أمريكا من أقل الدول فى العالم التى لا تتيح للمرأة أن تتساوى بالرجل فى الأجور والوظائف والمناصب السياسية وغيرها من الأمور، ولا تندهش إذا قلت لك أنها تأتي فى ذيل قائمة الدول التى يوجد فيها تمثيل للنساء فى المناصب الرسمية والسياسية وأتت فى الترتيب بعد رواندا و نيبال وكوبا، وإحتلت المركز الحادي والتسعين عالميا في هذا الترتيب. وهذا الإنخفاض في تمثيل النساء في السياسة الأمريكية سببه المرأة نفسها وهو لا يعود كما كشفت دراسة أجريت فى واشنطن - إلى التمييز ضدهن فقط، ولكن لأسباب أهمها غياب الطموح السياسي لدى العنصر النسائي. فالنساء ببساطة لا يترشحن للمناصب الرسمية لأنه لا يطلب منهن ذلك، وتحدثت دراسة حملت عنوان «الرجال يحكمون» عن ما وصفته ب «الفجوة في الطموح» بين الرجال والنساء في مجال السياسة الأمريكية. ورصدت الدراسة أسباباً لذلك منها خوف المرأة من البيئة الإنتخابية وما يرافقها من منافسة شرسة وحملات إعلامية وتبادل للإنتقادات. ومن ضمن الأسباب الرئيسية أيضاً عدم ثقة المرأة بكفاءتها وقدرتها على تولي المناصب المهمة والمنافسة في الإنتخابات إضافة إلى تحملها الجزء الأكبر من مسؤولية رعاية الأطفال و الأسرة. وترى الدراسة أن عدم مشاركة النساء على نطاق واسع في الحياة السياسية يترك تأثيراً سلبياً لاسيما على بعض القضايا الخاصة بالمرأة. وتقول أستاذة فى الجامعة الأمريكية فى واشنطن أن عدم وصول عدد أكبر من النساء، لاسيما إلى مجلس الشيوخ، سينعكس سلباً على قضايا حقوق المرأة وعلى التشريعات المتعلقة بالصحة النسائية كأساليب منع الحمل و الإجهاض. وبالرغم من أنه في السنوات العشرة الأخيرة ظهرت نساء أمريكيات كثيرات على الساحة السياسية والإعلامية، أبرزهن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الحالية، وهي أول سيدة أمريكية تطمح للوصول إلى منصب الرئاسة، فقد نافست الرئيس باراك أوباما على نيل ترشيح الحزب الديمقراطي لإنتخابات الرئاسة، إلا أن الفجوة في الطموح السياسي بين الجنسين مازالت كما كانت قبل عشرة سنوات. وبرزت أيضاً سارة بالين التى دفعها طموحها إلى خوض الإنتخابات لمنصب نائب الرئيس مع المرشح الجمهوري جون ماكين ضد اوباما ونائبه جو بايدن في إنتخابات عام 2008. كما برزت أيضا نانسي بيلوسي كأول إمراة ترأس مجلس النواب الأمريكي، وغيرهن كثيرات إلا أن ذلك لا يعكس واقع التمثيل النسائي في المناصب الرسمية والسياسية الأميركية والذي لا يتعدى نسبة السبعة عشر في المئة. و تقترح دراسة « الرجال يحكمون» زيادة برامج التدريب ونشر التوعية لتعزيز ثقة المرأة بقدرتها على منافسة الرجل ولتشجيعها على خوض معترك السياسة. ويختلف الحال بعض الشيئ فى أمريكا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي فقد إعتلت لورا شينشيلا كرسي الرئاسة في كوستاريكا كأول إمرأة تتربع كرسي الرئاسة هناك في السنوات الأخيرة ، لتصبح ثالث إمرأة رئيسة في أمريكا اللاتينية بعد رئيسة التشيلي ميشيل باشيليت ورئيسة الأرجنبين كريستينا كيرشنر. وتواصل المرأة في أمريكا اللاتينية تحقيق نتائج بارزة في جميع مجالات الحياة، كما أن تغيير المفهوم التقليدي للمرأة يعتبر دليلاً قوياً على التطور. وقد إختار عدد كبير من النساء في أمريكا اللاتينية المسار السياسي لإرتفاع الوعي السياسي والحماسة السياسية للمرأة وأيضا لتشجيع بعض الدول على ذلك من أجل تعزيز مشاركة المرأة في السياسة. كما أن تشريع قانون الكوتا وحق المشاركة السياسية للمرأة في الأرجنتين فى عام 1991 فتح الطريق ل 10 دول من أمريكا اللاتينية أن تحذو حذوها حيث كانت تتبع قانون الحد الأدنى لعدد المترشحات وتخصيص نسبة معينة من مقاعد البرلمان للنساء. وقد إستطاعت هذه الدول في فترة زمنية قصيرة تعديل قانون مشاركة المرأة في العمل السياسي.