رفدتني روائع السوانح بحضور ورشة مناقشة دراسة الوظيفة الاجتماعية لوسائل الإعلام وانعكاساتها على المجتمع السوداني التي نظمها بقاعة الشهيد الزبير مركز دراسات المجتمع «مداً» بالتعاون مع المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية وكانت الورشة محضورة بدرجة عالية، وشارك فيها عدد من قيادات العمل الإعلامي، وبعض مندوبي الصحف، ومنهم على سبيل المثال مندوب صحيفة «الرائد» ومندوب صحيفة «التيار»، وغاب عن الورشة رؤساء تحرير الصحف الاجتماعية، وهم المعنيون بهذه الورشة. ومن القيادات التي شاركت كجهات منظمة للورشة البروفيسور حسن محمد صالح- والبروفيسور على شمو- والأستاذة مشاعر محمد الأمين وزيرة التنمية والتوجيه بولاية الخرطوم.. وهي تتمتع بهمه عالية في عملها، مما أكسبها احترام الجميع- والدكتور بدر الدين أحمد ابراهيم- وسعادة السفير مروح بصفته الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية. كان الحضور أنيقاً، وكان الحديث أكثر أناقة، فقد تجملت الأبجدية ببوح هؤلاء الصفوة من المفكرين والخبراء في مجال الإعلام ودراسات المجتمع، فتحدث في بداية الورشة البروفيسور حسن محمد صالح مشيراً الى أن الصحافة بصفة عامة، قد شهدت في الآونة الأخيرة طفرة واسعة، وذلك في إطار مايسمى بالعولمة، وقد شهدت الصحافة العديد من مواثيق الشرف لحماية مهنة الصحافة كانت بدايتها في عشرينات القرن الماضي، وذكر أنه وبرغم هذه المواثيق إلا أن ما يعرف بالصحافة الاجتماعية، قد اعتورتها الكثير من البثور، وعرف العالم على الصعيد القطري والدولى مايعرف بالصحافة الصفراء، التي درجت على نشر الفضائح، والجرائم، والمخدرات، والجنس المكشوف، والإثارة، بغرض تحقيق أكبر قدر من الأرباح، وللأسف لاقت تلك الصحافة رواجاً كبيراً بين كل شعوب الدنيا، التي يروق لها الكثير من قراءة الفضائح والإثارة والجريمة، وقال إنه- وللأسف الشديد- قد لحقت هذه الوصمة بالصحافة الاجتماعية في بلدنا. بعد ذلك تحدث البروفيسور على شمو رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية وقال إن الصحافة في بلادنا تأخذ ثلاث تقسيمات هي الصحافة العامة - الصحافة الرياضية، والصحافة الاجتماعية، التي عرفها العالم باسم «السوشيال ميديا» والأخيرة تنال اعلى نسبة في التوزيع، لأنها تعتمد على الإثارة ونشر الفضائح والجرائم.. وقال إن هذا النوع من الصحافة لايهمها إلا الكسب دون المشاركة في بناء المجتمع. وبعد ذلك تحدثت الأستاذة مشاعر محمد الأمين وزيرة التنمية والتوجيه بولاية الخرطوم، وهي شابة طموحة تمثل كل طموحات الشباب، في مجتمع أفضل، ووطن أجمل، فاستهلت حديثها بأهمية الصحافة الاجتماعية، إلا أنها دعت الى إصدار صحافة اجتماعية جادة ولها القدرة على بناء المجتمع وليس هدمه، بنشر الجريمة والفضائح.. وقالت إنها حريصة على الاستماع لورقة الدكتور بدر الدين أحمد ابراهيم وكانت ترغب في الحديث بعد تقديم الورقة وطلبت إعطاءها فرصة أخرى للتعليق على ورقة الدكتور بدر الدين أحمد ابراهيم، والمعلوم أن هذه الورقة هي الوحيدة التي قدمت في الورشة، وكانت محكمة وشاملة، وقد تطرقت الى جميع وسائط الإعلام المقروءة والمسموعة عدا المرئية، وقد نبهت المداخلات الى هذا الخلل الذي جاء في هذه الورقة، غير أن الدكتور بدر الدين أحمد إبراهيم قد علل ذلك بانه ليس بالضرورة أن تحوي الورقة كل التفاصيل والحديث عن كل الوسائط، ومن ثم ركز الدكتور بدر الدين على الإعلام المسموع والمقروء بحسبانه هو الوسيط الأكثر انتشاراً، واعتمدت الورقة على الدراسة الميدانية بطريقة العينة، وحددت العينة التي اعتمدتها الدراسة- قياس رأى الجماهير- حول الوظيفة الاجتماعية لوسائل الإعلام وانعكاساتها على المجتمع السوداني، ودورها في بناء الأمة.. وأشار الى أن الصحافة الاجتماعية لم تلق الاهتمام من الدولة.