المسرحي والشاعر عز الدين هلالي لفنون " السوداني": "أكل العيش"جعل النكتة تتصدر المشهد الدرامي في السودان! ارتفاع نسبة الفاقد التربوي في مجال الفن يجعلنا نحرث في البحر أجراه: صلاح الدين مصطفى تصوير: سعيد عباس عاد الدكتور عز الدين هلالي من مهجره بالامارات قبل أكثر من شهرين ،وذلك من أجل الاستقرار النهائي بعد غربة استمرت 17عاما، وشارك هلالي في لجان تحكيم مهرجان أيام الخرطوم ويستعد للالتحاق بكلية الموسيقى والدراما، وهلالي ،إضافة لجهوده في مجال المسرح والدراما ،شاعر يكتب القصيدة السودانية طاعمة الملامح ،لذلك فهو من شعراء الاغنية المميزين .. في هذه المساحة قلّبنا معه بعض الاوراق في المشهد الفني. 17عاما غربة ماذا خصمت وماذا أضافت إليك؟ الغربة خصمت مني الكثيرعلى الرغم من بعض ما يبدو أنه مكاسب، مثل التخصص في المسرح النوعي ، وتأليف بعض الكتب ، فقد فقدت عزالدين هلالي الممثل ،المخرج، والمؤلف المسرحي، وقبل كذلك ،الوجود داخل مسرح الابداع وملامسة حساسية الجمهور ..واشياء اخرى كثيرة. شهدت مهرجان أيام الخرطوم المسرحية ،ماهي ملاحظاتك الاولية؟ المهرجان يعتبر قفزة ،حيث لاتوجد ممارسة اجتماعية للمسرح، بمعنى عروض منتظمة.. لكن رغم ذلك فقد افرز المهرجان عدة ملاحظات منها وجود ممثلين ممتازين، وشباب يحب المسرح، ولا تنقصهم سوى الممارسة الاجتماعية للمسرح، صحيح أن عدم وجود موسم مسرحي جعل المهرجان معلقا في الهواء ،لكنه افضل من الغياب التام .ووجدت الوزير السموءل خلف الله يبذل جهودا مقدرة والرجل – في جماعته - هو الاقرب للشأن الثقافي لكن إحدى زوايا المهرجان كانت مظلمة وأقصد حجب الجوائز الثلاث الاولى في التأليف؟ أنا ضد حجب الجوائز في مجال الفن ،ولايمكن ان نضع سقفا عاليا لممارستنا الابداعية، فالاول في الفن هو الاول ويجب أن ينال هذه المرتبة، ومن الظلم أن نقيس – الوضع هنا- بما كتبه شكسبير. ولكنه في النهاية رأي اللجنة التي لم أكن من ضمن أعضائها. كيف تنظر الى غياب الدراما السودانية على كافة المحاور؟ هذا الغياب تكلفته عالية جدا وله نتائج سالبة ملموسة ،فالدراما هي الشريان الحقيقي الذي يغذي الهوية ويرسخ السلوكيات سواء اكانت سالبة ام موجبة ولايمكن ان نغذي ثقافتنا –هويتنا بثقافة مجتمعات اخرى، وفي تقديري أن كل مبررات غياب الدراما السودانية غير مقبولة، فنحن قادرون على غزو اسواق كثيرة من حولنا مثل ليبيا ،تشاد ،العراق وغيرها وقد حدث هذا بالفعل.ونحتاج أن نجعل الانتاج الدرامي هما للجميع وليس هناك شيء مستحيل. ألا تعتقد أن الدراميين لديهم دور في هذا الغياب؟ الدراميون يحتاجون لممارسة النشاط اكثر من اية فئة اخرى،هنالك فئة لا تستطيع الانتظار دون عائد مادي ،وهذه اتجهت الى مهن اخرى .وهنالك من يلقون باللائمة على الوضع السياسي ،واقول لهؤلاء إن الفن قادر على التعبير عن قضايا وحياة الناس مهما كان بطش النظام السياسي وفي مصر لاتوجد ديمقراطية لاكثر من 60عاما ورغم ذلك تسيدت مصر الساحة العربية. نحن نحتاج لارادة قوية تنتزع الامكانيات ولا تنتظر الهبات ويجب ان يستخدم المبدعون الرمز في التعبير عن رؤاهم ولا يغرقون في المباشرة الفجة. لكن الانظمة الشمولية تحارب الفن الجاد وتتيح الفرصة للفن الضعيف المبتذل؟ المشكلة ليست في الانظمة على الدوام،"أكل العيش" هو اكبر مشكلة وإيمان الفنان بقيمة ما يقدمه .. النكات تمثل بداية الفعل الدرامي في الحلة بدءا من قعدات عامود النور، لكن ان تصبح النكتة عماد العمل الدرامي في التلفزيون هذا هو الخلل.. وصدقني ان أكل العيش هو الذي جعل هؤلاء الموهوبين يلجأون لهذا الاتجاه ،ومتى ماعادت الاوضاع لطبيعتها لدينا مواهب متميزة تستطيع تقديم دراما جيدة وتنافس في كل مكان . ننتقل الى محور الشعر،ماذا لديك من الاغنيات الجديدة؟ لدي شعر مثير وهو من الحاني ايضا، وقد اكتشفت ان افضل شيء هو ان تلحن اعمالك اذا كنت تمتلك موهبة التلحين ،وسوف اطرح نفسي ملحنا في المرحلة القادمة واستطيع القول بأنها الحان مختلفة، ومن الاغنيات القادمة "مابتدي حريف" للفنان وليد زاكي الدين، وهنالك اعمال لشريف الفحيل،ايمان توفيق، والعديد من المطربين. هل تعني انك سوف تسهم في إعادة ترتيب الساحة الغنائية؟ الخلل الموجود في الساحة له عدة اتجاهات، اجتماعية، ثقافية ومعرفية ،والامر يحتاج لمجهود جماعي ومؤسس. الاصوات الجميلة موجودة المشكلة في السلوك وللاسف ارتفعت نسبة الفاقد التربوي في مجال الفن .كل فنان محتاج لمؤسسة تقف معه وتضع له خارطة الطريق واذا لم يحدث ذلك فسوف نحرث في البحر. هل أنت متفائل بالاصلاح في مجال الدراما والموسيقى؟ كل شيء ممكن، فقط يجب القضاء على الجهل النشط... وهو "حايم" في كل مكان.