بأي فقه واي دليل دفع ذلك الإمام البحراوي رجلاً مسلماً بالغاً عاقلاً مستقبلاً القبلة، وقد دخل وقت الصلاة وهو يعلم فرضيتها ويفترض انه يعلم فروضها، وهو مستورالعورة طاهرا عن الحدث الأصغر والأكبر، وطاهرة ثيابه وبدنه ومكانه، وقد عقد النية وبذلك استكمل شروط صحة الصلاة؟ وكيف رضي أهل الصفوف الخلفية أن يوصموا بالفسق، فالإمام- وحسب عقله ولا أقول فقهه- افترض أن أهل الصف الأول جميعاً أتقياء، أنقياء عدا فرفور، فطهر الصف منه، ودفع به الى أمثاله من أهل الصفوف الخلفية !! لقد كتب كثيرون حول هذا الموضوع، ولكني توقفت عند الدكتور يوسف الكودة، والأستاذ مؤمن الغالي، والأستاذ حيدر المكاشفي، فالكودة فتح الباب على مصراعيه لأهل الفقه وأهل الرأي، ليتناولوا الأمر من كل زواياه، ومؤمن الغالي كان في عموده «شمس المشارق» في صحيفة آخر لحظة أفقه من ذلك الإمام، رغم أن الغالي يتهم على الأقل بأنه برتقالي وربما أحمر «مرة واحدة» وبالمناسبة الأخ مؤمن الغالي قبل أن نلتقي كان معجباً بي في ثلاثة أشياء.. كتاباتي وشعري وصورتي المنشورة في آخر لحظة.. ولكن بعد أن التقينا أصبح معجباً بشيئين فقط هما «كتاباتي وشعري» «الله يجازيك يا مؤمن أحبطتنا ونحن بنفكر في... أستغفر الله .. يا ولية هسع في زول جاب سيرة حاجة؟».. أما حيدر المكاشفي ففي عموده «بشفافية» بجريدة الصحافة فقد سيس الموضوع «خالص» وكتب ما معناه أن فرفوراً كان مع مندور، وغندور في الانتخابات الأخيرة، فلماذا تخليا عنه الآن؟ ونصح فرفور بالابتعاد عن السياسة في حين أن وردي رحمه الله كان سياسياً حتى النخاع، ولم ينصحه أحد بالتخلي عن السياسة!! من يبلغ ذلك الإمام أن من صحت صلاته ليس بالضرورة أنها قبلت عند الله تعالى وإذا حكم الفقيه بصحة الصلاة ليس معنى ذلك أن الله قد تقبلها، والقبول شأن بين العبد وربه.. وشروط صحة الصلاة تتعلق بالشرائع الظاهرة، وأما مقبوليتها فتكمن في الشعائر الباطنة التي لايطلع عليها أحد سوى الله تعالى، وأنت أيها الامام حكمت على فرفور بالفسق، والفاسق من يأتي الكبائر دون الاعتقاد بحلها فما رأيك في حديث «دعوه لصلاته فانها ستنهاه» وما رأيك في الحديث الذي أخرجه البخاري في التاريخ عن عبد الكريم قال: أدركت عشرة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصلون خلف أئمة الجور، فأيهما أولى أن يسحب أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام الجور ويصلي مكانه وتكون الفتنة، أم يحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمة صف المسلمين وتوحدهم خلف إمام واحد، رغم أن جور الإمام أشد ضرراً على الأمة من فسق أحد أفرادها، وإذا كنت تعتقد أن الغناء من الكبائر، فلماذا لم تترك فرفور لصلاته فلعلها تنهاه أم أنت أفقه من النبي صلى الله عليه وسلم. والفاسق يا إمام الهنا، إذا ثبتت عليه كبيرة يقام عليه الحد المقابل لهذه الكبيرة، ولا يقام عليه حد الردة، إذن هو ضمن جماعة المؤمنين، وله كل حقوقهم وعليه كل واجباتهم. أيها الإمام «الضكر» إذا كنت لم تزل إماماً- رغم أنف المصلين- «فابشر برجل أمَّ الناس وهم له كارهون» وأنت معك حق لأن مساجدنا تركت لأهل الجهل وأهل الادعاء، فالمساجد كان يعتلي منابرها الأتقياء الأنقياء «الأذكياء» وأنا أركز على الأذكياء أولي النهى لأنهم ما