في كل عام من فصل الخريف تشهد الأراضى الزراعية على الشريط الحدودي بين السودان وإثيوبيا بولاية القضارف، تداخلات وزحفاً مخيفاً من الجانب الاثيوبى على الأراضي السودانية بحجة استزراع الأراضي الخصبة، وعدم إعادة ترسيم الحدود المشتركة، وقد بدأت معالم بعض الحدود في التغيير بسبب الطبيعة أحياناً، وبفعل المزارع الأثيوبى أحياناً أخرى، من خلال استبدال مواقع الكنابى والحفائر والطرق المعلومة مسبقاً بتلك المناطق، واستزراع أنواع من الأشجار ونباتات، كانت غير موجودة بالمناطق، بغرض التمويه. وهذا الملف لا يمكن طيه إلا بإعادة ترسيم الحدود، الذي قطعت فيه اللجان المشتركة شوطاً بعيداً، وخلال الأعوام الأخيرة الماضية بدأت عمليات الزحف والتوسع المخطط على الأراضي الزراعية داخل الحدود الشرقية، بشكل كبير ومخيف، وبطرق مختلفة، إذ بدأ المزارعون الإثيوبيون في عمليات استئجار للاراضي الزراعية من السودانيين بمبالغ كبيرة محفزة ومغرية، تبلغ (150) ألف للمشروع في العام الواحد.. في حين تراوحت أسعار الإيجار للمشروع في المناطق الزراعية الأخرى مابين (15-20) للعام، هذه الإغراءات جعلت عدداً من المزارعين السودانيين في الحدود الشرقية، يقبلون على إيجار أراضيهم للاثيوبين بعيداً عن أعين السلطة، ويعد إيجار هذه الأراضي خيانة كبرى للوطن . ونخشى أن يحدث استيطان اثيوبى داخل الأراضي السودانية، ويعيد التاريخ نفسه مرة أخرى مثل الذي حدث في فلسطين من قبل إسرائيل, وطوال السنوات الماضية ظلت الاراضي بالشرق على الحدود مع أثيوبيا خاصة الزراعية مهملة من قبل الحكومات التي تعاقبت على الولاية، فلا وجود لاي نوع من التواجد البشري، والقرى قد هجرها أصحابها خوفاً من الشفتة والجماعات المتفلتة، التي قتلت من أهل القضارف والمزارعين ماقتلت، ونهبت واستولت على آليات عدد من المزارعين والمحاصيل في سنوات خلت، وانهارت المعابر التي تربط الأراضي شرق العطبراوي. كما لايوجد اي شكل من أشكال الخدمات تحفز المواطن للتواجد وحراسة وحماية أراضيه، والحدود مع أثيوبيا تعد الأطول تمتد في حوالي (1602) كيلو على طول الحدود بين السودان وإثيوبيا، وتشكل القضارف منها حوالي (265) كيلو مع اقليمى الامهرا والتقراي.. وينتظر مؤتمر تنمية وتطوير العلاقات الحدودية السودانية الإثيوبية الذي كان من المؤمل أن يعقد في الثلاثين من يوليو في ولاية سنار، وفق إعلان ذلك في المؤتمر الأخير بمدينة مقلي الإثيوبية، الذي قاد فيه الوفد السوداني الفريق مهندس صلاح عبد الله قوش مستشار رئيس الجمهورية، ينتظره أخطر الملفات والقضايا، هي مسألة التوغل والزحف على الأراضي الزراعية بالطرق المعلومة وغيرها، بعد أن استطاع المؤتمر فجعل الحدود مناطق لتبادل المنافع المشتركة، بدلاً من التوترات والنزاعات السياسية، وعزز بين الثقة بين ولاة الولايات الحدودية، وحكام الأقاليم الأثيوبية، وهذا ماعجزت عنه منظمات الاتحاد الافريقى.. ونتمنى أن تتسارع الخطى عبر اللجان المشتركة الرئاسية والوزارية، واللجان السباعية، ولجان العمل الميداني المشتركة في إعادة ترسيم الحدود، التي تم التوافق عليها، وفق خط قوين لطي ملف الحدود نهائياً.