التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفير السودان الأسبق بطوكيو.. واشنطن.. والهند في حوار خاص

السفير خضر هارون أحمد بحكم عمله الدبلوماسي الذي يضعه تحت الأضواء وهو من الذين لايهتمون بابراز دورهم تمهيداً لأخذ المقابل من سلطة وثروة.. وهو من الذين لايعرف دورهم الكثير، لأنهم ظلوا دائما تحت الظِّل وفي الصفوف الخلفية اختياراً، وحتى عندما تتطلب المرحلة تكليفهم بعمل تنفيذي ظلوا بعيداً عن صراعات المناصب وأضواء الإعلام المُبهرة.. يذكر أن خضر هارون تقلد منصب سفير السودان بطوكيو..واشنطن.. والهند.. وفي هذا الحوار يدلي بما وصل إليه بتامله الطويل العميق للتجربة الاسلامية ومستقبلها:
ما تعليقكم على المذكرة التصحيحية؟
-لن أعلق على المذكرة لأني لم أقرأها، لكن أعتقد أن تفكير البعض لاعادة النظر في بناء جديد للتنظيم الذي أخذ 50 سنة في بنائه.. وسيأخذ 50 سنة أخرى حتى يستطيع أن يأتي بالجديد، لذلك فمن غير المعقول أن يُختزل هذا التاريخ، والمفروض هو أن تكون الرؤية واضحة ومحددة، وإذا كان الاسلاميون يقصدون التجربة التركية كنموذج فهو نوع من الاجتهاد الجيد، والآن هناك أحزاباً وحركات في أوربا تحمل مسميات دينية لكن عملياً لايمكن أن نطلق عليها «أحزاباً دينية» بالرغم من وجود كلمة مثل «الحزب الديمقراطي المسيحي» في ايطاليا والمانيا، و«حزب المحافظين» في بريطانيا، والحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية كلها أحزاباً تستند في النهضة والتطور والانطلاقة والاستجابة لمتطلبات العصر من التراث المسيحي المميز لهوية هذه الشعوب، والمفترض أن تكون هناك أحزاباً ذات اطر واضحة تقبل عدداً كبيراً من الناس في اطار اسلامي عربي دون الحديث عن أي قوانين، اضافة إلى أن يكون هناك قبولاً للتداول السلمي للسلطة لأنها من أهم القضايا التي تواجه الاسلاميين،.. فلنفرض إنك جاي وحتعمل الشريعة الاسلامية.. لكن سقطت وجاء حزباً علمانياً.. هل ستلغى القوانين؟!
والآن شعارات الغنوشي في هذا الاطار، لكن التجربة هي المحك والحديث الذي يثار حول أن الفكر الاسلامي لم يضع أُسساً ويبلور فكرة ليتواءم مع الظروف، الاسلام موجودٌ منذ القِّدم وحكم نفسه متوائماً مع الظروف الموجودة في ذلك الوقت.. ووجود الوحي، والآن انقطعت بيننا وبين التراث ولم نطوره حتى الآن. فنحن حزب اسلامي ديمقراطي، اسلامي فنقصد بها أن ينطلق من الاطار الاسلامي، وديمقراطي نعني بها الديمقراطية بمعناها الشامل، وأنا أؤمن بالتداول السلمي للسلطة واختياراً الشعب السوداني للتجربة الاسلامية، الآن ايران مثلاً ليست بعيدة عن روح الحضارة الفارسية حتى لدى الاسلاميين، ومن خلال قراءتي وأحترم قراءة الآخرين هذه هي التحديات التي توجه التجربة الاسلامية المتمثلة في كيفية عمل نظم حكم متناغمه مع العصر وكفل حق المواطنة للجميع، وأن لا تغفل تجاربنا المستمدة من العصر الأطار الثقافي.
في تقييمك أين تقف التجربة الاسلامية في السودان.. هل فعلاً كما يردد البعض أصبحت نموذجاً يحتذى به في النجاح؟
-هي تجربة جيدة للاعتبار للآخرين ويمكن الاعتذار للتجربة الاسلامية في السودان هو أنها واجهت تحديات كثيرة داخلية وخارجية وحرب في الجنوب، لكنها عانت من دخولها مجال التطبيق ولم تكن هناك رؤية حقيقية كاملة، ولكن هناك سؤال مهم.. التجربة الاسلامية تحت ضغوط واخطار محدقة بالوطن.. متمثلة في الخوف من حركات التمرد التي بدأت تطرق أبواب الشمال وتحاول الاستيلاء على مناطق به..