مما يذكر فإن الورقة التي قدمها الدكتور بدر الدين أحمد ابراهيم جاءت أكثر واقعية لاعتمادها على العينة في تناولها، وقد حظيت باهتمام هائل من الحضور الذين قد أثروا النقاش حول الورقة، وكان في مقدمة المداخلات مداخلة الدكتور عبدالعظيم نور الدين الأستاذ الجامعي، والذي دعا الى إصدار صحافة اجتماعية نظيفة، تخدم القضايا الاجتماعية، وذكر أنه ليس في وضع محاكمة الصحافة الاجتماعية التي كيلت الاتهامات لها، فهي تقدم الواقع المعاش للمجتمع بكافة أوجهه سواء كانت سالبة أو موجبة، لكنه عاب عليها إغراقها في النواحي السالبة والسطحية، والتناول القبيح لحركة المجتمع. خلال المناقشات التي دارت، اتيحت الفرصة لكاتب هذه السطور ليتحدث عن تجربته في الصحافة الاجتماعية النظيفة، وقدم نموذجاً لصحيفة ومجلة .. الصحيفة باسم «المجتمع المدني» والمجلة باسم «التواصل» وهما تصدران عن منظمة ميديا للنشر والتوثيق لمنظمات المجتمع المدني، والمنظمة مسجلة لدى مفوضية العون الإنساني، وتهدف المنظمة الى نشر وتوثيق مناشط منظمات المجتمع المدني وتعمل المنظمة على تعزيز الشراكة بين المنظمات الوطنية ورصيفاتها في الوطن العربي، وقد أجرت المنظمة اتصالاً بالاتحاد العربي للعمل التطوعي ومقره الدوحة، وتقود الاتحاد الدكتورة منى بنت سحيم آل ثاني، ونتيجة لهذه الاتصالات وتقديراً لأمين عام المنظمة، وتقديراً للسودان تم تعيين الأمين العام لمنظمة ميديا عضواً بلجنة الإعلام بالاتحاد العربي للعمل التطوعي. ذكر أمين عام المنظمة أن صحيفة «المجتمع المدني» ومجلة «التواصل» توزع بالمجان، وهناك مشروع قيد التنفيذ لتوزيعها في (16) دولة عربية بواسطة الاتحاد، وسيتم قريباً تنفيذ هذا المشروع.. غير أن المنظمة عانت ما عانت وهي تحرص على مداومة إصدار الصحيفة والمجلة، وحينما ضاقت بها السبل في الحفاظ على استمرارية الإصدار، لجأت المنظمة الى الدكتور نافع على نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني لشئون الحزب، غير أن المنظمة لم تتلق من الدكتور نافع اي رد، فاتجه أمين عام المنظمة الى البروفيسور ابراهيم غندور أمين أمانة الإعلام والتعبئة بالمؤتمر الوطني، وأيضاً لم يتلق اي رد من البروفيسور غندور، ولم يبق للأمين العام للمنظمة إلا أن يسعى لطرق باب السيد رئيس الجمهورية، وباب السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ على عثمان محمد طه، وكذلك الدكتور أمين حسن عمر وزير الدولة برئاسة الجمهورية، والأستاذ محمد حسن أحمد البشير رئيس مؤسسة معارج، والباشمهندس الحاج عطا المنان رئيس شبكة سنا، ووزيرة التنمية والتوجيه لولاية الخرطوم، وسعادة الفريق طيار الفاتح عروة، وذلك في إطار المسؤولية الاجتماعية لشركة زين، ولا زالت الاتصالات جارية في هذا الصدد، وذلك حتى لا تسقط تجربة صحيفة «المجتمع المدني» ومجلة «التواصل». مما يذكر فإن ورشة الوظيفة الاجتماعية لوسائل الإعلام وانعكاساتها على المجتمع السوداني قد لاقت استحساناً من الجميع.. الانحناء والتحية الى الجهات التي نظمت هذه الورشة التي حركت المشاعر بحضور الوزيرة مشاعر.