طيب .. حتى تكون الخسائر معقولة .. أري أنة واجبا علي المتخصصين قول بعض الكلمات في حق المشكلة البسيطة التي أتوقع أنها قد أعترت تشغيل مصنع سكر النيل الأبيض فكان إلغاء الاحتفال هو موضوع اليوم التالي في عموم البلاد. حسنا .. وحتى تكون الكلمات محدودة ومفيدة، سأسال أسألة افتراضية قائلا .. هل المشكلة التي أعترت تشغيل المصنع مشكله عادية؟. والإجابة ببساطه نعم .. مشكله طبيعية في مرحلة من مراحل الاستلام، إذ إن مثل هذه المشروعات الكبيرة عادة ما تكون مراحل الاستلام والتشغيل فيها علي مراحل، وقد تفشل مرحلة استلام، ولكن ذلك لا يعني فشل المشروع أو عدم كفاءة من المقاول أو الاستشاري أو الجهاز المشرف، فكل مختص في دنيا المشروعات يعلم يقينا إن ذلك أمر له احتياطات واعتبارات في العقد والمواصفات. إذن. ان قلنا وأقررنا إن الخطأ وارد مادام أنه مقدور علي مراجعته وفق المواصفات وبنود العقد، واعتبرنا إن ذلك أمر عادي في كل مشروع .. (راكوبة) أو مصنع سكر.. فان ذلك يقودنا إلي السؤال التالي .. لما استقال السيد وزير الصناعة وأمر السيد الرئيس بتكوين لجنة تحقيق وقامت قيامة الصحف؟. والإجابة مرة أخري ببساطة وبهدوء .. لان الاحتفال قد تم تأجيله وقد سبب ذلك الأمر حرجا بالغا للمسئولين مع مؤسسة الرئاسة وضيوف البلاد الأجانب. ولجنة التحقيق ستكون رتبت أمرها وأولوياتها كالأتي .. أولا لما لم يعمل المصنع؟ ثأنيا لماذا لم يتحدث الفنيون عن أن عطلا ما قد يعتري التشغيل؟ ثالثا لماذا لم يراجع المهندسون أمر التشغيل قبل تحديد موعد الافتتاح؟. ويؤسفنى أن أقول إن اللجنة إن رتبت أمرها وفق ماذكرت وذلك وارد بنسبة كبيرة للضغط الكبير للأمر .. إن فعلت لجنة التحقيق ذلك فستكون قد ابتعدت كثيرا عن تكليفها واقتربت كثيرا من الخطأ المشهور في مثل هذه الحالات .. تحديد كبش الفداء. أوصي لجنة التحقيق أن تكون أولوياتها و أسئلتها المفتاحيه كالأتي .. أولا هل تم تحديد موعد الافتتاح بواسطة المهندسين والإدارة الفنية للمشروع أم بواسطة السياسيين؟ .. وشهادتي لله .. طوال عام كامل اقرأ فيه يوميا خمس صحف. لاتخلو تلك الصحف من تصريحات سياسية هنا وهناك عن افتتاح أو تأجيل أو قرب إنتاج أو غيرها في عبارات مقدمة الافتتاح والتي يتم استخدامها سياسيا لإغراض فلنقل أنها شريفة. ثانيا .. هل كانت الاداره الفنية للمشروع ستتنازل عن أمر التجريب التشغيلي أم كانت ستؤجل ذلك الأمر الى ما بعد إرضاء السياسيين وإكرام ضيوف البلاد؟ والإجابة ههنا أن من يتنازل عن أمر التجريب التشغيلى فلا عقل له. وإزاء ذلك .. فلابد انه سيكون استجابة لضغوط سياسية يؤجل من أجلها أمر بعض الاختبارات. إلي هنا.. وبصوره مهنية مجردة من أي غرض .. فالافتراض القائم في هذا المقال ان الخطأ فني و مقدور عليه .. وأن مسألة (أمريكا ) في برنامج التشغيل تلك عبارة عن موضوع لينشغل به القوم تفاديا للحرج .. وذلك تدليس لا ادري صحته من عدمها. أما إن كانت هنالك معضلة حقيقية في تشغيل المصنع تعوق أمر إنتاجه وستتطلب تدخلا فنيا وتعاقديا وزمنا طويلا لمعالجتها .. ان كان ذلك كذلك فتلك كارثة سياسية وإعلامية ستحل علي الحكومة .. ومصيبة مالية وسئ سمعة ستحل علي المقاول والاستشاري والجسم الإداري للمشروع .. و يثير الامر سؤالا أكاديميا ومهنيا .. هل يحتاج السودان .. هذا البلد المتفرد بالخبرة .. هل يحتاج لدراسة بحثية علي مستوي عال لتأسيس نظريات خاصة به في طرق ونماذج إدارة المشروعات الهندسية به .. و يكون مشروع سكر النيل الأبيض كدراسة حالة .. لنرى.