هل هو السبب الذي جعلها تقفز لتحفظ البلاد أم كان لديها برنامجاً للحكم؟
أنا أفتكر لم يكن لديها برنامجاً للحكم وهذا مشروع «هلامي» ليس به محددات واضحة وأعتقد أنها تعاني مما يعاني منه الفكر الاسلامي، علماً بأن «الفكرالاسلامي» غير الاسلام، الفكر الاسلامي هو استنباطنا نحن كبشر ولا توجد كيفية للعمل في القرن العشرين أو الواحد والعشرين ولاتوجد تجربة، والفكر الاسلامي انقطع منذ توريث معاوية بن ابي سفيان ابنه الحكم، ولم يتطور الفكر الاسلامي حتى في المجال السياسي ليكون مرناً يستجيب لمتطلبات العصر، أعتقد أن التجربة الاسلامية عانت من عدم وجود برنامج واضح المعالم في مجال الاقتصاد والتغيير الاجتماعي، لكن قد تكون حققت نجاحات في بعض المجالات فعلاً، فهناك تنمية في مجال البترول والمنشآت الأساسية لكن ليس من الضرورة أن تحسب للاسلام ومن الممكن لأي حكومة أن تقوم بها، ومن حقهم في الحكم أن تنسب لهم لكن أنا أعتقد أن الأزمة قائمة ومستمرة وأكبر من السودان هي أزمتنا نحن كمسلمين.. فحتى الآن لم نتوصل إلى صيغ تجعل الإسلام اطاراً حضارياً على سبيل المثال: إذا ذهبتي إلى فرنسا أو بريطانيا أو أمريكا إذا استثنينا فرنسا لأنها متحيزة للدين نجد في هذه الدول علمانية مطبقة في الاطار الحضاري لا علاقة لها بالدين.. لذلك نحن نحتاج لتفكير جديد، بصراحة أفتكر هذا الأمر لا تعالجه مذكرة أو بداية جديدة والعلاج على مستوى الفكر لا على مستوى التنظيم بأن تتوفر الشجاعة واعادة النظر في النصوص مع ضمان أن لا تضيع هذه النصوص هوية البلاد كجزء من الحضارة الاسلامية، كذلك يجب أن تستجيب لمتطلبات الاقليات من الناحية الاقتصادية المتمثلة في الواقع المعيشي ومشكلة البطالة، وعلى الرغم من وجود بنوك اسلامية ناجحة وتسجل حضوراً في الساحة إلا أن مقاصد الشريعة في هذا المجال متمثلة في محاربة الفقر والبطالة الأمر الذي يساعد على عدم وجود أمراض اجتماعية من مخدرات وغيرها.. لأن الفقر كاد أن يكون كفراً.
ما قراءتك لمستقبل التجربة الاسلامية بعد الانفصال.. وهل خروج الجنوب يعتبر مؤشراً لخروج العلمانية؟
-أنا بصراحة لا أتحمس للحديث عن أننا أصبحنا دولة متجانسة فلازالت لدينا اقليات، صحيح أنها من الناحية الاسلامية أقلّ فدارفور كلها مسلمة، وجبال النوبة بها نسبة عالية مسلمة، والنيل الأزرق مسلمة عدا أقليات من الأنقسنا، والحديث هذا ليس من الحكمة والسؤال هو هل نحن كنا دولة اسلامية أم علمانية قبل الانفصال؟ برتكول مشاكوس تحدث عن سيادة الشريعة الاسلامية بالشمال على أن يكون الجنوب علماني وعملياً كان هذا هو الوضع والشريعة لم تكن معطلة هنا، فلنكن واقعيين ونضع في اعتبارنا وجود أقليات عرقية ليست ممثلة تماما واقليات لغوية. السودان الشمالي على درجة عالية من التجانس والحديث عن التعدد صحيح وغير صحيح، التعدد متمثل في اللهجات المتعددة في السودان، وغير صحيح لأن مستوى التجانس به كاف لتكوين دولة. ولكن أعتقد أن هذا التصريح في هذا الوقت فيه تخويف لأن الشعب هو من يختار بعد ذلك وهو يأتي من باب الايمان بسيادة الشعب، وهذا التصريح يأخذ اتجاهين إما أنه تحصيل حاصل أو أنه تخويف ليس لديه معنًى ويثير حساسيات، نحن أكثر الشعوب تجانساً فإذا ذهبت إلى الفاشر أو القلابات أو وادي حلفا وبورتسودان ومروي لن تشعر بأنك في بلد غريب.. ناس تأكل نفس الأكل.. نفس اللبس.. نفس اللهجة.. مع اختلاف طفيف لايؤثر مقارنة بدول أخرى بحكم عملي في مناطق كثيرة في كل أنحاء العالم، فلايوجد تجانس تام.. لون واحد.. دين واحد.. أنا شخصياً كنت أتمنى أن لا ينفصل الجنوب ولكن وإن حدث فهذا لايقلل من التحديات علينا كاسلاميين أو غير اسلاميين.
