أصبت بالرعب وتسرب اليأس إلى نفسي وأنا أطالع أخبار الصحف يوم الخميس الماضي. أخبار غطت جميع مجالات الحياة وحركة المجتمع والدولة تقريباً ليس بينها خبر مفرح أو يبعث على الأمل أو غدٍ أفضل.. شملت السياسة والاقتصاد والأمن والخدمات والعلاقات الاجتماعية والدينية والفساد وسوء الإدارة وجاءت كلها - للأسف- سالبة، بما يؤكد أننا نتراجع ولا نتقدم، وأننا مقبلون على هاوية بلا قرار، وأن من هم في سدة الحكم لا يملكون حلولاً أو تصوراً لكيف يمكن أن يحكم الوطن، وأنهم استنفذوا ذخيرتهم - الشحيحة أصلاً- من الحكمة والدُربة، فأصبحت الأمور كلها تتداعى و تتفلت من بين أيديهم، وإن ما تبقى لهم من تلك الذخيرة أصبح مرصوداً ومكرساً لمعركتهم الأخيرة والأهم، وهي معركة استدامة الحكم والدفاع عنه بالأظافر والأنياب، عوضاً عن الإجماع الوطني والاتفاق والرضاء العام الذي يُجنب ما تبقى من الوطن ويلات الحروب والتشرذم والمزيد من التفكك المفضي للانهيار الشامل.. وحتى لا يكون كلامنا رجماً بالغيب إليكم حصاد يوم واحد، هو يوم أمس الأول «الخميس» نهاية الأسبوع المنصرم، لتقرأوا وتتأملوا وتحكموا: حمّلت الخرطوم حكومة جنوب السودان المسؤولية الكاملة لأية محاولة استهداف أو تخريب للمنشآت والبنيات الخاصة بالنفط في السودان، خاصة خط أنابيب شركة النيل الكبرى للبترول ومنشآت المعالجة التابعة لها، قائلة إن المتمردين، في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ودارفور يتلقون «الدعم الكامل» من حكومة الجنوب، كما اتهمت جوبا بوضع شروط تعجيزية، «بهدف التهيئة - كما يتوهمون- لتغيير النظام في الخرطوم من قبل مجموعة في الحركة الشعبية متآمرة مع مجموعات الضغط المتمثلة في اللوبي الصهيوني واليمين المتطرف في الولاياتالمتحدة، وبعض الدوائر الغربية التي تكن العداء للسودان». ما يعني أن الصراع بين الخرطوموجوبا انتقل من محطة الخلافات على القضايا العالقة وفي مقدمتها الحدود والنفط إلى منطقة التدمير المتبادل، الذي تخشى الخرطوم أن يبدأ بتدمير منشآت النفط وبناه التحتية ولا ينتهي إلا بتدمير نظام الحكم وتغييره بدعم مباشر من جوبا واللوبي الصهيوني واليمين الأمريكي المتطرف والغرب المعادي لنظام الإنقاذ. أطلق مسلحون «مجهولون» النار على آدم محمد يعقوب إمام مسجد منطقة «قُبَّة» شرقي مدينة كتم وابنه هارون وأردوهما قتيلين مساء أمس الأول «الثلاثاء»، وأكد معتمد كتم كمال الدين أبو شوك أن سلطات المحلية تتخذ كل الإجراءات الضرورية للقبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة، يشار - بحسب الخبر- إلى أن منطقة قُبة وحمرا المجاورة كانتا مسرحاً لاغتيالات واسعة النطاق خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث تم اغتيال فيصل آدم محمد نور أحد قيادات المنطقة ومعه (7) آخرين بينهم (4) من إخوانه ، كما أن مسلحين كانوا قد اعتدوا قبل ثلاثة أشهر على قرية «نيني» وراح ضحية الاعتداء إدريس إبراهيم وامرأة تدعى حليمة آدم، وتم نهب أدوات المدرسة والمركز الصحي للقرية. حذر خبراء قانونيون وسياسيون من تنامي ظاهرة «التطرف الديني» وإطلاق الفتاوي بلا هوادة ضد رجال السياسة والدين والفكر، مؤكدين أن الإسلام انتشر بروح التسامح الذي يتسم به المجتمع.. واتهم قيادي بالمؤتمر الشعبي في المنبر الدوري لتحالف المعارضة الحزب الحاكم باستخدام «الجماعات السلفية» لتصفية حساباتها الداخلية مع الخصوم لتغطية الإخفاقات السياسية والاقتصادية، الإشارة هنا لدعاوي التكفير التي رفعتها «الجمعية الشرعية» في مواجهة زعيمي حزب الأمة والمؤتمر الشعبي الصادق المهدي وحسن الترابي. أكدت وزارة الصحة بولاية الخرطوم أن تقرير لجنة تقصي الحقائق، التي شكلها وزير الصحة مامون حميدة حول وفاة ثلاثة أشخاص «جراء نقص الأوكسجين» سيجد الاهتمام الكامل و«ستجري