البيرت ميلاد عبد السيد كان موظفاً بسيطاً في وزارة المالية، بدأت غربته قبل سنوات طويلة بدأها في ليبيا، ومنذ ذلك الوقت المبكر لا يعرف غير صداقات السودانيين، جمعتني به صداقة حميمة واختبرته في مرات عديدة فاستفزني بسودانيته، وعندما دعاني للغذاء في داره العامرة وتعرفت على أفراد أسرته تأكد لي أن السودان وشعب السودان، بخير وأن الإمتحانات الصعبة لم تلد إلا الرجال، والبيرت راجل جد، ولذا رشحته لكي يكون نائب رئيس الجالية السودانية في تورنتو، ولكن الأمواج أتت بغير ما تشتهي السفن، وعموماً له التحية ولأسرته، والتحية موصولة لناصر حكيم وتوماس توفيق ومجدي ومينا وللعزيز جورج عزيز وأسرته وماريو وأندري. وهناك زعامات أخرى شامخة ومتفانية مثل الخال أديب- وريمون- وفيصل- وفكري- والفائزين- ومراد بولس- وعمي منير- ومن انتقل لرحمة الله: رودي، ونخلة، ومجدي وغيرهم، ومنقاريوس وجورج سمعان ووليام ووصفي وبطرس وعاطف وجمال يونان ود. وجدي ونبيل عوض، والزعامة التاريخية للأقباط في كندا مسعود شفيق وإبنه بيتر وروماني وبوش ويوسف وجابر ود. رأفت ابن الراحل الشاعر منصور عزيز التوم ورضا، وكميل، ورفعت، وطلعت والظريف جرجس وأسرته، ورؤوف، والصيدلي علاء وزوجته بنت الدكتور منصور نصيف وأولاده، وميلاد، ونصر وأشرف، وأمير وداؤود، وابراهيم فتح الله، وأسماء أخرى لا أستطيع حصرها، أما عمنا فاضل ماهر فيكفينا فخراً به بناته وأولاده أمير وأشرف ويوسف، الذين يتمتعون بسودانية تفوق كل تصور وحميمية، تقهر كل أشكال التعصب والتطرف الأعمى، بيوتهم مفتوحة للقاصي والداني وكرمهم الفياض يعكس خلفية السودان، وكل ما في جملة «القومة ليك يا وطني» وأخص بالذكر هنا هذا الشاب أمير الذي بإمكانه أن يرتكب جريمة قتل ضد كل من تسول له نفسه المساس بالسودان أو باي سوداني، ولست مبالغاً في هذا، وإنما عن تجربة جرت أمام عيوني وعيون آخرى. أما نادر ابن الراحل العظيم فتح الله إبراهيم فتلك قصة أخرى، أصدقاؤه يسمونه نادر حلة، ولفظ حلة لقب لازمه منذ تلك الليلة في النادي القبطي بالخرطوم، عندما شاءوا التفريق بين كذا نادر ولا علاقة له ب«الحلة السودانية»، نادر حلة من الشباب القلائل الذين ارتقوا السلم بهدوء شديد، ولكن بذهن مفتوح وعيون مفتوحة ل«الآخر»، تنقل نادر عبر عدد من الوظائف تجمع بين الوظائف السيئة الصعبة، ووظائف يمكن من خلالها إستشراف المستقبل، وتمكن بذكائه وخبرته وتصميمه من أن يجتاز المرحلة الخطرة، ثم رويداً رويداً- كما يقولون- فارق الذل والمهانة، وأصبح أكبر موزع للفلايرز «أوراق دعاية إعلانية لكبرى الشركات الكندية وألأميركية» إلى جانب مشروعات استثمارية صغيرة تدر عليه مالا لا بأس به، لهم جميعاً وحتى الذين نسيت ذكر أسمائهم التحية والتقدير. وهؤلاء طبعاً هم بعض أقباط كندا، وإنني في انتظار ما يجمعه الأب القمص بيشوي وليم عطا لله كاهن كنيسة ما مرقس بتورنثو من كتابات عن جهادات أقباط كندا. ويقول عبد المسيح بدر الدين حسن علي إن الأقباط في السودان خمسمائة ألف، وفي اعتقادي أن أقباط السودان ثلاثة ملايين ما بين خارج السودان وداخله، كما يوجهنا عبد المسيح إلى قصيدة الشاعر الرائع محمد علي طه، التي غناها العطبراوي، ويقول عبد المسيح: وأزيدكم معلومة أن الأقباط السودانيين صحيح يعتبرون أقلية قليلة ولكنها مهمة، وتتكون من 500000نسمة، لديها مجتمعات محلية في مدن شمال السودان، وتشمل الخرطوم، وأم درمان، ودنقلا، وواد مدني، وبورتسودان، والأبيض، وعطبرة، وهذه الأخيرة لي فيها أهل كثيرون، وقد زرتها عدة مرات ويتواجد فيها عدد كبير من الأقباط، ونحن في ثقافتنا الغنائية نردد دائماً أغنية زيدان «وابقى راهب ليها وأعبدها»، وأغنية الفنان القامة مصطفى سيداحمد «مريم المجدلية» أو قصيدة أبو صلاح التي يقول فيها «لي في المسالمة غزال» - والمسالمة من أعرق أحياء أم درمان، ومعظم سكانه من الأقباط، ولاننسى ذلك الشاعر الرائع محمد علي طه العاشق للفتاة المسيحية، الذي غنى له الراحل المقيم حسن خليفة العطبراوي «أغنية مسيحية» التي كنا نرددها في صبانا: يا سلوة المحزون ... يا قيثارة القلب الجريح يا درة فاقت على الاتراب... بالقد المليح وبحق بطرس يا فتاتي .. من شفى الرجل الكسيح وبمريم العذراء .. والأحبار والراعي الصليح.