عدت جوبا هجومها على هجليج انتصاراً تحقق ضمن الاهداف المرسومة سلفاً للضغط على الخرطوم التي ظلت ومازالت تتعامل مع الجارة الجديدة اليوم «شقيقة الامس» بروية ودبلوماسية مشوبة بالحذر في احايين كثيرة.. يبدو جلياً للمتابع ان قضايا السلام في السودان ثمنها اصبح اكثر من ثمن الحرب، وهكذا تتسابق الاحداث العسكرية وفق الخطة لاذعان الخرطوم على قبول شروط جوبا دون اغضابها.. الا ان دروس التعاطي السياسي والدبولماسي تصبح بعيدة عن الدولة الجديدة التي كان عليها ان تتقرب وتتودد اكثر من السودان ان لم يكن بهدف الاستفادة من الخبرات الاقتصادية والتعاون الجيد في مجالات التنمية على الاقل رداً على الجمايل الكثيرة اعلاها تحقيق فكرة الاستفتاء ثم الاعتراف بخيار الانفصال واقلاها وقف الحرب واقرار خيار السلام حتى لو كان على حساب الوحدة وهو ما كان بعد ذلك الكل تابع مشاهد العدوان على هجليج وما نتج عنه من ردود افعال محلياً واقليمياً ودولياً توافقت في مجملها على استهجانه ولم يكن مبرراً بأي حال من الاحوال.. الشارع السياسي فسر الهجوم بطرق مختلفة منها ربما ارادت جوبا وضع الخرطوم امام خيارين لتختار اما ابيي او هجليج دون ان يعترف الجنوب بتبعية ابيي اصلاً بالشمال الامر الذي تم حسمه في لاهاي مؤخراً. المتابع للاحداث الاخيرة يستوضح ان القوات المسلحة قادرة تماماً لبسط سيطرتها على هجليج وحمايتها من استهداف اخرى.. وها هي تزحف لرد الصاع صاعين بحسب ما صرحت به القوات المسلحة السودانية. اذن السؤال الذي يفرض نفسه الان ماذا لو اقدمت قوات الحركة الشعبية على هجوم ابيي، دون ان تأبه بوجود قوات دولية، وما هو موقف القوات الاثيوبية في حال حدوث اعتداء عليها، عدد من المحللين لم يستبعد اقدام جوبا على نسف او حرق اي سلام او استقرار في تنفيذ اجندة خارجية خاصة وان الدولة وليدة ربما هي ليست بالمستوى المطلوب لفهم السياسات الدولية وكيفية التعامل مع مثل هذه الاحداث ويرى اخرون ان ذلك ممكناً طالما ان جيش الحركة ومن معهم يصبحون ويمسون وهم سكارى في اغلب الاحايين برأي اخرين. الدكتور حسن الساعوري الخبير السياسي استبعد تماماً تهور حكومة جوبا واقدامها على خرق مواثيق دولية منوهاً انها اذا ما ارادت ذلك ربما ستضطر الى تنويه القوات الاثيوبية التي تعمل على حفظ الاستقرار وبحسب المهمة الموكلة بها واكد دكتور الساعوري ان عدوان هجليج نسف كل ما تم بناؤه مع دولة الجنوب واعتبر الخطوة بالعمل السياسي الكبير الذي يهدف لاسقاط الحكومة السودانية وخلق ظروف جديدة في الخرطوم الامر الذي لم تفلح به واعتبر فشل زريع لمخطط جوبا الاخير. الامر الآخر ما هو موقف القوات الاثيوبية المتواجدة في ابيي اذا ما اقدمت قوات الحركة الشعبية بهجومها ما ليس مستبعداً هو اضطرارها للدفاع عن نفسها اولاً ثم الحفاظ على مهمتها الاولى «الاستقرار» مع وجود تعاون وثيق من قبائل المسيرية والدينكا نقوك ساكني المنطقة بشراكة اجتماعية قديمة وليس بعيداً عن هذا الشأن الذي ينبغي التحوط له من اعتداء مماثل كان الرئيس المشترك للجنة الالية المشتركة على منطقة ابيي قد كشف في تصريحات له عن تعليق اجتماعات الالية مع دولة الجنوب، معلناً استعداد ابناء المنطقة لدحر اي هجوم مباغت في حال حدوثه، مؤكداً على ان امر حماية ابيي موكل للقوات الاثيوبية. على صعيد متصل هل ستقدم حكومة سلفا كير على نسف المواثيق والتي ابرمتها في اديس ابابا بشأن ابيي والشاهد عليه دولياً الاممالمتحدة واقليمياً الاتحاد الافريقي.. اما ان رئيس دولة الجنوب سيتم وضعه امام الامر الواقع الذي رسمه له كلا من نائبيه رياك مشار وباقان اموم وتبقى الدولة الوليدة بعيدة عن المؤسسية في كلٌ تهافت الدول الاجنبية لفرض سيطرتها غير المباشرة تنفيذاً لاجندات معلومة للسودان بالضرورة والواقع الجديد يملي على الخرطوم اعمال لغة العصا على الاقل بقوة هذه المرة بدلاً عن الجزرة.