قطعاً هناك اجابات لكل التساؤلات التي تُطرح بشأن أوضاع المواطن وما يتعلق بالحكومة والأحزاب المعارضة والحاكمة.. أسئلة دقيقة للغاية.. واجابات واضحة وصريحة بشأن الأحزاب التي تحكم البلاد منذ الاستقلال، قال البروفيسور محمد أبو صالح أنها «ناقصة» ولم تكمل الفكر الوطني.. وأن أحزاب الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي والحزب الحاكم «المؤتمر الوطني» لا يعتمدون الشريعة منهاجاً أو كمضمون وممارسة لم تستنبط النهج الاستراتيجي الذي يوجد في الاسلام.. وقال أبو صالح في حوار مطول مع «آخر لحظة».. «وقد كرمنا بني آدم» إن قوله سبحانه وتعالى يعني أن يُكرَّم المواطن ليعيش «معزز مكرم».. كيف يمكن أن يتجاوز السودان واقعه ليتقدم.. أوراق مكشوفة ومناصحة معلنة.. وكثير من الناس يوصفون الان كأنهم شعب «البربون»!! محاور متعددة.. وآراء كأنها «زرقاء اليمامة» وهي تحذر قومها.. إلى التفاصيل :- دعنا نضع النقاط فوق الحروف.. ما هي فلسفة الفكر الاستراتيجي تحديداً وكيف يمكن الاعتماد عليها في كافة المحاور؟ -ببساطة الفكر الاستراتيجي به مجموعة أفكار عميقة تبدأ بدائرة النفس البشرية التي تحلم بالعيش في أمن وسلام، ودائرة أخرى داخلية وهي الاوضاع المحلية السياسية والاقتصادية ودائرة خارجية عالمية، يفترض وجود فكرة لنؤسس للاجيال وكيف نحقق أمن الانسان السوداني في الرفاء وليس الفقر، وقياس ذلك والحكم عليها هل هذه الفئة قادرة على انجاز هذا ذلك هو الفهم الحقيقي فإعتراف اليابانيين السابق يعتبر فكر، هناك معايير للقياس ونحن لدينا الآن الفكر الوطني الذي سينهض بالسودان ونحتاج فقط إلى الترويج له لينتشر داخل التنظيمات السياسية. ما هو إرتباط ذلك بعقيدة الناس؟ - يجب ان يُطرح السؤال لكل التنظيمات السياسية ماذا تعني الشريعة الاسلامية؟ وسنكتشف حينها حوجتا للاستنباط من تلك الشريعة حتى لا يقتصر الفهم للشريعة كأنما هو القطع من خلاف للسارق، سنكتشف بها الكثير من الحقوق والواجبات الانسانية التي تلزم الفرد والدولة بسلوك حضاري، فعدم تعريفها بشكل واضح وانتاج فكر على هذا الاساس شكل مشكلة كبيرة، للأسف أصبحت القضية الآن تنحصر في «لافتة» الشريعة الاسلامية، إذا تحدثنا في أي قضية تشغل الساحة الآن سنجد أن الشريعة تحدثت عنه، مثلاً الفساد تحدثت الشريعة عن نزاهة الحكم والحكم الرشيد والمحاسبة والشفافية وتوزيع الدخل بعدالة وأمن المواطن وفي اعتقادي أن الأحزاب السياسية لم تستطع تعريف الشريعة كفكر في الحكم بتوجهات سياسية اجتماعية اقتصادية ولم تظهر كممارسة، والخطأ الذي وقعت فيه حكومة نميري في تطبيق قطع يد السارق لم يبحثوا عن اسباب قيامه بذلك، فهل الحكومة وفرت له فرصة عمل وأمنت روعته النفسية قبل قطع يده؟.. سنجد أن الشريعة قبل القطع لديها هيكلة وهذا ما يحتاج إلى عمل حقيقي. في سياق العمل الاستراتيجي كيف تنظر إلى المذكرة التصحيحية للحركة الإسلامية بين القبول والخروج عن المؤسسية؟ - باعتبار أنها خرجت عن المؤسسية لكن النقد في أنها مؤسسية أو غيرها يتوقف على مدى كفاءة النظام السياسي في الحزب المعين، هل فعلاً لدينا القدرة على سماع الرأي ويؤخذ به أم هي مجرد شكليات؟ «الدين النصيحة» والفهم الاستراتيجي في الاسلام للنصيحة والشورى جزء من تأمين الدولة، مثلاً أحمي المسؤول من ظلم نفسه بجعله يُنتَقد على مرأى، فسيدنا عمر قَبِل من يُقومَه.. بالتالي «التقويم على مرأى» الهدف منه انصر أخاك ظالماً او مظلوماً، ظالماً بمعنى منعه مسبقاً من ظلم نفسه.. كالشفافية في الصحف.. والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» الرسول ضرب مثلاً أعلى بالسيدة فاطمة وهي لن ولم تسرق، لذلك يجب قبول النصيحة لأن الانسان لديه هوى نفس أو سلطة أو مصلحة، ومبدأ النصيحة في الاساس مقبول ونحتاج إليه سواء كان بالمذكرات أو إعلانات أو مقالات في الصحف، وهذا من مصلحة الدولة لأنه يحميه من الاخطاء الفردية والنزوات، لذلك في تقديري أن المذكرة مهمة جداً، وهل الحديث الذي ذكر بها خطأ؟! هل يمكن أن تكون المذكرة مؤشر لانشقاق؟ - إذا تعاملوا معها بحكمة النصيحة لن تؤدي إلى انشقاق، بل تقوي البناء السياسي للحركة الاسلامية وليس العكس. وإذا ما تم التعامل معها بالحديث عن المحاسبة وسنفعل وكذا وكذا ستؤدي إلى انشقاق. هل تعتقد أن النقد من الداخل يمكن أن يكون لتصحيح المسار؟ - لن يسير السودان إلى الامام إلاَّ بتعزيز منهج النقد الذاتي بشفافية ووضوح وحرية. من ناحية الموضوع كيف تنظر إليها وهل هناك في تقديرك أوضاع تستوجب النصيحة؟ - نعم.. هناك اوضاع تستوجب النصيحة والانسان بطبعه خطاء، بالتالي إذا وجد شخص أو جهة ساعدت بتقديم نصيحة يجب المثول لها لتدعيم إطار تقوية الدولة والتنظيم ويجب أن لا نتركها كممارسة تضعف التنظيم. الخروج من الازمات كيف يكون في تقديرك وكيف يمكن التوافق على فكر وطني متكامل؟ - استطيع أن اقول أننا في حالة «لهث» منذ عام 1956م، نحتاج إلى تهدئة النفس بمساعدة السلوك الثقافي السوداني الذي يميل للتسامح، بعدها نجلس في عملية نقد ذاتي وحوار وطني لانتاج الفكر الوطني، مثلاً في احدى المرات قابلت خبير استراتيجي وسألته عن سلوك الدولة، قال لي: يبدأ منذ الاشراف على الام «الحامل» مسؤولية المستشفى الحكومي وليس الخاص، ويجب أن يولد في مستشفى الحكومة ويعطى كل الادوية التي يحتاج إليها المولود ووالدته، ويتعلم على حساب الحكومة حتى الجامعة وبمستوى واحد، وبعد تخرجه يتقدم للخدمة المدنية يؤخذ بحكم كفاءته وليس حزبه أو جنسه مما يجعل التنمية متوازنة في كل الاطراف، على العكس تماماً نجد مولوداً ولِّد في مستشفى خاص وتعلم على نفقتة الخاصة وعندما تقدم للوظيفة الدولة لا تقبل به، فهل يكون الحس الوطني متساوي بين الاثنين؟ بالتأكيد لا.، كل هذا الذي يحدث في الخارج فكرة وطنية انتجتها الأحزاب وتوافقت عليها، لذلك نحتاج إلى حوار استراتيجي بمشاركة كل الأحزاب السودانية حول قضايا الدولة السودانية. ذكرت من قبل أن الحلول موجودة وتنادي الان بضرورة حوار كيف يتفق ذلك؟ - الحلول موجودة عند السلطة العلمية بأبحاث، والحوار سيكون في تلك الأبحاث والاوراق التي أعدها الباحثون، وقد يتوافق الناس على 90% من تلك الاوراق ويستمر الحوار إلى أن يتم الاتفاق على كل القضايا الوطنية. هذا يقودنا إلى الاحداث التي جرت مؤخراً بنيالا؟ - هذا جزء من السلوك الذي تحدثت عنه يمكن اسقاط الوالي في الانتخابات ويمكن طرح الثقة في البرلمان لاسقاط الوالي، لكن عند الأحداث نخرب ونهدم ما دفع من اموال المواطن لانشاءه، هذا المال ليس مال والي جنوب دارفور أو غيره وإنما مال الشعب السوداني في دارفور. وهذا قد يكون بتوجيه من الأحزاب؟ - صحيح يمكن أن يكون موجه لكن هذا التوجيه خطأ من ناحية السلوك. كيف يمكن تحقيق الاهداف المنشودة للاستراتيجية وكيف تصل إلى القوى السياسية والمجتمع؟ - أعتقد أن الالية التي تحتاج إلى تطوير هي الامانة العامة للمجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي وبخطوة اصبحت تتبع لرئاسة الجمهورية مباشرة لتعزيز صلاحياتها، بالتالي هي تشرف على الحوار بين القوى السياسية والمجتمع والعلماء، لتكون خطة الدولة بمجلس واحد، أما الحكومة يكون لديها جهاز لخطتها الخمسية، ليظهر هذا الجهد في شكل منهج جديد للتعليم ورسالة جديدة في الاعلام وتأهيل القيادة في الحكومة والمعارضة على هذه الاستراتيجية الجديدة للدولة. وإذا لاحظنا أن الاستراتيجية ليست لديها قانون يحميها، المبيدات لديها قانون، والشرطة وكل شيء لديه قانون، وأعلى شيء في الدولة «الاستراتيجية» ينقصها القانون، واقترح أن يسمى قانون الأمن القومي ليس المخابرات وإنما أمن المواطن السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حتى الامانة نفسها ينص على الجهاز أن يحمي ولا تتبع للحكومات وإنما جهاز دولة مثل القضاء. وهذه خطوات عملية جداً لتشكيل مستقبل السودان. }