لا اعرف كيف تقع حكومتنا الرشيدة في الفخاخ المنصوبة لها من قبل حكومة دولة الجنوب، المرة تلو الاخرى، رغم تشابه الشراك والفخاخ والظروف الموضوعية المحيطة بنصبها. الان وقعت حكومة الخرطوم في شرك قديم اسمه (قمة ثنائية بين البشير وسلفا كير).. ونحن نسأل من رتبوا لهذا اللقاء: «بالله عليكم ما الذي عاد على بلادنا من التفاوض من لا يرعون الا ولا ذمة..؟».. الا يكفي نتائج الاجتماعات السابقة التي تفضي نهاياتها الى بداياتها..؟.. وهل نسى المفاوضون والحكومة (نكوص) رئيس دولة الجنوب (المكشوف) عن التوقيع على اتفاق اطاري لحل (بعض) المشاكل والقضايا العالقة خلال قمة الاتحاد الافريقي الاخيرة بالعاصمة الاثيوبية «اديس ابابا» بعد ان اعلن داخل اجتماع القمة الرباعية على ذلك الاتفاق..!!؟ نكص «سلفا كير» عن اتفاقه ورجع عن موافقته الموثقة مما ادخل السيد ميليس زيناوي في حرج شديد وهو يعلن للرؤساء الافارقة ان اتفاقاً اطارياً سيتم التوقيع عليه بين السودان ودولة جنوب السودان، في شأن النفط وقضايا اخرى. الان وبعد ان اجبرت الازمات الداخلية والحروب القبلية، والمجاعة التي اخذت تحصد في ارواح الاف الابرياء من اشقائنا في الجنوب، وبعد ان اُعمِلت كل الوسائل وطُرحت كل الافكار والمقترحات المتلاحقة والمتساوقة تساوق النوق في القافلة، وبعد اخذ ورد وتداول رأى عباقرة الحركة الشعبية القائدة والحاكمة في دولة جنوب السودان، رأوا ان يجربوا خدعة جديدة، يأخذون منها مكاسب غير محدودة، مقابل لا شيء للسودان، وسعياً وراء تجاوز العقبات التي تعترض طريق العملية التعليمية في دولة الجنوب، اتفقوا مع المختصين في السودان، على ان تكون امتحانات الشهادة السودانية موحدة، ورموا بطعم صغير لحكومتنا الذكية، تمثل في منح الطلاب والخريجين السودانيين في السنوات النهائية بالجامعات التابعة لدولة الجنوب والتي كانت سودانية الى ما قبل الانفصال، شهادات التخرج واعتمادها من تلك الجامعات.. وقد وافقت الحكومة (الطيبة) واحسنت الظن بمنطق اهل السوق عندما يرون شخصاً طيباً او ساذجاً بريئاً يقع في المشاكل والديون وتصطاده شباك الشيكات المرتدة، اذ يقول اهل السوق ان فلاناً (راح شمار في مرقة) نتيجة لاحسانه الظن ب(الطن) اي ان احسانه الظن بالاخرين مطلق لا حدود له. حكومة دولة جنوب السودان تريد المماطلة وتعطيل عجلة التقدم في بلادنا، من خلال ضغطها من اجل التوقيع على اتفاقية الحريات الاربع.. هم يريدون ذلك.. فهل نحن نريد؟.. لا احسب ان مواطناً سودانياً مخلصاً يريد ذلك وحكومة دولة الجنوب تطرد كل يوم المئات والالاف وتأسر وتشرد مثلهم لا لسبب سوى انهم (سودانيون)، وليتهم كانوا (سودانيين) كما نقول لكنهم (موندكورو) او (جلابة) بلغة ومفردات التمرد التي مازالت سائدة حتى الان والتي مازالت تنضح حقداً وكراهية. موضوع النفط الذي هو الاهم الان تم (تعليقه) من خلال الاتفاق الاطاري الذي تم التوقيع عليه في اديس ابابا -حسبما صدر من تصريحات- لان الموقف حوله كان كالاتي: (اتفق الطرفان على استمرار التفاوض بشأن النفط في وقت اخر، وفق منهج جديد وتفاهم مشترك يلبي حاجة الدولتين ويكفل عدم تضررهما). بالله عليكم اعيدوا قراءة تلك الفقرة، وانظروا للتحايل الرخيص من اجل حلحلة مشكلات دولة جنوب السودان، وتعقيد مشاكل السودان. نحن لا نتوقع فائدة ترجى من قمة ثنائية اخذ قادة دولة الجنوب يسعون لها الان بين الرئيس البشير والفريق سلفا كير.. لا فائدة ولا عائد من تلك القمة لأننا نفهم منطق ومنهج التعامل الذي يتعامل به قادة دولة الجنوب، وهو اخذ كل المتاح ومنع المتاح وغير المتاح. نحن لا نريد اصدار حكم بفشل القمة قبل انعقادها، فالانعقاد والاجتماع والتباحث سيقود الى اصدار الحكم النهائي، والذي لا نتوقع له ان يخرج عما ذهبا اليه.. الفشل الذريع نتيجة الاطماع غير المحدودة في كل خيرات السودان، وتحميل المواطن هنا مسؤولية واخطاء حكام دولة الجنوب.. نحن لسنا على استعداد لدفع الثمن.