ألا يضر الزهد عندما يزهد الإنسان فيما ينفع به الناس، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول فى ذلك: ( ليس الزهادة فى الدنيا تحريم الحلال، ولكن أن تكون بما فى يد الله أوثق بما فى يدك) البعض من أهل النظر والفكر عندما يزهد، ويملأ نفسه التواضع، ويكون زهده زهد فضل، فيجب ألا يكون ذلك مسوغاً لعدم ايراد مورده العذب، وقلة النهل منه. هذه المقدمة لابد منها إذ عند تسلمى إهداء على كتاب (دور الإسلام فى إنهاء الرق) The Role Of Islam In The Abolition Of Slavery من كاتبه الأستاذ عوض فضيل، جالت بخاطري الكثير من الأفكار والتساؤلات، فكم من العلماء والمفكرين ينزوون زهداً، فيضيع إنتاجاً غزيراً ومضموناً رفيعاً وعملاً طيباً. هذا الكتاب وهو فى الأصل بحث كتبه الكاتب باللغة الإنجليزية فى العام 1967، وظل محبوساً فى أضابيره رغم أهميته، حتى جاءت هجمة التسعينيات العدائية على البلاد، وألصقت به تهمة ممارسة الرق، فأخرجه الكاتب علّه يجد من ينفع به فى اتجاه الدفاع عن الإسلام، بدفوعات مفاهيمية وعقلية عن هذه الفرية، التى تلصق بالإسلام والسودان، وظل هذا الكتاب يتنقل مسودة بين عشرات الأيادي، حتى قيض الله له أن يرى النور على يد بعض أصدقائه وتلاميذه. وعوض فضيل عالم زاهد تخرج فى جامعة الخرطوم وتدرب فى جامعة ليدز البريطانية، وعمل بتدريس اللغة الإنجليزية منذ منتصف الستينيات، وحتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وانتقل من بعد ذلك للعمل فى مجال الترجمة خارج السودان، ليعود مع نهاية التسعينيات الى بلاده، وفى معيته مجموعات شعرية، ومسودات كتب باللغة العربية، واللغة الإنجليزية، فى انتظار من يخرجها من ظلمات المسودات الى أضواء المكتبات، والكتاب الوحيد الذى نشر له بعد هذا الكتاب هو كتاب (بدون تابلت) عبارة عن مجموعة آراء فى الشأن الثقافي والاجتماعي، وبعضها مقالات نشرت له فى جريدة الخرطوم، التى كان يكتب لها من إغترابه. وكتاب دور الإسلام فى إنهاء الرق، تم تصميمه ليستفيد منه الدعاة أولاً، بإيراد النص الإنجليزي، ويقابله النص معرباً، حتى يتمكن كل داعية ينافح عن الإسلام أن يقوم بذلك، وهو مطمئن لمصطلحه ونصه.. كما يفيد هذا الكتاب من خلال النص باللغة الإنجليزية فى تعريف الآخر بمذهب الإسلام الصحيح، فى التعامل مع قضايا مجتمعه، وحقوق الناس جميعاً. تحية للإستاذ عوض فضيل على عطائه الجزل، لقرابة النصف قرن، ولم ولن ينقطع رغم بعده عن أضواء المركز، مفضلاً رائحة الطين عند ضل النخيل.