لا شك أن المرأة قد أصبح لها دور في كل المجالات، وما يلفت الأنظار هو دورها في العمل الإنمائي والاستثماري الذي يحقق عائداً يعود على الأسر بالخير المباشر وعلى الاقتصاد السوداني الكلي بالإضافة المفيدة. وأذكر أنه عندما اتجهت إحدى النساء الفضليات للاستثمار في مجال طلمبات الوقود كان الناس يتحدثون عن ذلك النجاح باعتبار أنه ظاهرة نسائية جديدة، وقد تطوَّر الأمر فاتجهت عدة نساء إلى الاستثمار في مجالات مختلفة كان طابعها النجاح الواضح حتى أنشأ اتحاداً سُميَّ باسم سيدات الأعمال، وشارك الاتحاد من خلال عضويته في الكثير من الأنشطة المحلية والإقليمية والدولية فكان وجهاً مشرقاً للسودان وللمرأة. وينطلق نشاط هذا الاتحاد من داره الأنيقة بالمعمورة والتي تطوَّر العمل بها إلى إنشاء أسواق أسبوعية للملبوسات والعطور وأدوات الزينة وخلافها. ولكن لابد أن أعلق على عدد من المهن التي تعتبر جانبية ولكن المرأة نجحت فيها بشكل متفوق، وقد شهدتُ مرة بنادي البركل تكريماً لعدد من النسوة أذكر من ذلك بعض الأمثلة: المرأة الأولى تعمل صيادة بمنطقة جبل أولياء وتملك سبعة قوارب صيد وتعمل في الصيد بنفسها مع بقية الصيادين وقد اكتسبت خبرة كبيرة في مجاري المياه وأماكن تواجد الأسماك وأعماق النيل، وهي في نفس الوقت لها كافتيريا تحت الأشجار لتقديم الأسماك المحمرة والمشوية يؤمها الكثيرون خاصة من مجموعات الرحلات، إنها فعلاً مهنة جديدة بالنسبة للمرأة توضح تحملها وقوة إرادتها. أما السيدة الثانية فهي تعمل في تجهيز وصناعة العطور وقد أوضحت أن المهنة بدأت معها كهواية ثم تطورت إلى مهنة تدر لها أموالاً. وتقوم بصناعة العطور من الأعشاب والزهور والمواد الأخرى، ومنها النسائية والرجالية والخمرة والدلكة وقد توسَّع عملها وأصبحت توزع الإنتاج عن طريق البكاسي في الأسواق وأماكن التجمعات، وقد دعت الشباب لحجز متطلبات الزواج من عطورها التي تنافس المستوردة وبأسعار بسيطة لا تتعدى العشرة جنيهات للفتيل. أما السيدة الثالثة فهي عوضية المعروفة بأسماك عوضية بالموردة بالقرب من خور أبو عنجة وقد اكتسب مكانها شهرة كبيرة ويؤمه عدد كبير من الزبائن يومياً حتى أن أحد الأصدقاء قال إن الشارع أمامها يحتاج إلى عدد من رجال المرور، وهي تعمل بنفسها في نظافة الأسماك والاشراف على تحميرها من خلف الصاجات الكبيرة ويديره عدد من العاملين معها، ولمن لا يعرفها فهي معوقة تمشي على عصى وعلمت أنها قد عُينت عضوة بالمجلس الأعلى للمعوقين بالولاية. أما التكريم الثالث فكان للست «فاطمة انقاذ» كما يطلق عليها وهي تملك أكبر محل للمأكولات بمنطقة العمارات وتدير عملاً يشارك فيه العشرات من العمال، وهي تضع صورة كبيرة للرئيس البشير في واجهة محلها ومعروف عنها أنها تقدم وجبات مجانية للمشردين والفقراء والمساكين، وتؤدي فريضة الحج سنوياً من عائد محلها. أما التكريم الأخير فقد كان لسيدة تخصصت في عمل «الكوارع» اعتقد أنها من منطقة الصحافات واشتهرت بها وأصبحت قبلة للكثيرين من كل أنحاء العاصمة وتدر عليها هذه المهنة دخلاً محترماً علَّمت به أبناءها وأدت منه فريضة الحج أيضاً. إنها صور لنساء بسيطات ولمهن بسيطة متواضعة كلها مربحة وقد اكتسبن شهرة من خلال هذه المهن حتى أن الاحتفال بنادي البركل قد ضاقت به فسحات النادي الرحبة.ولكني أقول هل هؤلاء النسوة عضوات في اتحاد سيدات الأعمال أم من شروطه الدخول برأسمال محدد.. وهل تعرف هؤلاء السيدات دار الاتحاد بلفة جوبا بالمعمورة. إنني أرى أن تهتم الجهات النسائية المختلفة بهذه الأنشطة وتشجيعها سواء كان اتحاد المرأة أو المرأة العاملة أو سيدات الأعمال أو الأمانات المتخصصة في الأحزاب والهيئات العاملة في مجالات دعم الأنشطة النسائية.