قال: أنا موظف أشتغل بإحدى الشركات وإني أتقاضى مرتباً لا بأس به ولي أسرة صغيرة أعولها.. فقط مشكلتي يا فضيلة الشيخ أن جيببي به «ساحوتة».. ماذا تعني بكلمة ساحوتة؟.. قال: أقصد الساحق والماحق لا أضع مبلغاً من المال داخل جيبي إلا ويتبخر حالاً ولا يبيت مال في جيبي أبداً.. منذ زمن طويل وأنا لا أوفر ولا جنيهاً واحداً.. قلت: كلمني عن حياتك وصرفك أكثر فأكثر.. قال: أصرف المرتب وأبدأ في أوجه الصرف الإيجار ثم متطلبات الأكل والشرب والكهرباء والماء ومصاريف الأولاد.. لكن هذا ما لا أشكو منه.. أشكو من ما يحدث لي من مشاكل غير متوقعة يضيع بها المال.. ما أن أنتهى من شراء النظارة التي انكسرت حتى يسرق تلفوني أو تخرب الماسورة أو الموتور أو يمرض أحد الأولاد فجأة.. وهكذا من حاجة إلى حاجة لا يبقى في جيبي جنيه واحد كما ذكرت.. ما الذي أنا فيه أصب جام غضبي على الحكومة وعلى غلاء الأسعار وعلى ما في جيبي من ساحوتة.. لا أكاد أفرح ولا أمرح ولا أحمد.. فقط أصبح كلامي كله عما ذكرته لك.. بماذا تنصحني فضيلة الشيخ وما هو المخرج. قلت سوف أستخير الله عز وجل عن حالتك وأنصحك بما أرى.. قلت له في المرة الثانية إن الشيطان عدو للإنسان ولا يريد له خيراً ولا بركة.. ويريد له الفقر والضياع وكل ما يشغله عن عبادة الله عز وجل.. لذلك بين أنه لا بركة لك في مال وذلك بسبب الشيطان.. فشياطين الجن يسرقون كما يسرق بنو آدم.. عليك بتقوى الله عز وجل وبالالتزام بالتحصين دبر كل صلاة وأيضاً قلت: استغفر ربك إنه كان غفاراً.. ونحن من يجب أن نتقي الله لتنزل علينا بركات من السماء نكون قد استحقيناها وعداً من الله وإكراماً لنا منه وحده.. فإن الملك بيده وهو أرحم الراحمين. ابني عليك بالإكثار من البسملة.. فإن الله عز وجل أودع فيها سراً عظيماً في جلب البركة والتحصن من كيد الشيطان.. فإن الشيطان لا يأكل الطعام إذا ذكر بسم الله الرحمن الرحيم.. ولا يجامع مع الزوج أيضاً إذا ذكر بسم الله الرحمن الرحيم.. وإني أنصحك بأن تواظب على هذا السر البسيط وهو أن تقول بسم الله الرحمن الرحيم كلما تريد إدخال نقود في جيبك.. وأيضاً تقول بسم الله الرحمن الرحيم كلما أردت الأخذ منها.. وأن تقول صباحاً ومساءً بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.. ثلاث مرات ثم قل بسم الله على نفسي.. بسم الله على أهلي.. بسم الله على أصحابي.. بسم الله على دنياي.. بسم الله على مالي.. بسم الله على كل شيء أعطاني له ربي.. اللهم بارك لي فيما أعطيت وزدني خيراً كثيراً.. أيضاً داوم على آية الكرسي دبر كل صلاة واقرأ سورة الإخلاص عند دخولك إلى بيتك فإنها تنفي الفقر.. وسلم على من فيه وسلم على نفسك إن لم يكن فيه أحد.. وعدته أن أدعو له دائماً وطلبت منه أن يحاول تعلم صنعة حرفية يزيد بها دخله ولو بسيط.. وأن الرزق يتطلب السعي لا سيما وأنه في فراغ بعد الساعة الثانية ظهراً كما علمت.. وافترقنا وذهب في معاركه مع الساحوتة وذهبت لبعض الأسفار.. وفي مرة ذهبت إلى الكلاكلة اللفة مررت بالقرب من حداد يتطاير الشرار من بين يديه.. فحاولت أن أتفادى ذلك.. ولكنه لحق بي على جناح السرعة بادلني العناق والسلام ونسي أن يرفع النظارة السوداء عن عينيه.. وقال لي ما عرفتني يا فضيلة الشيخ.. قلت عمك إنت عارفو نساي.. فقال لي: أنا صاحب الساحوتة.. الحمدلله لقد ذهبت بغير رجعة من جيبي تلك الساحوتة ببركة تلك الأذكار وإني الآن أعمل حداداً في الفترة المسائية.. واشتريت ماكينة لحام وأستاجرت دكاناً صغيراً.. بل أتقنت عمل الأسرة وأفكر في الاستقالة من الوظيفة والتفرغ التام لعمل الحدادة.. فإني وجدت فيه ربحاً كثيراً. قلت ممازحاً ألا زلت ساخطاً على الحكومة؟.. قال لي: وهو يقهقه عالياً نحن برانا بنجيب البلاوي لي رقبتنا أنا ما دام عرفت دواء الساحوتة ما عندي شغلة بالحكومة.. قال أحد المارة ورونا معاكم دواء الساحوتة دا.. أنا والله بطني مكركبة ليها خمسة شهور.. فقال له: الساحوتة دي وجع في الجيب ما في البطن. فقال له على الفور أنا كمان وجع جيبي عامل لي وجع قلب.. تركتهما مودعاً وقلت لهما زوراني في أي وقت.. ومنذ ذلك اليوم صار صاحبنا لا يسخط على الحكومة ولا يجيب سيرتها.. بل ما عندو كلام غير داء الساحوتة وكيف تمكن من قهره وطرده.. وكلما يحكي لمجموعة من زملائه يصر الجميع على أن أعراض الساحوتة عندهم.. ويقولوا له شيخك دا سرو باتع ودينا ليهو.. فيقول ما عندي مانع لكن بخاف تعادوني بساحوتاتكم دي. والحمد لله على هذا الفرج الجميل.. وإلى اللقاء في مخرج جديد قال تعالى: (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً) سور الطلاق الآية (2)