تحسرت كثيراً للاهتمام الكبير والمستحق الذي يجده البرنامج الجماهيري (أغاني وأغاني) الذي يقدمه أستاذ الأجيال السر أحمد قدور على قناة النيل الأزرق خلال شهر رمضان الكريم، فقد تصدر هذا البرنامج الخارطة الرمضانية للقنوات السودانية لأربعة أعوام متتالية بدون أي منافسة تذكر، وينتظره الجمهور بكل لهفة كل عام الصغار قبل الكبار ليستمتعوا بحكايات السر قدور عن تاريخ الأغاني ومواقفه مع كبار الفنانين من الجيل السابق، وسرده لها بصورة جميلة ومدهشة ينطبق عليها شعار قناة روتانا (مش حتقدر تغمض عينيك)، بل زادت على ذلك، ولكن الأجمل من كل ذلك هي ضحكات قدور المجلجة في الحلقات، واستحق بذلك هذا البرنامج هذه المشاهدة العالية. ولكن تحسري ناتج عن حقيقة مرة ومؤلمة علينا الاعتراف بها، وهي تصدر هذا البرنامج للقنوات لأربعة أعوام متتالية، وذلك ينم عن ضعف كبير، بل عقم في الإعداد للقنوات الأخرى، فكيف يتصدر برنامج واحد كل هذه الفترة؟.. ألا توجد منافسة وروح طموحة لدى هذه القنوات لفرض برامجها على المشاهد السوداني وإجباره على تحويل (الريموت كنترول) من برنامج (أغاني وأغاني) وجذبه لبرامج مختلفة عنه في الفكرة والطرح؟.. أم أن إدارات هذه القنوات استسلمت لهذا الوضع واقتنعت بعدم جدوى مجارات البرنامج لاضمحلال وعقم أفكار معديها وضعفها على مجاراتهم؟.. أم أنهم أنفسهم يديرون (الريموت) عن قنواتهم لمشاهدة هذا البرنامج والاستمتاع به، حتى يئسنا نحن كصحفيين وفقدنا الأمل في هذه المنافسة المفقودة أصلاً، وأصبحت بذلك أخبار (أغاني وأغاني) تملأ صفحات الصحف وتهتم بأخبار نجومه القدامي والجدد، ليس ذلك فحسب، بل حتى تصوير آخر بروفات حلقاته. وأنا أضع اللوم أيضاً على إدارة قناة النيل الأزرق، ليس لسحبها بساط رمضان من القنوات الأخرى الذي تستحق عليه الإشادة والتقدير، ولكن للتركيز الكبير على هذا البرنامج بصورة خاصة، الشيء الذي نخاف أن ينعكس بصورة سالبة على بقية برامج القناة الأخرى كما حدث في عدد من البرامج في الأعوام السابقة، وحتى لا تكون قناة البرنامج الواحد، لذلك على قيادتها تدارك ذلك مبكراً. واذا ظل هذا الوضع بهذه الصورة العقيمة بهيمنة هذا البرنامج لسنوات أكثر من ذلك، نقترح على إدارات قنواتنا بضرورة استجلاب معدين من الخارج أو استقطاب معدين لديهم القدرة على الإبتكار والتجديد لجذب المشاهدين إلى شاشاتهم حتى تنتبه هذه القنوات لهذا العقم الكبير. وهنا لا أنسى مجهودات قناة هارموني الكبيرة بقيادة ربانها الأستاذ الجعيلي، بسعيه المتواصل للتفرد والتميز رغم قلة إمكاناته وإصراره على المواصلة ومعانقة النجاح، وخروجه بشكل مختلف في شهر رمضان عبر برنامج (بنات حواء) الذي نتوقع أن يحظى بمشاهدة عالية لضمه كوكبة من أروع وأجمل الأصوات النسائية في الساحة أمثال حنان بلوبلو وحرم النور وإنصاف مدني ورائدة الأغنية الشعبية النسائية حواء الطقطاقة، فهذه الأصوات إن لم تنافس (أغاني وأغاني) فاعتقد أن الجمهور سيدير الريموت من البرنامج في فواصل الغناء النسائية فيه لضعفها وقصر تجربتها، فقد تم استجلاب مطربات فيه لا نشاهدهن إلا في هذا البرنامج من عام لعام، ويتجه للاستمتاع ببرنامج (بنات حواء).