بالأمس وصلتُ إلى أرض الكنانة بعد غيبة طويلة مع تواصل لم ينقطع من خلال متابعة ما يجري على أرضها من أحداث.. وهي أول زيارة لي بعد الثورة الأمر الذي جعل الكثير من أصدقائي هنا يتساءلون، ولم تكن لي إجابة سوى أن الله لم يأذن. شتاء مصر ذاته الذي نعرفه، ذلك الذي ينعش القلب والروح، وعيون الأشقاء تفيض بالأمل في الغد المشرق، رغم أحزان الفقد الناتجة عن غياب الكثير من الشهداء والرموز عن المشهد العام، ولعل آخرهم أولئك الذين راحوا ضحية لأحداث عنف وشغب في مدينة بورسعيد خلال مباراة فريقي الأهلي والمصري الأخيرة، التي نتج عنها تجميد الدوري العام وحل اتحاد كرة القدم وتقديم عدد من المسؤولين للتحقيق، وقد خيم حزن عميق على أرض الكنانة وشاركهم أشقاؤهم في السودان ذلك الإحساس، فقامت وفود وجماعات بتعزية الأشقاء المصريين كان من بينها وفد رياضي كبير من ناديي الهلال والرابطة كوستي قدم واجب العزاء لأسرة النادي الأهلي، مصر الآن تتغير وتسير نحو غدٍ ديمقراطي أفضل، لكنها تعاني من مخاض التغيير، وهذا أمر طبيعي، ولا نحسب أنها سوف تحيد عن الطريق لتحقيق أهداف الثورة الشعبية التي عبّرت عن توق أهلها وشوقهم للحرية والديمقراطية، وقد أحسسنا بذلك عندما قام الوفد البرلماني السوداني الرفيع الذي يقوده مولانا أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني يوم أمس بزيارة إلى وزارة الدفاع التي استقبلهم فيها السيد المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري المصري، حيث يمارس عمله من هناك والذي ظل يؤكد على أن المجلس حريص على أن تبلغ الثورة غاياتها. وقد تأكد لنا ذلك أكثر من خلال استقبال الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المصري الجديد للأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر والوفد المرافق له، إذ أن الفهم المتقدم لقيادة البرلمان المصري أصبح هو أداة التغيير المرتقبة لإكمال صورة الثورة المصرية بالسعي لتغيير بعض التشريعات والقوانين من داخل البرلمان، بما يضمن حرية التعبير والعمل السياسي والتخطيط والسياسة العامة التي تعبر بالدولة المصرية إلى أفق رحيب وجديد. وتمثل ذلك أيضاً عند لقاء الوفد بالدكتور محمد بديع عبد المجيد المرشد العام لجماعة الأخوان المسلمين بالمركز العام للجماعة في حي المقطم. المشهد المصري الآن جديد ومبشر بالأمل ومؤكد على أن مصر «المحروسة» بخير وتظل كذلك بإذن الله.