كان يوم الثامن والعشرين من فبراير الماضي يوماً فريداً في تاريخ الأدب والأديبات في السودان، فقد كان اليوم الذي تم فيه تدشين أربعة دواوين شعر ومجموعة قصصية لأدبيات سودانيات طوعن الحرف كما ينبغي أن يكون التطويع، ثلاث إصدارات جاءت في شكل كتب مطبوعة، وإصدارات على طريقة الكاسيت وال(سي دي). كانت قاعة دار اتحاد المصارف بالخرطوم مزدانة بالحضور البهي لمحبي الأدب، ولم يكن غريباً غلبة العنصر النسائي، فالتكريم لأديبات، وكان ملفتاً جداً وجود قامات من أدباء بلادي، وفناني بلادي، وأساتذة الجامعات، فعلى يميني كان يجلس الدكتور الصديق عمر الصديق، الذي يرى فيه الوسط الأدبي النسخة الجديدة للراحل عبد الله الطيب، وعلى يمينه الشاعر عبد السلام الحاضر دوماً في المشهد الشعري، منذ أن كنا طلابا نتلقى الدراسات في مصر المؤمنة، وبالقرب منهم الشاعر الكبير مصطفى ود المامور، الراعي الرسمي للشعراء الشباب والفنانين الشباب دوماً، فمصطفى د المامور نذر نفسه للأخذ بيد الشباب فنانين وشعراء، وهذا موضوع آخر يستحق عموداً منفرداً. وعلى يساري كان يجلس العلامة الكبير الأستاذ الدكتور يونس الأمين الذي درسنا المسرح الفرنسي على يديه، وهو الرياضي المطبوع الذي يمتع مشاهدي التلفاز بتحليلاته الرياضية الرصينة، وقبل أن تبدأ الليلة أعلنت مقدمة الحفل وبحفاوة بالغة الترحيب بالمسرحي الكبير الممثل المخرج عمر الخضر، وهي حفاوة يستحقها. هذه نماذج من الحضور ذكرتها على سبيل التدليل على الآثار الحميدة الكثيرة والفوائد الجمة لاحتفاليات التدشين، فثقافة التدشين والرعاية -وإن كانت وردت الينا متأخرة قليلاً- ولكنها إحدى نقاط الالتقاء بين مؤسسات المجتمع المدني والمبدعين، والتي تصب في خدمة الوطن والمواطن، وحسناً تفعل أروقة بإقامتها لمثل هذه الفعاليات، وحسناً تفعل شركاتنا الكبيرة الرائدة برعايتها لمثل هذه الأنشطة، فهكذا تزدهر المجتمعات وتزدهي. «إنت الأول» كان الإصدار الأول للشاعرة إيمان متوكل، وهو يحتوي على القصائد زول جديد، مربعات، شكراً جزيلاً يا بحر، ترقب، حزن نبيل، أنت الأول، هل؟، تفاؤل، بكرة. «الدمع يعتاد الرحيل» كان الإصدار الأول للشاعرة تقوى عبد الله محمد، التي أهدت إصدارها إلى أمها شعراً قائلة: «إلى التي توضأ الحنان في ثيابها فاغروقت مشاعري بعشقها من لحظة الطفولة إلى التي تعيش في دفاتري وأحرفي وفي دمي ودائماً في خاطري تفوز بالبطولة..» يحتوي الديوان على مقدمة والإهداء وخمس عشرة قصيدة. «زمن اللاوعي» كانت المجموعة القصصية الوحيدة في تلك الليلة التي غلب عليها الشعر، والمجموعة بقلم القاصة نجاة ادريس اسماعيل، التي أنابت عنها الشاعرة ابتهال، لتقرأ على الحضور إحدى قصص المجموعة. تحتوي المجموعة على إهداء الى شقيقها أبو عاقلة ادريس، وفاءً وعرفاناً، ومقدمة بقلم الأستاذة الروائية زينب بليل وست عشرة قصة قصيرة. «عبير اللحظة» كان الإصدار الأول للشاعرة ماجدولين سعد، والذي يحتوي على مقدمة واثنتي عشرة قصيدة. خاتمة الاصدارات كانت للشاعرة المتفردة سعادة عبد الرحمن بعنوان «الجزح المنوسر» ويحتوي على الجرح المنوسر، على مهلك، بنات البلد، حست، صاحين، طيف هوى، يا قلبي، الله على العمر الودر، بعد إيه العشرة هانت، اتفارقنا، جيداً رجعت. نكررالشكر لأروقة للثقافة والعلوم، رائدة ثقافة التدشين والرعاية، ولأمينها النشط الخلوق خليفة حسن بلة.