العادة في السودان أن نتفاعل مع موضوع ما أو نقابل شخصاً ما بحرارة، أي بحضور ذهني وقلبي معاً وظلت هذه العادة جزءاً من موروثات الشعب لم تتغير ولم تتبدل بتغير الحال أو الزمان، إلا أنه في الفترة الأخيرة وفي ظل تغير المناخ العالمي ومع موجة الحرارة القادمة التي ربما ستكون أحر مما هو متوقع، حيث بات الناس يستعدون لملاقاة هذا القادم بعكس العادة، بل بكل وجل وتخوف سيما وأن حرارة الجيب هي الأخرى قد تؤثر على الحركة العامة تحت حرارة الجو.. المشاهد أن بعض الأحياء داخل الخرطوم باتت تستعد لاستقبال الصيف كل حسب إمكاناتها المادية، فنجد البعض أتجه لشراء المكيفات أو الاسبيرات للقديم والآخر يقوم على قدر حاله بلف الزير بالشوال «شوال الفحم» الذي كان يستهلك لزوم التدفئة من البرد القارس «يا حليلو»، إلا أن الملاحظ أن ضل شجرة النيمة هو الأكبر مكانة والعامل المشترك للغني والفقير، فهي وفية ومتوفرة لكل من زرعها ورعاها وعاش معها بذكرياته الجميلة، النيمة للعلاج والنيمة للضل وقاية من حرارة الشمس الحارقة، لكن يبقى السؤال: هل تعلم الأجيال الحالية قيم وقيمة زرع الأشجار وبناء الأزيار أمام المنازل كعادة موروثة لسنين. ضل شجرة النيمة «الحبوبة الحنونة»، يلتف حولها أهل البيت لشرب شاي الصباح وخارج المنازل للجلوس مع الجيران وفي الشوارع العامة خلال انتظار موعد أو قضاء عمل.. فهلا جعلنا شجرة النيم رمزاً ومنطلقاً نحو ترسيخ ثقافة «يلا نزرع شجرة» لكي نحمي بلدنا من حرارة الشمس التي تهدد التنمية الاقتصادية بفعل مخاطر تغير المناخ العالمي.