أعود لأمسك بقلمي مجدداً لاكتب في هذا الموضوع الخطير والخطير جداً.. أكتب لعناية السيد رئيس الجمهورية بعد ان صمت الجهات ذات المسئولية المباشرة والاختصاص آذانها عن هذا الخطر الداهم الذي أعتبره الحرب الكبرى، التي تستهدف كيان الوطن من داخل وتصيب قلبه النابض الذي صد الإنسان المعزز المكرم وتهدد الوطن بسلاح أخطر وأفتك وأشرس من الدبابات والصواريخ لأن هذه الأسلحة يمكن رؤيتها ومواجهتها أما هذه فتنهش في القواعد والساس في خطاء. سيدي الرئيس.. عندما يكون المرض هو العدو فإن الخطر يبدو كبيراً وعندما يكون الخطر هو الايدز يكون الأمر أكبر.. الايدز منذ ظهوره عرف بطاعون العصر لأنه سريع الإنتشار وبالغ الخطورة وهذا ما دعاني لتأسيس الجمعية السودانية الشعبية لمكافحة الايدز وتلوث البيئة وتشرفت برئاستها ورعايتها ودعمها منذ العام (2003) وتكفلت بكل نفقات برامجها وعملت مع أبنائي في الجمعية على محاربة الأيدز في كافة الأصعدة وبكل وسائل التوعية والإرشاد وتوجهت للمدارس والجامعات والمؤسسات المدنية والعسكرية وحركت القوافل إلى الولايات وعقدت الورش والمعارض والمحاضرات وكتبت في الصحف المختلفة وساءني دائماً أن مايبذل في سبيل محاربة المرض لا يتوافق مع خطورته وكيفية إنتشاره حتى إني أضربت عن الطعام في العام (2006) إحتجاجاً على قصور سبل المكافحة وضعفها من جهات الاختصاص وكتبت كثيراً ناقداً الدور الرسمي وانصراف الرأي العام المؤثر عن هذا الموضوع بما فيه الإعلام المرئي والمسموع الذي لا يذكر الايدز وانتم إلا في المناسبات كاليوم العالمي للايدز وخاطبت السياسيين والقوى السياسية وقلت لهم إن الشباب يواجه خطر الايدز في شغل عنه ولا يههتمون به إلا في حملات الانتخابات ونقدت رجال المال الذين يهتمون بالأيدي العاملة ولا يعيرون سلامتها أدنى اهتمام وكتبت لأولياء الأمور وأئمة المساجد ومديري الشركات والمؤسسات الإنتاجية راجياً منهم دعم التوعية وبرامج المكافحة للحفاظ على سلامة وأمن المجتمع في فئاته الشبابية التي هي ذخيرة التنمية والانتاج ولكن دون جدوى أقول ذلك الآن وأعود لانتقد هذه الأدوار لأن نسب الإصالبة بالمرض في إرتفاع وتزايد كبير ولأن الخطر أصبح داهماً ويهدد بوضع وبائي ووقتها لا شيء يفيد نعم أن أصرخ بملء فمي أن الأيدز هو العدو الأول لأنه عدو سري، عدو يفتك بصمت وإذا رأينا ما فعله ويفعله بدول في قارتنا هذه لأذهلتنا الحقيقة فهناك أقطار أصابها الشلل والكساح بعد أُصيبت بنيتها الشبابية وتعطل فيها الإنتاج، ولم تعد ميزانياتها تكفي بعد ذلك في توفير رعاية المصابين أو دعم مشاريع المكافحة.. كلنا يعلم ما فعله الأيدز في دول جنوب القارة فلماذا نتراخى ونصمت وإذا تحركنا نتحرك ببطئ ومحدودية. لقد قلت إن السودان يحترق وكنت أعني خطر الأيدز والآن تبدأ المزيد من الحقائق في الظهور لقد جاء في وسائل الإعلام أن نسبة الأيدز في ولاية الخرطوم في تزايد وهي مركز العلم والإستنارة فإذا وضعنا ما صرحت به وزارة الصحة ولاية الخرطوم «جريدة الصحافة 28 ديسمبر» لحقيقة واقعية فإن ارتفاع نسبة الإصابة بما يفوق ال (17) ألف حالة