أعتقد أنكم جميعاً سوف تكملون النشيد: اليوم نرفع راية استقلالنا ويسطر التاريخ مولد شعبنا يا أخوتي غنوا لنا.. اليوم.. اليوم عيد وما أكثر الذين غنوا لوطن الخير، وكأنما شعارهم قول أمير الشعراء: وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي أو قول ابن الرومي: ولي وطن آليت ألا أبيعه وألا أرى غيري له الدهر مالكا وحبب أوطان الرجال اليهمو مآرب قضاها الشباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهمو عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا.. عندما أردد هذه الأبيات أذكر جيل الاستقلال ممثلاً للتيارين الرئيسيين في الحركة الوطنية، تيار الاستقلال الذي يسعى إلى استقلال السودان من ربقة الاحتلال والاستعمار من قبل دولتي الحكم الثنائي، ممثلاً في الجبهة الاستقلالية وحزبها القوي (حزب الأمة)، بزعامة الإمام عبد الرحمن المهدي- وقيادة ابنه شهيد الكفاح من أجل الديمقراطية الإمام الصديق، وقيادة أمينه العام الرجل القامة والرمز الوطني منذ بدايات القرن، وأحد ثوار اللواء الأبيض الأميرالاي عبد الله بك خليل، ورموز الحزب الكبار محمد أحمد محجوب، ومحمد صالح الشنقيطي، وعبد الرحمن علي طه (أبو التعليم)، وإبراهيم أحمد أحد القادة الكبار لحركة الخريجين، وكوكبة المجاهدين في سبيل الاستقلال الأمير نقد الله، وأمين التوم، وصالح عبد القادر، وعبد الله الفاضل، وزعماء الأقاليم الذين لن يأتي عليهم الحصر.. كل هؤلاء تحلقوا حول الإمام، وحول القضية، وحول الأمل الاستقلال التام، أو الموت الزءوام. وفي الجانب الآخر تمترس فريق خير من الوطنيين حول دعوة الوحدة، وحدة وادي النيل، بين القطرين الشقيقين مصر والسودان، تحت التاج المصري بزعامة الزعيم الوطني الفذ إسماعيل الأزهري، رافعاً راية الاستقلال ورافعاً علم الحرية، ورفاق دربه الأشاوس يحيى الفضلي، ومبارك زروق، ومحمد نور الدين، ومحمد أحمد المرضي، وإبراهيم المفتي، وإبراهيم جبريل، والجيل الذي سلمهم الراية وحملهم الأمانة بقيادة زعيم الاتحاديين والأحزاب الاتحادية السابقة لهؤلاء السيد الدرديري محمد عثمان، وخلف الله خالد، وميرغني حمزة البله، وغيرهم من الأعلام، الذين كانوا يرون في ذلك الوقت أن منعة بلادهم وعزتها إنما تكون بوحدتهم مع الشقيقة مصر.. إلى أن التفت أياديهم حول قضيتهم الموحدة، فكان إعلان الاستقلال من داخل البرلمان، وكان نجم ذلك اليوم غير المنازع الزعيم إسماعيل الأزهري، الذي مد كفه الشريفة بيضاء ناصعة من كل سوء، لتلتقي مع أكف أشقائه في الحركة الوطنية.. فكان استقلال السودان باجماع الأمة من داخل البرلمان.. وكانت اللحظات التاريخية التي استحق بها الزعيم المكانة الرفيعة في قلوب جماهير أمته، كرمز ناصع من رموز الاستقلال، قدس الله سر زعيمي هذا اليوم العظيم، الزعيم إسماعيل الأزهري، والإمام عبد الرحمن المهدي.