الوزارة ترتيبات إدارية لازمة وحاسمة».. ونفت الوزارة في بيان أصدرته «الأربعاء» صلتها بمحتويات تقرير لجنة تقصي الحقائق. وقالت إن عضوي اللجنة ياسر ميرغني أمين عام جمعية حماية المستهلك والصحفي الفاتح الأمين اللذين أصدرا بياناً يشير إلى إدخال فقرة على التقرير تنفي وفاة بعض المرضى الثلاثة بعدم توفر الأوكسجين- ما يعني تزويراً لخلاصة التقرير- شاركا في أعمال اللجنة منذ البداية وحتى إعلان التقرير ولم يعترضا على محتوياته رغم حرية التحدث داخل المؤتمر الصحفي. جدد رئيس كتلة المعارضة بالبرلمان إسماعيل فضل مطالبته بإخضاع ميزانية الهيئة البرلمانية لنواب دارفور للمراجعة العامة للتقصي حول أوجه صرف 400 ألف جنيه ، وأكد في مؤتمر صحفي أن إثارته لقضية أموال الهيئة ومطالبته بكشف أوجه صرفها جاء باعتباره مالاً عاماً وواجباً دستورياً وليس مكايدة حزبية أو شخصية، ورأى أن النواب هم الأولى بتطبيق مبادئ الشفافية والمساواة والمحاسبة. كشفت وزارة الشباب والرياضة عن مقترح لوزير الدفاع بإصدار قرار من مجلس الوزراء لاستقطاع مرتب يوم كامل من موظفي الدولة لصالح تشييد المدينة الرياضية». الوزارة اتهمت ولاية الخرطوم بوضع يدها على الأموال التي بيع بها جزء من أراضي المدينة الرياضية لصالح بناء كبرى أم درمان والتي تقارب (379) مليون دولار. وقال وزير الشباب والرياضة إن تشييد المدينة بشكلها الحالي يتطلب مبلغ (200) مليون دولار، وإنه شكلت خمس لجان لاستقطاب الدعم داخلياً وخارجياً بخطابات شخصية لعدد من رؤساء دول بعينها!!. نعت مجموعة شركة دال للأغذية أوضاع الصناعة بالبلاد، وأبلغت لجنة الطاقة والصناعة بالبرلمان تخوفاتها من تنفيذ وزارة المالية فرض ضريبة على الاستيراد ومدخلات الإنتاج بنسبة 100%، محذرة من أن ذلك سيقود لكارثة وانهيار تام للصناعة. وقال مدير العلاقات الخارجية بالشركة محمد الشفيع في تنوير للوفد البرلماني الذي زار مقر الشركة، إن مالك الشركة أسامة داؤود حرر خطاباً منذ 2003م لوزير الاستثمار واشتكى خلاله من جملة مشاكل تعترض طريق الصناعة بالبلاد، وقال إن الموقف منذ ذلك الوقت وحتى الآن ازداد سوءاً. تفاقمت أزمة مرضى الكلى أمس «الأربعاء» في أعقاب دخول أطباء مراكز الكلى بمستشفى الخرطوم في إضراب عن العمل بسبب عدم صرف حوافز ثلاثة أشهر، وامتنع مستشفى الخرطوم عن دفع المبالغ، بحجة حصول الأطباء على حوافز من مركز تابع لوزارة الصحة بولاية الخرطوم، واحتج العشرات من مرضى الكلى أمام المستشفى وأغلقوا الشارع الرئيسي أمام حركة المرور، فيما أبلغ الأطباء بالمستشفى الصحافيين أن عدد المرضى يصل إلى 280 مريضاً باستثناء حالات الطوارئ التي تتراوح بين 15 و 35 يقابلها 32 ماكينة غسيل، فيما تحتاج المراكز ل (120) جهاز غسيل، ورفض الأطباء العمل، لكنهم أبدوا حزنهم على أحوال المرضى، وقال أحد المرضى إن الدواء الذي يحتاجه المريض يبلغ سعره (61) جنيهاً داخل المستشفى بينما سعره خارجها (41) جنيهاً!!. عقدت محكمة أم درمان شمال أولى جلساتها أمس حيث استمعت لإفادة المتحري في بلاغات اختلاسات من داخل «رئاسة الجهاز القضائي» بأم درمان، ويواجه الاتهام فيه ثلاثة منهم محاسب الجهاز وعامل البريد «السيرك» وسمسار، وجاء ملخص الاتهام بأن المتهم الأول محاسب الجهاز القضائي قام بصرف مبلغ (365) مليون جنيه بإذن صرف «صادر من الجهاز»، كما أن مسؤول «السيرك» ساعد وتسلم المبلغ، أما المتهم الثالث فقام بدور«الوسيط»، وأحضر الشخص الذي قام بصرف المبالغ عبر البطاقة الشخصية، وتقاضى عمولة لقاء ذلك!!. هذا غيض من فيض ما نحن فيه من أهوال، وليس هناك من يُسأل عن كل هذا الذي يجري حولنا غير من بيدهم سلطة الأمر والنهي وإدارة شؤون البلاد.. ماذا أنتم فاعلون حتى تستقيم الأمور؟.. أم أن الخرق اتسع على الراتق، وعلينا أن ننتظر ما تحمله لنا الأقدار؟.