صفاء الفحل أن تكرر مصر وتتفق مع وزير الخارجية الأمريكي على ضرورة (إعادة الحكم المدني) بالسودان في الوقت الحالي كانت كلمة حق أريد بها باطل لتفكيك جمود الموقف الامريكي في كيفية الحل، فمفهوم مصر عن الحكم المدني يختلف تماماً عن المفهوم الأمريكي أو رغبة الشعب السوداني الذي خرج في ثورة عارمة محدداً شكل الحكم المدني الذي يرغب فيه وإن كانت (العبارة) واحدة فالحكومة المصرية التي كانت ترى إن سلطة (كميل) وحدها يمكن أن تحقق ذلك الغرض وحاولت إقناع العالم بذلك، رغم أنها تعلم تماماً بأنها سلطة معينة من سلطة عسكرية إنقلابية كيزانية ولا علاقة لها بالديمقراطية والحكم المدني وتخدم أغراض تلك السلطة الإنقلابية في الإستمرار على سدة الحكم وهو الأمر الذي كانت ترغب فيه بشدة ببعض الملاحظات والعهود وجندت كل قوتها الدبلوماسية لتحقيقه وتقف اليوم محتارة في كيفية تحقيق ذلك مع (الغباء) الذي تدار به تلك الحكومة المقيدة بتحركات الجماعات الإسلامية الكيزانية. وقد ظلت مصر ومنذ إعترافها بذلك الإنقلاب تسعى لتحقيق وعدها الذي قطعته لقائد الإنقلاب (البرهان) بالبقاء على سدة الحكم على شاكلة (النظام المصري) الذي تقوده الأجهزة الامنية من الداخل بينما تتم تغطيته بحكومة (مدنية) فوقيه لمنحه نوعاً من الإعتراف والقبول الدولي وتواصل جهودها بعرقلة كافة الجهود المبذولة لإيقاف الحرب الدائرة ومحاولة إختراق المنظومة الأفريقية لمنحه بعض الشرعية وترفض الإعتراف بفشلها في ذلك لإختلاف الواقع المصري عن الواقع السوداني، بدأت بعد القرارات الأفريقية الأخيرة وإصرار أمريكا والدول الاوروبية على موقفها بإنهاء سيطرة المجموعات الإسلامية الكيزانية على القرار والإنفتاح بحكومة مدنية حقيقية بدأت في تلمس أأاطرافها وتأثير ذلك على إقتصادها المنهار أصلاً وهو مربط الفرس الذي أعاد تفكيرها المندفع لإيجاد الطريق . وبناء على معطيات كثيرة رفضت مصر إستقبال رئيس الوزراء الجديد كامل إدريس في أول زيارة خارجية له رغم الإعلان عنها وقدمت لسلطة البرهان (بالكربون) الرؤية الأفريقية الأمريكية لبدء ذلك الإنفتاح وعلى رأسها التخلص من سيطرة المجموعات الإسلامية أولا وهي رؤية (مصرية) قديمة حاولت التقاضي عنها مع وعود (برهانية) بضرب المجموعات الإسلامية بعد الإنتهاء من معركة الدعم السريع ولكنها عادت للسطح مع الإصرار الامريكي الاوروبي الإفريقي الذي وقف حائلاً أمام كافة الجهود المصرية ومن الواضح ان الإجتماع قد بدأ في إنتاج ثماره رغم خلافات تأجيله غير المبررة . ويبدو أن الحكومة المصرية التي فارقت موقف الحياد منذ الإنقلاب البرهاني على الشرعية الثورية والحكومة المدنية تحت زريعة الوقوف مع القوات المسلحة الموقف الذي كان يمكن أن نقدم لها الشكر عليه لو أنه جاء في غير ذلك التوقيت وهي تعلم تماماً بإستلاب عصابة الأربعة (برهان وكباشي والعطا وجابر) الكيزانية لقرارات تلك المؤسسة العريقة وسنقف معها ونثمن دورها وتأثيرها الذي لا ينكره أحد لو أنها فعلاً بدأت في إعادة حساباتها بعد ذلك الإصطدام بالمجتمع الدولي ذو الرؤية الواضحة من ذلك الإنقلاب والعودة الى منطقة الحياد الحقيقي المرتبط برغبة الشعب السوداني في إيقاف الحرب وقيام حكومة مدنية ودفع العسكر للعودة للثكنات وإقامة حوار جامع لكافة القوى السياسية بإستثناء (المؤتمر اللاوطني) الذي قال الشعب السوداني كلمته فيه.. خطوة انتهجتها مصر، ولكنها ليس بالكافية ونحن في إنتظار خطوات أخرى لإثبات حسن النوايا وتقديم مصالح الشعب السوداني على مصالح فئة محددة.. والتاريخ والأيام هما الفيصل . والثورة ستظل مستمرة .. والمحاسبة والقصاص أمر لا بد منه .. والرحمة والخلود لشهدائنا ..