مدخل الوطنية هي نمط فكري ومبدأ سلوكي ، انفعال عاطفي مبني على ماهو موقفي , يلتهب بدون مقدمات ، ويقدم بدون تردد ، ويضحي بدون انتظار المقابل . والوطنية كما معلوم مشتقة من وطن والوطن هو ذلك العنوان الجغرافي التأريخي لمجتمع الإنسان والذي يمثل الانتماء الفطري والمكتسب لمعاني اعمق من تلك المساحة على الأرض تضحية ودفاعا وانفعالاً بكل ما يحتويه الوطن دون فوارق جهوية او حزبية أو قبلية او مهنية . والمواطنه هي الرابطة السياسية القانونية بين الشخص والدولة ينشئ عنها حقوق ويترتب عليه واجبات . إذن الوطنية أمر وجداني يجري في العروق ويترجم الى أفعال تحافظ على المجتمع وتضيف الى خصاله متانة في العلاقات الاجتماعية وبدون شك كل هذا سيزيد من الانتاج في المؤسسات المختلفة . والامر في غاية الاهمية إذا اخذناه بمنظور شامل لكل شرائح المجتمع لان المصطفى صلى الله عليه وسلم قال ( الخير في وفي أمتي الى يوم القيامة ) إذن كيف نستنطق الخير في قلوب العباد . لان الخير موجود في الإنسان السوداني . كما قلت في قصيدتي الوطنية ( غزل في الوطن هل تكفي الجنسية السودانية كلنا يحمل الجنسية السودانية سواء بالميلاد او بالتجنس ولكن كم من هذه الملايين من هو أو هي وطني غيور يطبق الوطنية خلال يومه ، في كلامه وتصرفاته ، يطبقها في حياته . فالوطنية هي المحافظة على كل ما يمس الوطن والدفاع عنه وتطبيق ( من راى منكم منكرا فليغيره بيده وإن لم يستطع فبلسانه الى آخر الحديث ... ) وليس بالضرورة ان يغير بقلبه لان التغيير بالقلب في حق الوطن هو سكوت عن الحق والنظر بعين العاجز ، فما معنى ان ترى شئ يمس الوطن وتقول لو كنت كذا لفعلت كذا وكذا، قلها وحاول أو تعكس ما بجوفك تجاه ترابك الذي احتضن كل ما تحويه من معاني سامية . الوقت الآن هو وقت تضافر جهود .. وقت عمل .. فلنخطط الى وطنية شاملة في المدارس والجامعات ، في وسائل الإعلام المختلفة ، وعلى مستوى المحليات يجب أن تكون الوطنية هذه احد البرامج المهمة التي تعطى الجهد والمال ، فالوطنية ليس ماء يشرب ، بل ارتواء وجداني يجري في الدم ويمر بمراحل طويلة حتى يكون الوطن هم ومحل اهتمام ، محل تضحية وبذل وعطاء . فلنتعلم كيف نعطي بلا مقابل ولا ننتظر الرد .. نتعلم كيف نبادر ونصلح دون رياء او انتظار أجر في جراحات الوطن الغالي الذي يجد الجحود والانكار من الكثيرين من أبناءه الذين تربوا على كنفه وتعلموا . ولم يحسو بمنفعته من الآخر كدا الوطنية حقيقة تحتاج إلى ورش عمل تشترك فيها العديد من الجهات ذات الصلة ( وزارة التعليم العام ، وزارة التعليم العالي ، ديوان الحكم الاتحادي ، الإعلام المرئي ، المسموع والمقروء ، مراكز الشباب الثقافية والفنية ، مجالس رعاية الشباب ، الرعاية الاجتماعية وغيرها من الجهات التي يمكن ان تسهم بصورة كبيرة في الكثير من جوانب الموضوع ، وبالتالي ينعكس ذلك على المدى القريب والبعيد في تصرفات المواطن في سيره في الطريق ، في سلوكياته تجاه الوطن ومكتسباته وخيراته الوافرة ، ينعكس ذلك في الخطاب العام في وسائل الاعلام المختلفة مما يساعد في تعميق الاحساس بالوطن والوطنية السمحة . ينعكس ذلك في الالتفات إلى الدراسة في مدرجات الجامعات والاهتمام بالتحصيل من أجل الوطن ورفعته ، ينعكس ذلك في التراحم والترابط بين ابناء الوطن الواحد . والأهم من كل هذا يجب الا يربط هذا البرنامج هذا بحكومة معينة او بالجوانب السياسية عموماً حتى تتسع رقعة الفائدة لاكبر شريحة ويكون التيار العام هو الوطنية الشاملة التي لا ترضى شئ يسئ إلى السودان الوطن . لحظة أخيرة علينا إن نستفيد من المساحات الأخرى إن جاز التعبير في توسيع دائرة الوطنية كالإنترنت والذي يمكن يناقش فيه الموضوع وسط شريحة هي عرضة لتغيير الأفكار بصورة مباشرة وتغذية مستمرة على اختلاف ميولها وتوجهاتها وأيدلوجياتها المتباينة لان ذلك من طبيعة البشر واختلافهم منذ هابيل وقابيل . وهذه دعوة للاستفادة من هذه الشبكة العريضة (الإنترنت ) عبر المنتديات السودانية للنقاش حتى نرسم خارطة واضحة لتك الوطنية لنتفق علي أساسياتها وأصولها وثوابتها ولا بأس إن نختلف في فروعها وتفاصيلها ذلك الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية تجاه الوطن . هذا بجانب الاستفادة من المنتديات الثقافية المنتشرة في المدن خاصة وان هذه المراكز تضم كل الفئات العمرية والنخبة المثقفة بفهم شامل للاستفادة من هذا الكم الهائل من الذخيرة الثقافية الادبية الاجتماعية ، وألا نعتبر هذه المراكز مكان للترفيه وتقضية الوقت فقط . آن الوقت حان لتضافر الجهود والتخطيط لوطنية شاملة تشترك فيها المدارس والجامعات ، وسائل الأعلام المختلفة . وأريد أن أركز في علي الجانب التمهيدي لذلك السمنار الذي يمثل حجر الزاوية لأمر أصبحنا نتحدث عنه وغيرنا له فهم مغلوط أو مغاير ، فلابد أن تنسجم رؤانا ونضع نصب أعيننا تلك الخطوط الحمراء التي يجب إلا نتجاوزها في حبنا للسودان الوطن مهما اختلفنا مع بعضا البعض ، نريدها وطنية شاملة ، نتفق ونختلف فقط دون إن نلمس الخطوط التي تمثل هم مشترك لكل سوداني غيور عليها داخل أو خارج السودان . أجر .. فلتتحد الرؤى والأفكار من أجل سودان واحد موحد معافى من أمراض المجتمع .. فنقلها جميعاً رجال ونساء .. شيب وشباب ... (جدودنا زمان وصونا على الوطن على التراب الغالي الماليهو تمن ) ونردد أيضاً ( نحن حافظين للوصية جوه في قلبونا الوفية ) .