كان برنامج زيارة الوفد البرلماني السوداني إلى مصر يوم أمس الخميس حافلاً وثرياً، بدأ بلقاء مع رئيس الوزراء المصري الدكتور كمال الجنزوري والدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي، وقد عقد الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني مؤتمراً صحفياً شهدته معظم الوسائط الإعلامية المصرية، من صحف وفضائيات ووكالات أنباء وإذاعات، ولم تغب عنه الوسائط الإقليمية والعالمية. وتأجل لقاء كان من المفترض أن يتم عصر أمس مع شيخ الأزهر الذي كان يقود وساطة بين بعض القوى السياسية - حسبما علمت شخصياً - وهذا دور توفيقي للأزهر الشريف، كان غائباً ومغيَّباً طوال السنوات الماضية. أما الجزء الآخر من البرنامج الحافل للزيارة فقد تمثل في لقاء النخب المصرية الذي تم في قاعة الاجتماعات الكبرى في فندق «حياة» بالقاهرة، وقد رتب له وأداره السيد كمال حسن علي سفير السودان في مصر، وتحدث فيه الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر والدكتور غازي صلاح الدين والأستاذ محمد الحسن الأمين، وكانت مشاركة النخب المصرية الممثلة في قيادات الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ومفكري مصر ومثقفيها وصحفييها، كانت تلك المشاركة ملفتة حجماً ونوعاً، واستشهد الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر ببيت شعر للأعشى في معلقته المشهورة (ودع هريرة) الذي يقول فيه: وقد علقتها عرضاً وعلقت رجلاً غيري وعلق أخرى غيرها الرجل في إشارة واضحة لانفتاح السودان على مصر في العهد السابق واتجاه قيادات النظام السابق إلى أروبا والولايات المتحدة التي كانت تتعلق بإسرائيل، الأمر الذي أضعف دور مصر في محيطيها العربي والأفريقي وقبل ذلك بجوارها السوداني. أثار حديث الدكتور غازي صلاح الدين وجدان كل المتحدثين، خاصة عندما تحدث عن تكلس بعض رموز النظام المصري السابق وانحباسهم في دوائر أبعدتهم عن الانفعال بالقضايا المصيرية المرتبطة بالجوار ذات الصلة الوثيقة بالأمن القومي المصري الشامل في مختلف جوانبه الإستراتيجية. الآن مصر تتغير من خلال النوايا والأفعال تجاه ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين البلدين، وقد كان هذا هو رأي وحديث النخب المصرية التي أمنت على ضرورة أن تتجاوز العلاقات كل التحديات القائمة الآن لا لتصل إلى مرحلة التكامل، بل لتتجاوزها إلى مرحلة الوحدة. .. و.. جمعة مباركة