العامل المشترك لكل ثورات الربيع العربي التي أطاحت بالأنظمة التي ظلت جاثمة على الصدور لعشرات السنين وسابحة في بحار الفساد والإفساد، هو أنها تمت جميعها بأيدي شباب عبر تضحياته وإصراره على تغيير الأوضاع جذرياً. يلاحظ أن الشباب الذي قاد هذه الثورات فرض رؤاه على الأحزاب التي ورثت الأنظمة، ولعلمها تريد بذلك إرسال رسالة تقول «للشيوخ»: أنتم من أعطى تلك الأنظمة الفرصة لتنمو، وخلقتم منها تلك الهالة الأسطورية التي جعلت النظام يتصرف وكأنه سيعيش أبد الدهر.. المطلوب الآن دم جديد وأسلوب جديد لإدارة الحزب». شهدت هذه الفترة حراكاً شبابياً داخل أروقة الأحزاب طفت على السطح في شكل احتجاجات شبابية تشن هجوماً على قادة الأحزاب ابتداءً بهتافات شباب حزب الأمة الرافضة لمبدأ الصادق المهدي في التعامل مع النظام عبر ما سماه بالجهاد المدني.. ولم يسلم الشيخ الترابي رئيس حزب المؤتمر الشعبي من تصريحات شبابية على لسان الطالب الذي شن هجوماً على شيخه. وكذلك فإن المتأمل لانتقامات الاتحاديين في قضية المشاركة، يلاحظ أن الشباب الاتحادي ينظمون ندوات آخرها «ندوة الكدرو» كاعتراض واضح على المشاركة وأسلوب ا لمشاركة عبر لجنة لم تشركهم في القرار كقواعد للحزب فعاله وموثرة. وما يحدث من خروج أفكار علمانية تنادي بتغيير وتضع رأياً واضحاً في «الماركسية» ونظرية «العدالة الاجتماعية» يدل على أن الحزب الشيوعي بدأ هذه الثورة سواء كان ذلك عبر الانشقاقات وتكوين أحزاب تعبر عن جيل غير جيل «نقد». ولم يسلم المؤتمر الوطني كحزب حالم من هذه الثورات الشبابية، فظهور المذكرة التصحيحة التي أثارت هذا الجدل الواسع «للأخوان» وغيرهم، فإن من خلفها شباب أراد التغيير و التصحيح، الأمر الذي صرحت به قيادات في المؤتمر الوطني بأنها «مذكرة شبابية». هل هذا ربيع شبابي لن يخرج من ميدان التحرير، لكنه سيخرج من دور الأحزاب ويرى مراقبون سياسيون أن أهم نتيجة للثورات الشبابية أنها كلها تتم على أيدي سياسيين محترفين لهم القدرة على المساومة والميل إلى التعايش مع الأنظمة الفاسدة الخاضعة للاستراتيجيات العالمية.. في مصر مثلاً أن المعارضة وبرغم رفضها للنظام إلا أنها كانت دائماً على استعداد لمساومته والاقتناع بفتات الموائد، على أساس أن النظام قمعي.. أحدث الشباب تغييراً في فكر المقاومة وبالتالي في فكر إدارة هذه الأحزاب ورؤاها.. وقد انعكس ذلك على شباب أحزابنا الذين كانوا دائماً على الهامش كل مهامهم الاحتشاد في الليالي السياسية وتننظيمها وترك ا لأمور الفكرية للشيوخ الذين بلغوا السبعين ومارسوا السياسة احترافاً في كل العهود.. وتوقع المراقبون أن يقتحم الشباب كل الأمانات في المؤتمر الوطني وبعد السيطرة عليها سيتجهون ناحية قضايا الشباب الحقيقية البطالة.. صعوبة الزواج.. الغلاء.. تخلف الأجهزة الإعلامية التي يديرها فكر متخلف.. أما الأحزاب الأخرى فهي تعيش حالة الانقلابات الشبابية هذه منذ فترة رافضة أدت إلى أنشقاقات داخلها وأهم نتائج هذا الحراك أن الانتخابات القادمة ستشهد وجوهاً شبابية تعقبها وزارات شبابية وستكون نهاية المرحلة.