صفاته الإبداعية كثيرة ، تميّز في كل واحدة منها على حدى ، فهو شاعر من طينة الكبار .. ولا يشق له غبار، درامي مميز جداً ، وضع بصمة واضحة في المسرح السوداني لها أثر بالغ أشعلت الانفلات ، إنه الدكتور عز الدين الهلالي هذا الاسم الكبير الذي خصمت منه الغربة الكثير. آخر لحظة) كان لها السبق في الجلوس إليه في حوار على غير العادة ، أبدى فيه هلالي كل آرائه بشجاعة وبكل صراحة يحسد عليها في هذا الزمان.. فلنطالعها سوياً.. هلالي منصرف عن كتابة الشعر واختلطت عليه الأمور ما بين المسرح والتقديم البرامجي قديماً مما أثر على مسيرته الشعرية؟ - هذا كلام صحيح وأنا أعترف بذلك ، وكذلك كان للإغتراب الطويل خارج الوطن تأثيره ، ولكن أنا أقضي وقتي كله ما بين الشعر والمسرح بالتناصف ، وأضفت لهم مؤخراً التلحين، وبصراحة الأمور (جايطة) شوية. يقال إنك فشلت في التقديم التلفزيوني في ثمانينيات القرن الماضي؟ - بالعكس تماماً فقد حققت نجاحات كبيرة والدليل على ذلك حلقة (سهرة مع زيدان) مازالت منتشرة حتى الآن، ولست فاشلاً وأستعد الآن لتقديم عدد من البرامج في الإذاعة والتلفزيون. بصراحة.. هلالي تعاون مع عدد من المطربين ولكن كان تركيزك على الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد ، وماتت أشعارك بوفاته ولم يعد لك أي وجود في الساحة الفنية كحال العديد من الشعراء أمثال أزهري محمد علي؟ - أولاً أنا كنت شاعراً قبل ظهور مصطفى سيد أحمد ، ومصطفى لم يقدمني للناس حتى تموت أعمالي الغنائية ، بدليل أن أعمالي معه لم يسمعها الناس حتى الآن ، والسبب في تركيزي على التعامل معه أننا كنا زملاء في المعهد وبصراحة أكثر لولا أسباب الغربة خارج البلاد لما تعامل مصطفى سيد أحمد مع الشعراء الحاليين. بصراحة شديدة.. أنت متهم بالشيوعية ومعارضة النظام..؟ - ضحك وقال: هذا إتهام جميل ، وبعض التهم لا يستطيع الإنسان أن يدفعها عن نفسه لأسباب كثيرة ، فهل من يقف مع الضعفاء والفقراء شيوعي..!! فالفنان هو نصير الفقراء فاذا واكبت أفكاري المطروحة برامج الأحزاب المعارضة وتبنتها فلا مانع لدي ، ولكنه لا يعني بأنني أنتمي لحزب معين ولم ألتزم تجاه حزب سياسي طوال عمري لأن الفنان أكبر من كل الأحزاب ، وأنا ضد أن يقيد الفنان نفسه بأفكار حزبية. مقاطعاً.. ولكنك إشتهرت في أوقات سابقة بمعارضة الأنظمة الحاكمة والدليل على ذلك مسرحية (إنقلاب للبيع) التي كانت بمثابة النبوءة في الكتابة المسرحية نبهت للإنقلاب الذي تم بعد عامين من تنفيذها؟ - أنا ضد الانقلابات والحكومات العسكرية تماماً حتى الآن لأنني مؤمن بالديمقراطية التي لم تجد الفرصة في السودان حتى تتطور وتزدهر، وأحببت عبر هذه المسرحية تنبيه الأحزاب في تلك الفترة أن الخط الذي تسير فيه سوف يؤدي إلى انقلاب ، وتم ذلك .. والغريبة أن الأسماء المكتوبة في المسرحية هي نفسها التي قامت بالانقلاب واعتقدوا بأنني ضمن كوكبة الانقلاب ولكنها محض نبوءات فنية. هل تعني بأن المسرحية كانت محض صدفة ولم تساهم في الإنقلاب في تلك الفترة؟ - ليست صدفة.. ولكنني قرأت الساحة تماماً وعلمت بأن هذا الطريق يؤدي إلى إنقلاب عسكري ، وكانت بمثابة تنبيه وليس تحريض ، وتم إيقاف المسرحية وقتها بدلاً من دراستها. عفواً.. هل تعني بأن الدراما يمكن أن تشعل ثورات الربيع العربي؟ - الدراما لا تحدث ثورة ولكنها ترفع درجات الوعي للشعوب لمعرفة مصالحها ، فالدراما تمثل الشرارة الأولى للثورة. بصراحة.. ديوان (دعاء الخروج من الزنزانة) و(عالم غلط وأشياء أخرى) و(عرض حالات البلد) هدفت من خلالها إلى معارضة النظام الحاكم الآن؟ - هي معارضة لتوجهات النظام الحاكم الآن ، فأنا ضد الإسلام السياسي والانقلابات العسكرية حتى ولو جاءت بكامل الرفاهية لأنها في النهاية تأتي على حساب القهر، ولكن هذا لا يعني بأنني ضد الوطن. مقاطعاً.. هل تعني بذلك أنك معارض للنظام الحاكم الآن؟ - أنا ضد الأنظمة العسكرية ، ولكن النظام لديه توجهات معينة تخدم الوطن فلست ضدها فأنا لست سياسياً حتى أعارض ولكنني فنان أطرح أعمالي لمعالجة الأخطاء الموجودة ، فإن وجدت القبول عند النظام الحاكم فلا مانع لدي والعكس ، فالحكومات هي التي تتبنى أفكاري التي أطرحها ولا أتبنى أفكار الحكومات. لديك العديد من الدراسات عن المسرح منها (المسرح السوداني الخبر والمبتدأ).. مارأيك في واقع المسرح اليوم؟ - المسرح لا ينفصل عن الواقع السياسي الذي تحدثت عنه لأن الفنون تتطور من خلال التواصل ، والانقلاب العسكري يقطع هذا التواصل وبالتالي تبدأ الفنون من الصفر، وعمر الفنون بالسودان بعمر الانقلابات العسكرية ، ولأجل هذا التواصل لم أرفض إنضامي للجنة التحكيم لمهرجان أيام الخرطوم المسرحية. أنت عضو في لجنة التحكيم بمهرجان أيام الخرطوم المسرحية.. هل الثمانية عروض المقدمة تسهم في تغيير واقع المسرح السوداني..؟ - بصراحة المهرجان به خلل في الترتيب ويفترض أن يكون هناك موسم مسرحي حتى تخرج منه أفضل الأعمال ، ومن ثم يتم إختيار الأعمال التي تعرض في المهرجان ، وبصراحة أكثر فهو مهرجان متخلف جداً جداً وسببه إنقطاع التواصل في المسرح من قبل ، فالمهرجان الحالي لن يغير مشاكل المسرح إطلاقاً ولكنه يعيد لذاكرة الناس وجوده ، لذلك ندعو لأيام السودان المسرحية. مقاطعاً.. هل تعني بهذا الحديث الساخن أن هذا المهرجان لم يخطط له بالصورة الصحيحة؟ - لا ، ولكن الظروف التي خطط فيها للمهرجان كانت صعبة لآن الناس وأهل الدراما في شد وجذب حتى الآن ، فهل الدولة ووزارة الثقافة الاتحادية موافقين على قيام هذا المهرجان ؟ ومتخوفين أكثر من أن تسحب الوزارة يدها منه في أي لحظة. ولكن المهرجان ظهرت عليه بوادر الفشل قبل بداية إنطلاقه وتأكد ذلك من خلال الحضور الباهت والضعيف له؟ - ليس ضعيفاً ، ولكن بصراحة الحضور لا يتناسب مع المسرح السوداني الذي كان ، بالإضافة إلى غياب الاهتمام بالتجويد في المهرجان وغابت عنه كل المواصفات المحددة مثل التقديم والأسس ولا أدري لماذا ، بالإضافة إلى الضعف الإعلامي الواضح. لديك دراسات بعنوان (المسرح المدرسي رؤية جديدة).. هل تحلم بانزالها إلى أرض الواقع لينصلح حال المسرح؟ - أولاً أشكرك يا عبد الرحمن لمتابعتك لأشياء ما كنت أعتقد بأنها متابعة في السودان، هذه المسألة إنتبه إليها حاكم إمارة الشارقة بأن المسرح المدرسي هو بداية نهوض الدراما المسرحية ، وأوفدني لعدة دول عربية لتأسيس مسارح مدرسية والخطوة القادمة هي السودان. رأيك في الساحة الغنائية السودانية الآن؟ - متوسطة ، الفنانين الشباب يرددوا أعمال لا ترتقي للمستوى ، ولكن لا ننكر أن لديهم حضور جميل ولكن مشكلتهم تكمن في اختيار المفردة ، وللأسف الشديد لغة (الرندوق) أصبحت سائدة في الساحة الغنائية وهذه مأساة كبيرة بل أحياناً أجدها في خطابات سياسية ، فهل أصبحنا نتحدث عربي الرندوق. بصراحة.. أنت ضد الفنانين الشباب وأدخلت عدد منهم إلى ساحات المحاكم؟ - أنا مع الشباب فمن يريد أعمالي عليه أخذ الإذن حتى أحتفظ بحقوقي، وكل من أدخلته إلى ساحات المحاكم تغنى بأعمالي تجارياً وتكسب منها مادياً. توقيعات ساخنة على دفتر الحوار:- ü الدولة كانت ضد الفنون وسمحت بعد ذلك بالغناء وركزت عليه ولا أدري إن كان ذلك شعور بالذنب وتكفير عنه أم ماذا!!، ولكن ليس هناك أي إهتمام بالمسرح وعلاقة الدولة به ضعيفة وسوف أدافع عن عودة الدراما قوية كما كانت. نريد أن تُخرِج الكليات ممثلين ومسرحين وليس حفظة كتب من حملت الدكتوراة المنظراتية فقط. سخرتُ خبراتي لخدمة المسرح وليس النظام الحاكم ، وإذا كان يهتم بتطوير المسرح فنحن على إستعداد لخدمته. مجلس المهن الموسيقية والمسرحية هضم حقوق الشعراء بإستبعادهم من هذا المجلس ، ويجب ضمهم للمجلس. أنا غير ملم بمشاكل إتحاد شعراء الأغنية السودانية وأحترم محمد يوسف موسى جداً، وبصراحة أكثر لا أعرف شخص غيره في لجنة ومجلس الإتحاد ، ويجب دخول الشعراء الشباب للإتحاد. مقولة (سمح الغناء في خشم سيدو) ليست صحية ولكن (سمح الغناء في خشم البنجضوا كويس) فهناك فنانين كبار أضاعوا رونق العديد من الأغاني وجاء شباب بعدهم رددوها بطريقة أجمل منهم بكثير مثل الفنان محمود عبد العزيز، بمعنى أن الإضافة مطلوبة مع الإحتفاظ بحقوق الآخرين. شرط الساعة والنصف في مهرجان أيام الخرطوم المسرحية ظالم ويمثل خطأ كبير لم ينتبه له الممثلين الشباب وليس له أي معنى. يجب أن تكون هناك مسابقات للتأليف المسرحي حتى لا يموت الكاتب السوداني. الغربة خصمت مني الكثير وحجبت صورتي وليس إسمي وسوف أعود لمكانتي السابقة.