لن يبلغ طريق الإنقاذ الغربي مدينة نيالا في السنوات الخمس القادمات إلا في حال حدوث معجزة، فالطريق الحالي للإنقاذ يلبي أشواق أصوات السياسيين من الفاشر ولا يستجيب للأسباب الاقتصادية والتنموية. ومسار طريق الإنقاذ الغربي من النهود حتى أم كدادة تحيط به كثبان الرمال ولا أثر لإنسان أو زراعة في تلك المناطق الصحراوية، بينما نصف سكان دارفور في جنوبها ونصف سكان الجنوب في محليات الضعين وشعيرية وبرام ورهيد البردي وتلس. نيالا مدينة تعرضت لحصار اقتصادي في الشهور الماضية إثر هجمات قادها متمردو العدل والمساواة على القوافل التجارية التي تسلك الطرق البرية الوعرة من الضعين حتى نيالا وهي تحمل الوقود والبضائع من البسكويت حتى التلفزيون والثلاجة، فتعرضت المدينة لاختناق كاد يعصف بها لولا تدخلات مركزية أنقذت نيالا من خطر حاق بها وبأهلها.. بيد أن تقاصر همة المركز القابض على المال والقرار في ربط مدينة مثل نيالا بالطرق القومية، يعزز من مواقف المتمردين ضد السلطة ويضعف موقف المفاوضين في طاولات الحوار في الدوحة أو غير الدوحة. نيالا أصبحت المدينة الثالثة في السودان من حيث الكثافة السكانية بعد الخرطوم وبورتسودان وتجاوزت ودمدني التي تحتضر منذ سنوات بعد الموت المعلن لمشروع الجزيرة، وبعد أن أصبحت الأبيض عطشى حالها كالمزروب في أقصى الشمال الكردفاني، وجار على الأبيض الزمان وبدأت في التلاشي والشيخوخة المبكرة، لكن النهضة السكانية في نيالا لم تقابلها استحقاقات تنموية تذكر، فالحرب جعلت منها متلقٍياً للإعانات من الخرطوم لصرفها كرواتب للموظفين ومشروعات صغيرة ليست بحجم موارد الولاية من البساتين والبقوليات والثروة الحيوانية. عند عودتي لمدينة نيالا السبت الماضي مرافقاً لوزير الداخلية ورهط من القيادات المركزية، بدأت نيالا كمدينة باردة، في الاحتفاء بالقادمين اليها من الخرطوم وقيادات الحكومة الولائية باستثناء نائب الوالي (كمال) وهو الأكثر نشاطاً، تعوزها الحيلة ماذا تفعل؟.. وهناك في نيالا وزير متفق عليه كخبير في مجال المياه أسندت إليه مهام في تخصصه والكل هنا يتحدث عن إشراقات حكومة كاشا في وجود المهندس حسن كسكوك والوزير كمال ونائب الوالي د. عبد الرحمن الزين الذي تحسبه من التواضع رجلاً من عامة الناس. يواجه د. عبد الحميد موسى كاشا مصاعب كبيرة في إدارة شؤون الحكم من جهة أنه والٍ منتخب، ومن قبيلة كبيرة مثل الرزيقات لها مع الآخرين نزاعات، والمقارنات الدائمة بين كاشا ومن سبقاه المهندس الحاج عطا المنان والمهندس علي محمود وكلاهما من القيادات الفاعلة ورجال الدولة بالمعنى الحرفي، رغم أن د. كاشا في جعبته خبرة وزير زراعة اتحادي سابق، ووزير تجارة اتحادي سابق وبرلماني، ولكن نيالا تأخذ مشكلاتها بتلابيب بعضها البعض، ويتداخل الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، مما يجعل المظهر قاتماً دون وضع الولاية في تصنيف الحالات الخاصة لدعمها بالفكرة والمشروعات قبل المال.