لابد من تحية مستحقة لأبي عبد الرحمن الإمام الحبيب الصادق المهدي.. الرجل الخلوق والسياسي الذرب الحصيف.. الذي أنفق سبعة عشر عاماً من عمره المديد في السجون والمعتقلات مناضلاً ومكافحاً من أجل الحرية والديمقراطية لم تفتر له عزيمة ولم تلن له قناة.. ولم ينقطع تيار عطائه في أكثر من مجال فكري وأدبي وثقافي وديني وسياسي حتى إستحق بحق وحقيقة لقب المفكر الباحث.. سواء بسواء مع لقب رجل الدولة والسياسي الماهر.. الذي لم يزغ منهجه عن الشورى والديمقراطية.. ولا عن السماحة والإعتدال في أحلك الظروف.. شعاره قول الشاعر: ولا أحمل الحقد القديم عليهمو فإن كبير القوم لا يحمل الحقدا والحق أقول فإن الإمام هو عميد أهل السياسة في السودان اليوم.. وكبير أهل الفكر والرأي بما عبر عليه من وقائع وأحداث.. وما دقت على رأسه من طبول.. من المرارات والخبرات والتجارب.. وكلها إن كشفت عن شيء إنما تكشف عن إيمان بالديمقراطية بلا حدود وعن قناعة بالتداول السلمي للسلطة والحوار وقبول الرأي والرأي الآخر بصورة غير مسبوقة وتغليب المصلحة العامة - مصلحة الوطن ومصيره وثوابته ومكتسباته على أي مصلحة أخرى.. والسيد الإمام مغرم بالأمثال.. ومازلت أذكر مثله المعبر عند العدوان على أم درمان والذي شجبه بالصوت العالي دون الجميع.. وقد كان على مرمى حجر من داره إذ قال حينها:- «من فش غبينته خرب مدينته».. وأي مدينة هي.. إنها البقعة الخالدة أم درمان العامرة المحروسة بأهل الله.. والتي خطها الإمام المهدي باني دولة الشريعة.. وهو يرفع رايات النصر.. إلى أن لاقى ربه حميداً.. وترك في جنباتها الشعلة البيضاء الوضاحة بشعاراتها الخالدة «في شأن الله» والدين منصور.. وهو منصور حقاً وهي من إطلاقات المهدية المشهورة. الإمام الصادق في أفكاره وفي نهجه وفي إستبساله في سبيل الحرية والديمقراطية وفي أسلوبه الشوري الحضاري.. وفي إسهامه غير المحدد في كافة قضايا مجتمعه.. ومشكلات عصره.. ومسيرة أمته في أوسع أطرها وساحاتها.. لجدير بالتقدير.. وجدير بالتحية وخليق بالدعاء له بالصحة والعافية وطول العمر.. ومن حقه علينا أن نحييه في عيد ميلاده المديد ونقول له كل عيد ميلاد وأنت بخير.