فإن ذلك يبدو تصاعداً مريعاً.. وعادة ما تكون النسب المكشعة رسمياً أقل من الحالات المفترضة، ألا يبدو هذا مخيفاً وماذا عن بقية الولايات خاصة الحدودية منها ولن نذهب بعيداً فإن ذات المصادر أكدت أن ولاية القضارف تشهد أعلى معدلات الاصابة بالسودان بتسجيل «800» حالة في ستة أعوام.. فأي عدو يمكن أن يفتك بمعدلات كهذه أسوأ وأفجع مما يفعله الأيدز وهل ستجعلنا هذه الأرقام المفجعة ان نفيق من سباتنا لنواجه حقيقة هذه الأوضاع ونترك التراخي والاعتماد على الدعاية المحدودة والحرب الكلامية واقتصار اهتمامنا بالايدز في المؤتمرات واحتمالات اليوم العالمي للايدز. في عام «2007» حركت قافلة تحت شعار «قافلة الرحمة» إلى ولاية القضارف وقضت زهاء الاسبوعين، وصلت خلالها إلى مدينة «دولة» الحدودية التي لم أجد من مسؤولييها سوى الكلمات بينما لم توفر لقافلتي حتى استراحة للجيش لقد صرفت هناك «3» ألف جنيه وخمسمائة وكان التجاوب الرسمي مع الحملة لا يوازي حجم الفكرة والدوافع التي حركتنا إلى هناك ومثل ذلك حدث في قافلة مصانع السكر السودانية التي لم توفر لنا المستهدفين من العمال والفنيين بسبب انشغالها بالانتاج. لقد أنجزت جمعيتي الحملة ا لكبرى «2008» التي استهدفت مواطني ولاية الخرطوم في احيائها وأسواقها ومناطقها الطرفية ووصلت إلى «2» مليون مستهدف لأننا نؤمن بإن الاتصال المباشر والوصول لشرائح المواطنين في أماكنهم يحقق الأثر المطلوب وعقدنا ورش للحلاقين وورش لبائعات الأطعمة والشاي وغيرها متخطين الطريقة التي تتبعها الجهات المسئولة في المكافحة والتي تنفق الكثير من الميزانيات ولا تصيب النجاح المطلوب ونحن إلى ذلك نؤكد أن الفئات الشعبية تعوزها المعلومة المباشرة السريعة والوسائل الشعبية والخطاب المفهوم وهذا لا يتحقق إلا عن طريق النزول إلى أماكنهم ولهجاتهم المتداولة. الآن إذا كانت نسبة الإصابة في إرتفاع فإن ذلك يؤكد ضعف الوسائل وقصور الاتصال ويؤكد أكثر أن موضوع الايدز حتى بالنسبة للمسئولين وجهات الاختصاص لا يمثل الهم الأكبر وهذا يدعوني وأنا أخاطبكم سيدي الرئيس للمطالبة بوضع الأيدز في أولويات الهموم الصحية وتوجيه أصحاب الاختصاص بتفعيل النشاط والجهد وترك القاعات والورش المحدودة الأثر إلى تكثيف الإعلام عبر الوسائل المؤثرة في الإذاعات والقنوات المرئية وإعلان التعبئة ضد هذا المرض الفتاك على كافة الأصعدة والمستويات. أرجو سيدي الرئيس وتحت عنايتكم الخاصة أن توجهوا اهتمام كل الهيئات العاملة في الحقل الصحى للإستنفار والتوجه إلى ميدان الحرب فهذا العدو خطير وعليك الكثير من المداخل وبذلك يمثل التهديد الأكثر خطوره على مجتمعنا ونحن نتوق إلى جمهورية جديدة تكون التنمية فيها هي الهدف الرئيسي ولا يمكن أن يتحقق هذا الهدف إذا لم يكن هيكل المجتمع معافى من الأسقام. فلا تدعوا السودان يحترق في صورة شبابه وناشئيه فهؤلاء هم عماد الراهن وأمل المستقبل.. إنهم أجيال التواصل للسودان الحبيب عقول وسواعد خضراء في سكة الانتاج والعمل النافع. ولكم فائق التقدير والله ولي التوفيق ü رئيس الجمعية السودانية الشعبية لمكافحة الايدز