ما تفسيرك للصعود الاسلامي في مصر وتونس وليبيا رغم أن تلك الحكومات كانت تضطهدهم قبل الربيع العربي؟
-الصعود الاسلامي هو نتيجة طبيعية لوجود أنظمة شمولية بهذه الدول تنعدم فيها مساحات التعبير والشفافية التي تمكِّن المواطن من معرفة مواطن الخلل في الدولة، الاسلاميون كانوا أكثر الناس تضرراً من هذه النظم لاعتبارات قومية واعتبارات دولية وتحت هذه الضغوط استطاع الاسلاميون أن يتكيفوا مع الموقف بأن يكونوا أكثر تنظيماً وأكثر قدرةً على الحركة، لذلك فهم برزوا أكثر من غيرهم لأنهم يتمتعون بخبرات التنظيم، فمثلاً في مصر السلف الذين يفترض أنهم أكثر الطوائف تشدداً في مسائل النشاط الاسلامي وهم أبعد في التشدد الديني من جماعة الاخوان المسلمين صعودهم نتيجة أنهم كانوا يمثلون الهامش في المجتمع المصري بمعنى أنهم موجودون في أفقر المناطق ويمثلون أفقر الطبقات في المجتمع المصري، وكانوا يقدمون الخدمات الطبية والمساعدات الخيرية من توزيع الأغذية والأدوية وغيرها، ويجزمون بأنهم يمثلون هذه الشرائح وأن النخب الأخرى متعالية لاتمثل المجتمع بما فيها الاخوان المسلمين، ولكن يجب على الاسلاميين أن يعتبروا ذلك الصعود على أنه شيك على بياض وقبول أعمى لما تضعه هذه المنظمات أو هذه الشعارات، وأن لاينظروا للمسألة بسطحية ولا يغرنهم هذا الأمر حتى يأتوا ويفعلوا في الشعوب ما يريدون لأن الناس ثارت للظلم وعدم توفر فرص العمل وكبت الحريات وسيطرة مجموعة صغيرة على السلطة والثروة. الاسلاميون ليسوا الوحيدين في الساحة وهناك قطاعات أخرى قد تشارك هذه النظم آيدلوجياً وسياسياً لكنها تضررت في الآخر بسبب مكث مجموعات لفترات طويلة واحكامها للقبضة الأمنية الأمر الذي يؤدي إلى حجب المستقبل عن الشباب الذي تخرج من الجامعات ولم يجد فرص عمل، ومن المعروف أن النظم الشمولية تفرغ فساداً مالياً وادارياً وأحياناً اخلاقياً، لذلك فالثورات جاءت نتيجة لأن الشعوب ضاقت ولم يكن أمامها سبيل إلا الثورة في استعداد تام للتضحية بنفسها وأصبح الموت والحياة سيان في سبيل الوصول إلى الهدف، لذلك فإنه لم يكن في دول قبضتها الأمنية قوية.. مثل مصر وتونس وليبيا على مجمل الحياة وليس الناحية السياسية، وهذا درس يؤكد أنه إذا انكسر حاجز الخوف يفضل الموت بكرامة دون العيش ذليلا، والثورات شيء طبيعي وايجابي حتى لو تستطيع الشعوب بناء انظمة جديدة أفضل من سابقتها فهي على الأقل تعزز ثقتها في قدرتها على البقاء.
