئة، فيا وزير السياحة.. السياحة ليست مطاعم على شارع المطار لمستثمرين (يكبون) أرباحهم في جيوبهم، ومع السلامة السياحة بنية تحتية وترويج تحتاج الى عمل جبار ومؤسس. كلمة عزيزة الإشادة التي وجدتها من قلم معتق كقلم الأستاذ ميرغني أبوشنب، أعتبرها دبورة وضعت على كتفي، وهو يشيد بسهرة البساط أحمدي، التي قدمتها على النيل الأزرق، وأحسب أن إشادة الأستاذ بي إشادة جيل بأكمله، هو رائد للابداع والتميز، فشكراً أستاذي ميرغني وأعذرني إن كانت كلماتي أقل قامة من ماكينة قلمك، لأن العين ما بتعلى على الحاجب.