كانوا يأخذونهم لكليات الطب والهندسة والعلوم التطبيقية والكليات النظرية عالية المستوى، ويتركون أمر الدين لمن عجز عن دخول هذه الكليات، فالإمام الشافعي مثلا كان يغطي صفحة الكتاب التي لا يقرأ فيها حتى لا تقع عينه على كلمة فيحفظها مع الصفحة التي يقرأ منها. الأمر يا أهل الشأن هو فوضى ضربت المساجد، واضرب لكم مثلاً.. ففي حي أبوآدم بالكلاكلات هناك مسجد تضرب فيه الدفوف ليلة الاثنين وليلة الجمعة والمساكن- لاحظ المساكن- حوله لايعرف صغارها ولا مرضاها ولا المجهدين خلال يوم شاق من الكد والكدح، لايعرفون طعماً للنوم، وفي نفس الحي مسجد له مكبرات صوت استثنائية، ويأتي بوعاظ لهم حبال صوتية كحبال المشانق، يتحدث أحدهم من بعد صلاة المغرب حتى آذان العشاء، ويواصل بعد الآذان حتى الإقامة ثم يواصل بعد صلاة العشاء حتى يلعنه الجيران!!! وفي رمضان حدث ولا حرج، التراويح التي كان يصليها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أحياناً في المسجد وأحياناً في المنزل، ترفع لها مكبرات الصوت بل أن صلاة التهجد في الساعات الأولى من الصباح ترفع لها مكبرات الصوت، هي أيضاً.. والله سبحانه وتعالى يقول في الصلاة المفروضة «ولاتجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا» سينبري أحدهم ويقول إن لها خمس روايات من أسباب النزول، وأن أقواها وأعلاها ما أخرجه البخاري ومسلم والترمذي كما جاء في تفسير القرطبي عن ابن عباس رضي الله عنهما، انها نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوارٍ بمكة، وكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته، فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به.. نعم المسلمون لن يفعلوا ذلك، ولكنهم يدعون على من يرفع مكبرات الصوت بالنوافل إلا المشايعين منهم لهذه المذاهب الميكرفونية.. فما ذنب رجل صلى العشاء والتراويح وذهب ليأخذ قسطاً من الراحة ليلحق بصلاة الفجر ثم يقضي نهاره كادحاً من أجل الرزق الحلال، فيلحقه صوت رجل نام نهاره كله وجاء يتباكى جهرة بآيات العذاب وآيات النعيم، ويرددها في مكبر الصوت مجاهراً بصلاته بل صاكا بصوته آذان الساكنين.ونوع آخر من الفوضى حسبت مرة الزمن بين أول آذان وآخر آذان لأحد الفروض، فكان الفارق بينهما 45 دقيقة بالكمال والتمام، واليمن التي لا تبعد عنا كثيراً تؤذن مساجدها في لحظة واحدة، ثم لكل مسجد أن يختار زمن الانتظار بين الآذان والإقامة. ونوع ثالث من الفوضى احدى الإذاعات التي ترفع شعار حب النبي صلى الله عليه وسلم، تبث أدعية من نصوص القرآن والحديث وقت السحر، لكنها مصحوبة بخلفية موسيقية وشقشقة العصافير وخرير المياه!! ونوع رابع المصليات في المساجد اللائي ضُرب بينهن وبين الإمام جدار أسمنتي، عندما تقطع الكهرباء هن لايدرين هل الإمام قائم أم قاعد، راكع أم ساجد، وهذه الجدر ما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل من حل وسط به تصح صلاة هؤلاء المغلوبات على أمرهن ولا تقع الفتنة؟ وأما هذا الإمام فإذا كان أمره أمر دين، فعليه الاعتذار لله تعالى، ثم الاعتذار لفرفور، ولعامة المسلمين، أو فليقل لنا ما رأيه في إمامة الرئيس البشير للمصلين على جثمان الفنان المرحوم محمد وردي.!! اللهم اهدنا واهدينا وتقبل منا اليسير وسامحنا في الكثير.