في عز الليل.. ساعة النسمة بترتاح على هدب الدغش وتنوم أنا مساهر..» استمع إلى إذاعة ساهرون.. وسهرة الخميس مع شاعر التباريح.. «في عز الليل» أبقاني ساهرة لاستدفأ من برد الأيام بحميم الكلمات المغسولة بعطر البنفسج، المعطونة بفوح النرجس.. فارسٌ في الشعر أسرج خيل قصيده.. وسار بخيلائه وأخيلته الفريدة.. فاعتصر الأفئدة، وأعطب القلوب..! فترنح الكون نشوانا في حان غرامه.. بعد أن أوغلت «تباريح الهوى» الشجية حتى أقصى منافي العشق.. وسجن مظاليم هواه في أقبية الضياء المنيرة.. وظل يتأوه.. ويتعذب.. يتأرجح ويترنح «وحلو العيون» التي حيره صمتها قد أحس بأغيال الجُرح حتى آخر النصل فانداح دمه.. عنبراً ومسكاً.. عطراً وطيباً.. «وحاجات تانيه حامياني».. هو شاعر فريد.. جاء من رحم هذه الأمة.. مغايراً في شعره.. مجاهراً بروعته.. «حديث قديم».. في موهبته.. لم يأت من قصيرٍ باذخ.. إنما كان بيت قصيده «قصر الشوق» وفناء بيته «أمي الله يسلمك» ولوعة اشتياقه واحشني..! حتى الأطفال لم ينس أن تداعبهم نسمات أشعاره المستطابة.. «متشكرين ومقدرين يا مدرسات يا مدرسين».. «وقول قول صباح الخير..». صباح الخير من الدويم.. الذي ارتدى من نيلها الأبيض حناناً وحنيناً.. وشكلت بخت الرضا فيه استقامة عوده.. لكنها ألانت عريكته.. إلا أن شجرته الريانة أثمرت في «كلية القانون» التي جعلته يعرف كيف يدير معارك هواه.. ليس سوى لأنه مجروح مرتين آنذاك.. هل تراك حتى الآن عدد جراحك لم يتجاوز الاثنين..؟! لقد ظلت دراسته للقانون ودواخله المشبعة بالعاطفة الريانة ورؤاه المتسعة إلى خارج المدارات والحدود، تشكل بصمته الشعرية الفريدة.. «والله أيام يا زمان.. ببكي واتحسر عليك..»! هكذا كان يسترجع أيامه الخوالي المشحونة بعذاب الذكرى وطُر الألحان، لقد كان فرس رهان أعظم المغنين والمطربين الذين حبلت بهم أرض الوطن «زيدان إبراهيم- عبد الكريم الكابلي- مصطفى سيد أحمد- ترباس- محمد ميرغني- أبو عركي البخيت- صلاح بن البادية- سيد خليفة- سمية حسن وغيرهم».. لقد استبق «التجاني» الأبعاد القصية.. وباهت قصائده الضياء.. ولم تعقم أخيلته أن تنداح في حناجر شابة أمثال «تاور- وليد زاكي الدين- طه سليمان وغيرهم».. لقد أشعل بكلماته الدرر حريق الوجع..! وحين ما ضاقت بطموحه أرض السودان اختار جنيف لدراساته العليا في الملكية الفكرية.. كيف لا وهو «ملك الأفكار الجديدة»..! لقد اكتسب هناك مهارات إضافية.. وتوقيت مضبوط لايقاعاته.. وبعض جنون..! وبينما كان الأمين العام للمجلس الاتحادي للمصنفات الأدبية والفنية توارت الكلمات العاجزة الخالية من الابداع خجلاً من «ترف نبوغه» الرافل في تيه الابداع.. ü زاوية أخيرة: قراءة شعرية في ديوان التجاني حاج موسى.. حركت كامن الشجن وهوت بي حتى تخوم الصبابة..!!