دعوة أنيقة عبر الهاتف والبريد الإلكتروني، ومن خلال حزمة الأوراق التي تنتظرنا أمام طاولة الأستاذة أميرة ب(آخر لحظة)- وصلتني من وزير تنمية الموارد البشرية د. كمال عبد اللطيف لحضور أول اجتماع للمجلس الاستشاري، بعد ميلاد الوزارة التي استطاعت تجاوز شهور التسنين في أيام معدودة فيما لا تزال وزارات ولدت معها في يوم واحد وبذات المستشفى تبحث عن سرير يستلقي عليه الوزير ومن ثم البحث عن بقية مكونات الوزارة. ربما كان لوجود وزيرين من الفئة الشبابية في القيادة أثره، لنشاطهما وتناغمهما رغم اختلاف المذاهب السياسية.. كنت أظن وبعض الظن إثم أن حضور المجلس الاستشاري للوزير لايتعدى بضع أشخاص من المتقاعدين عن الخدمة المدنية والخدمة العامة وقليل من أصدقاء الوزير الذين تجاوزهم قطار التوظيف، فيأتي بهم الوزراء بغرض تجميل أنفسهم. وبعض الوزراء يحرص على اختيار العامة من الناس حتى يصبح نجماً بازخاً في سماء المجلس الاستشاري.. لكن وزير تنمية الموارد كمال عبد اللطيف اختار من أساتذة الجامعات ومن مراكز البحوث والمعلوماتية والإعلاميين والقيادات الفاعلة في الخدمة المدنية وضمهم للمجلس الاستشاري. لأن الوزير له ثقة في نفسه اختار من السياسيين المهنيين من الأحزاب غير الحاكمة، حتى بدأ المؤتمر الوطني غريباً في قاعة الاجتماع الأول، وضم الاجتماع من نجوم السياسة طه على البشير رئيس نادي الهلال الأسبق والقيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي، وجلس بالقرب منه محمد يوسف الدقير الذي زجَّ به حزبه لمنافسة عبد الرحمن الخضر بينما كان مقعده جاهزاً في البرلمان، ومقابل الاتحادي من حزب الأمة د.إبراهيم الأمين وأميرة أبو طويلة وأنيس حجار ود.ميرغني عبد العال حمور، ومن حركات دارفور غير المسلحة مريم تكس مقابل د.أمنة ضرار من حركات الشرق. وحشد الوزير مديري المصارف وكبار رجال الأعمال كالاقتصادي عبد الرحمن حسن عبد الرحمن مدير عام بنك أم درمان الوطني ومساعد محمد أحمد مدير مصرف التنمية، ومن أساتذة الجامعات د. عمر المقلي ود. بكري عثمان سعيد، ومن البرلمان البرجوب وعبد القادر محمد زين، وتمثيل للجنوب بأربعة من رموزه تتقدمهم سارة اليجا أمين المرأة ود. كيمو أبان أديمو، ونجوم أخرى يصعب حصرها في سطور محدودات ليبدأ حوار حقيقي حول مستقبل تنمية الموارد البشرية في البلاد، ولماذا تأخر قيام الوزارة في ظل الحاجة لها منذ أمد بعيد وكيف تعوض الوزارة ميلادها المتأخر نسبياً. أطلق الوزير للاستشاريين عنان الكلام بيد أن العلماء من أصحاب الخبرات لم تذهب بهم «نداوة» المكان وحسن تدابير سكرتارية الوزير للحديث الشفاهي المطلق، فاختار البروفيسور الطيب حاج عطية المضي قدماً في تقديم مقترحات عملية لكيفية تطوير الموارد البشرية، وهو ذات الطريق الذي سلكته د. سهام محمد أحمد «الكنانية» لينفض المجلس الاستشاري بأكواب الماء البارد والنظرة للنيل من الطابق ال«24» لعمارة برج الاتصالات وكل أعضاء المجلس الاستشاري ينتابهم الإحساس بالانتماء للوزارة وهم يتأبطون أوراقاً قد تجعلهم يسهرون معها بدل النوم باكراً..