اذن ما هي النصائح للاسلاميين بعد هذا الصعود؟
-على الاسلاميين أن يأتوا بما يرضى مشاعر هذه الشعوب الدينية وأن يأتوا بنظم عصرية قابلة للتطبيق تعترف بأن هذه الدول لها تنوع ديني وثقافي وعرقي وأنه من حق أي شخص مهما كان يمثل اقلية صغيرة أن يعيش كمواطن من الدرجة الأولى وأن يتقلد أي وظيفة، وهذا يحمل تحدياً للفكر الاسلامي ككل والعيب ليس في الدين لكن في فهمنا نحن للدين ومقدرتنا على استنباط مايناسب الواقع والعصر، والذين يأخذون تجربة تركيا كنموذج فتركيا لا تحكمها الشريعة والنظام الاسلامي وهي حكومة بنظام علماني صارم«حزب الرفاه» الذي يحكم ويتعايش مع هذا الوضع، والآن بدأ يعدل لأن العلمانية الشرسة لاتعترف بالاطار الثقافي الموجود «العلمانية أبت تشتغل» في تركيا، وفي فترة من الفترات تركيا كانت علمانية أكثر من فرنسا وبريطانيا والمانيا وأمريكا بدليل أن رئيس الوزراء أرسل ابنته لتدرس بأمريكا المرحلة الجامعية ذلك لأنها لابسة.. زيك كدا.. «الحجاب» تركيا كانت تعتقد أن هذا التطرف سيكون مفتاحاً لها لدخول الاتحاد الأوربي لكن هذا لم يشفع لها لأن الاوربيون لديهم بعد نظر ويدركون أن الاطار الثقافي الحضاري لتركيا في النهاية هو اطار اسلامي وعبَّر عن ذلك ساركوزي عندما قال إن فرنسا دولة مسيحية رغم أنها علمانية وفاليري جيسكارد ديستان الرئيس الأسبق صرح بأن لامكان لتركيا في الاتحاد الأوربي وقال هذا نادي مسيحي.
هذه رسالة للاسلاميين وغيرهم العلمانية في أي دولة مطبقة متأثرة بالاطار الحضاري للدولة فمثلاً تعدد الزوجات ممنوع في الغرب وأوربا ليًس حضارة لكن لأن المسيحية تقول ذلك، على الاسلاميين الاستفادة من التجربة التركية وأن يبلوروا الفكر الاسلامي ويقولوا أن إرادة الشعب هي السائدة وأن لايكونوا «كشخص استخدم سُلَم وعندما صعد لأعلى دفروا رما».
العلاقات السودانية الهندية إلى أين وصلت وهل هناك امكانية للاستفادة منها؟
-العلاقات السودانية الهندية علاقات طبيعية.. سفير هنا.. وسفير هناك.. تبادل خبرات.. وتبادل منافع ولكن يمكن تطويرها أفضل من ذلك وبامكاننا الاستفادة من التجربة الهندية كبلد عدد سكانها مليار ومائتي مليون، هذا البلد الآن يصدر الحبوب واللبن واللحوم وحققت اكتفاءً ذاتياً واحدثت ثورة بيضاء«ثورة اللبن» وثورة خضراء وهي «ثورة الزراعة» وهي دولة تكاد تكون صناعية تشكل الاقتصاد الرابع في العالم ودولة نووية كان بها فقر ومجاعة، وحقيقة إن الهند نالت استقلالها قبلنا عام 1947 وهي دولة ليس بها نفط، ولديها نقص 15% في الطاقة، لكنها تعمل عملاً حثيثاً في ايجاد بدائل للطاقة، وهناك وجه شبه كبير بين السودان والهند إلى حد كبير ثقافياً، وعلى مستوى المناخ، اضافة إلى الصلات التاريخية بين الحضارة الهندية والحضارة الاسلامية العربية على وجه العموم، مثلاً الأرقام التي نستخدمها في اللغة العربية هي أصلاً هندية والأرقام الانجليزية هي أرقام عربية، اضافة إلى وجود شبه آخر بين البلدين هو التباين العرقي والديني فالهند بها 13 لغة رسمية اضافة إلى عدد آخر من اللغات غير الرسمية، والعملة النقدية هناك تحمل هذه ال13 لغة مثلاً «روبية مكتوبة 13 مرة» أما الأديان فهي كثيرة.. كلما يخطر ببالك يعبد هناك وتتميز الهند بالديمقراطية الراسخة الثابتة المتمثلة في اختيار البرلمان للحكومة، ولكن أيضاً توجد بها أقليات، والجدير بالذكر حقاً تلك الثورة التقنية بالهند حيث يتم اختيار الأذكياء من الأطفال في عمر العاشرة وتدريسهم ليتخرجوا في 15-16 سنة في المجال التقني من كليات بنقلور وبعبيي بخبرة غير عادية وبعد ذلك يتم تصديرهم لأمريكا.
