ما من أستاذ جامعي الآن في السودان إلا ويتطلع إلى الهجرة يدفعه لذلك الحال الذي هو فيه من أوضاع اجتماعية لا تليق به وسياسات دولة لا تقدر الكفاءات ذات التخصص والتي هي عماد التنمية والتنمية الشاملة ، بلاد السودان تبذل كل مجهودها في تأهيل الأستاذ الجامعي ثم تقذف به إلى الهجرة حتى أصبح لسان الأستاذ الجامعي يقول: إني مهاجر ولماذا لا يغادر الأستاذ الجامعي ويترك طيب المنام كالقطا لولا المزعجات من الليالي لما ترك القطا طيب المنام. هنا في السودان طيب المنام، ولكن هناك مزعجات من الليالي تتمثل أن الأستاذ الجامعي المؤهل لأعلى تأهيل والذي صبر على طلب العلم عدة سنوات من الصفر الكبير إلى أن وصل إلى درجة محاضر ثم أستاذ مساعد ثم أستاذ مشارك ثم أستاذ ، بازلاً كل الجهد والسهر والكد والتعب وطلب العلا.. لسان حاله يقول من طلب العلا سهر الليالي... بعد كل هذا لا يجد لقيمات يقمن صلبه.. وهو يرى أن الأموال تتدفق على أناس لا يستحقون وهو يرى حوله في أنحاء العالم كيف تقدر الدول العلم والعلماء، الأستاذ الجامعي يسير وهو حافي القدمين من المشاوير ويطارد المواصلات حيث يضيع زمنه في الذهاب والإياب وهو يسكن الأطراف لأن سكنه مؤجر ولا يستطيع أن يؤجر براتبه الضئيل بالقرب من الجامعات، تأمل أيها القارئ حال الأستاذ الجامعي الذي درس حتى إنحنى ظهره وقرأ حتى كاد أن يكف بصره.. ما الذي لا يجعل الأستاذ الجامعي يهاجر وقد أصبح مستقبله ومستقبل عائلته يكتنفه الغموض وقد حبسته الدولة ووزارة التعليم العالي، لا هي أطعمته ولا مهدت له سبيل الهجرة لطلب كسب عيش حر.. والأدهى والأمر عند وقوف الأستاذ الجامعي أمام المسئولين ويطلب تأشيرة خروج يطالب بشهادة من الجامعة أنه مسموح له بالسفر، الأستاذ الجامعي في ظل بعض الظروف التي تقدم ذكرها ألا يحق له مغادرة الأوطان.. إن الإعلام لاسيما المقروء قد أوضح وشرح قضية الأستاذ الجامعي ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي. لقد أسمعت إذ ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي وقد ينفع نفخك في جمار ولكنك تنفخ في رماد ووضع الأستاذ الجامعي ينعكس في البحث العلمي وتأليفه لمناهج الجامعات والكتاب الجامعي الذي يكون مرجعاً للطلاب، فالأستاذ إذا ألّف وسهر الليالي وجمع المادة المتفرقة في المراجع لا يجد التشجيع والتقدير والمكافئ المادي ولا يطبع كتابه أو مؤلفه.. في حين أن المؤلف لكتاب في الجامعات العربية يقدر جهده ويكافأ عليه، قال أستاذ كان يعمل في دولة من دول البترول ان بيته الشاسع الواسع هذا قد تم بناؤه لأنه ألف كتاباً لطلبة في تلك الدولة .. معلوم أن النهضة لا تتم بالخطب السياسية والعنتريات التي ما قتلت ذبابة ولكن تتم بالعلم الذي يحمله أساتذة الجامعات فأين السودان من دعم التعليم العالي متمثلاً في دعم التعليم الجامعي، في الأستاذ وتهيئته للبيئة الجامعية يقال إن إسرائيل تدفع للتعليم العالي مجموع ما تدفعه دول جامعة الدول العربية لهذا التعليم. إن الأستاذ الجامعي لسان حاله يقول «اني مسافر ومهاجر»، إذا هاجر الإنسان عن أوطانه فإني إلى البلد الحرام مهاجر.. فالأستاذ الجامعي مهاجر لاسيما إلى البلد الحرام تدفعه إلى الهجرة المذلة وشظف العيش والتهميش وربما الأحساس بأنه هنا غير قادر أن يؤدي مهامه في البحث والتعليم الجامعي.. فياشعب السودان لا تلوموا الأستاذ الجامعي ولوموا أنفسكم وحكوماتكم المتعاقبة ا لتي لم تقدر العلم والعلماء حتى أصبح الأستاذ الجامعي لسان حاله يقول «إني مهاجر..إني مهاجر». أ. مستشار كلية الدعوة والإعلام جامعة القرآن الكريم أم درمان