الطلاب السودانيون بالهند ومشاكلهم ودور السفارة تجاه المشاكل؟
-لدينا خمسة ألف طالب سوداني بالهند يدرسون على النفقة الخاصة وذلك بعد أن حدثت ثورة التعليم العالي بالسودان وفتحت هذه الجامعات الكثيرة توقفت الدولة عن ارسال طلاب صغار ليدرسوا المرحلة الجامعية بالهند وذلك لاعتبارات كثيرة اقتصادية وغيرها، وهم في الغالب الأعظم طلاباً سودانيين وآخرين من دول الخليج يدرسون على نفقة أسرهم المقيمة في الخليج وذلك لأن الهند رخيصة ولكن هذا لايعفي السفارة من مسؤولياتها تجاه هؤلاء الطلاب السودانيين.
ماهي هذه المسؤوليات للسفارة؟
-مثلا السفارة لديها دبلوماسي متخصص في مشاكل الطلاب هناك وهاتفه لايتوقف طوال اليوم، اضافة إلى أنه للأسف هناك طلاباً صغار في السن وهنا تقوم السفارة بتنويرهم وتعريفهم بالقوانين فالهند بلد به صرامة قوية جداً في مسألة الانتظام في الدراسة وتجديد الاقامة التي لو كسر الطالب اقامة.. أي لم يجددها.. يتعرض للمساءلة القانونية تصل إلى الحبس أحياناً أو منع السفر إلى الجامعة، اضافة إلى أن قبول الطالب يتم بواسطة السفارة عبر خطابات تسمى «عدم الممانعة» والتي ترد عليها السفارة فوراً عبر الفاكس بأنه لاممانعة في نفس اليوم الذي يصل فيه الخطاب حتى لا يتعطل الطالب.
اذن ما هي المشاكل التي تواجه الطلاب السودانيين.. وهناك ما دوركم في ايجاد الحلول؟
-أحيانا يقع الطلاب في مشاكل مع الشرطة بسبب كسر الاقامة أو الزواج دون علم السفارة والمفروض هو ابلاغ السفارة، أو المشاكل مع الزوجات في حالات كثيرة لهذا الزيجات هي من المشاكل المسببة للصداع للسفارة هناك حاولنا أن ننبه وزارة التعليم العالي وخاطبنا السفارات السودانية بالخليج طالبناها بتقديم النصح للطلاب بأهمية الاتصال بالسفارة السودانية بالهند حالة تعرضهم لأي مشكلة ولا ننكر دور الروابط الطلابية هناك فهو دور كبير جدا، أيضاً فإن السفارة ممثلة في الطالب الدبلوماسي والقنصل بكل «اصطافه» العامل سافرت إلى «حيدر أباد» حيث يوجد معظم الطلاب السودانيين الذين يتراوح عددهم مابين 3-4 ألف طالب لتجديد الاقامة لهم حتى توفر على هؤلاء الطلاب مشقة السفر إلى السفارة بالقطار وبقيت السفارة تعمل حتى الصباح في تجديد الاقامات حتى لايتعرض أي طالب لمشكلة كسر الاقامة وكنا قد اقترحنا وجود مكتب تعليم صغير ب«حيدر أباد» يخصص له ملحق بتكاليف معقولة اضافة إلى تاكيدنا وحرصنا في مسألة اعادة النظر في أن يكون الابتعاث للدراسة هناك يقتصر على طلاب الدراسات العليا لأنهم في سن رشد، لكن هؤلاء الصغار لديهم مشاكل كلها تعود للسفارة والتي تحتاج لدعم مالي يخصص لهذه المشاكل الطلابية. أذكر في احدى المرات اتهم اثنين من الطلاب السودانيين بقتل طالب في مباراة في كرة القدم مما عرضهم لتحرش السكان واضطررنا للذهاب إلى منطقة تبعد عشر ساعات من السفارة حتى نتمكن من اخراجهم من هذه المنطقة وظلوا في السفارة حتى أكملنا لهم اجراءات السفر.
هؤلاء الشباب هم مسؤولية السفارة كمواطنين سودانيين وأي مواطن سوداني دا زولنا سواء على نفقته الخاصة أو بعثة، هناك من أقام في الهند 20 سنة وتزوج ولديه ابناء لكن عندما يتعرض للطرد السفارة تتبنى مشكلته لأنه يحمل الجواز السوداني وأعتقد أنها مشاكل تحتاج لدراسة..
وعبر «آخر لحظة» اقترح على وزارة الخارجية والتعليم العالي التنسيق لمعرفة هذه المشاكل ووضع الحلول المناسبة لها، أيضاً السفارة زودت وزارة التعليم العالي بأسماء الجامعات المعترف بها هنا ونقترح أن ترسل نسخ لسفاراتنا بدول الخليج حتى لايضيع هؤلاء الطلاب أربع سنوات من عمرهم في جامعات شهاداتها غير معترف بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.