مدخل: الحرب النفسية هي مدرسة علمية متمكنة خرجت من رحم علم النفس العام ولها فنياتها المدروسة كما لها معاهد تتقن فنونها وأسرارها وأساليبها وهي الحرب القادمة.. هي حرب خطرة تدمر الشعوب وتهزم الأنفس وتقضي على السياسات والجسور الدبلوماسية.. وهي ثغرة كبيرة لمزيد من الضغوط الدولية على البلدان التي لا تفطن لهذه الحرب.. بجانب بزوغ هذه الحرب من الداخل.. نعم هي الحرب النفسية.. ما أخطرها على المجتمعات والشعوب.. تنخر جسد الوطن وتأكل جوانبه كما تأكل النار الهشيم.. خطرها في زحفها المستتر وتأثيرها القوي على الروح والنفس وانعكاسها على الروح المعنوية للجند والمواطن على حد سواء.. فما هي الحرب النفسية وما هو أثرها على الدولة وخططها وعلى المواطن على حد سواء.. وما هو دور المجتمع المدني ووسائط الإعلام في التصدي لمثل هذه الحرب. هي الحرب الكلامية.. الحرب الباردة.. حرب الأعصاب.. الحرب النفسية.. حرب المعلومات.. التسميم السياسي.. الحرب المعنوية.. وهي الاستخدام المدبر لفعاليات معينة معدة للتأثير على آراء وسلوك مجموعة من البشر بهدف تغيير نهج تفكيرهم.. وهي موجودة منذ أن وجد الصراع البشري ولكنها كمصطلح لم يظهر إلا بعد الحرب العالمية الثانية.. وتشمل بمعناها الواسع إستخدام علم النفس العام لخدمة الهدف بأساليب الدعاية والشائعة والمقاطعة الاقتصادية والمناورة السياسية.. وتعتبر هي أقل الأسلحة تكلفة. ومن أنواعها الدعاية والشائعة وقيادة الرأي العام.. والشائعات بدون شك تكثر في مثل هذه الظروف بما تسمى بالشائعة الغائصة التي تظهر في أوقات الحروب والكوارث المختلفة بصورة عنيفة وتختفي باختفاء هذه الظروف.. ويكون لها تأثير كبير خاصة وأن المجتمع يكون أكثر قابلية على سماع هذه الأخبار والمعلومات التي قد تكون في كثير من الأحيان مشوشة ومضللة.. فيجب على المواطن أن يكافح هذه الشائعات بالتحري الدقيق من المعلومة قبل أن يتناقلها بين الناس همساً أو بصوت جهير يقول الله تعالى في محكم تنزيله: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).. فواجبنا نحن كمواطنين أن نستوثق من أي خبر نسمعه خاصة ذلك الذي يبدأ ب(قالوا) وأعوذ بالله من قلنا وقالوا.. أي الذي لا يستند إلى مصدر موثوق به يمكن الرجوع له والتأكد من خلاله. وقد سرت شائعات كثيرة في الفترة الماضية منها ما مس الجانب الاقتصادي ومنها ما صادف هوىً اجتماعياً وكنت قد تحدثت في هذا المنحى في الأيام الفائتة عبر إذاعة إف إم 89 الصوت الاقتصادي الأول.. عن خطر الشائعات على المجتمعات وما تفعله به.. لهم التحية وهم يطرقون مواضيع تتناسب مع كل حدث في البلاد. لحظة أخيرة: ونقاوم الشائعات بصورة فردية وجماعية مجتمعية كما تقاومها الجهات الرسمية من قبل الدولة بجانب وسائل الإعلام.. أما الفردية فهي بالتأكد من مصدر الشائعة ومدى صحتها وعدم نشرها وبثها.. فهناك من (يبروز) الشائعة ويضع لها من الحواشي والزيادات ما يجملها ويجعلها أكثر تصديقاً.. والمقاومة الرسمية وهي الأهم.. وهو أن تأتي الدولة بالبيانات والتوضيحات الحقيقية أول بأول ومع كل حدث حتى يتم قطع الطريق لأي شائعة قادمة.. فالتنوير المباشر ووضع المواطن في الصورة هو سلاح قوي لمحاربة الشائعة حتى يكون رد أي شخص يسمع الشائعة (آآ كضاااب).. فالحقيقة هي كذا وكذا.. ولابد من مزيد من المواءمة والتناغم الإعلامي حتى يكون حائط الصد قوياً.. تأبى الرماح إذا اجتمعن تكثراً.. وإذا افترقن تكثرت آحادا وحتى نكون (سم ابدرق البصقع جدري القيع البفقع).. لابد من تناغم مجتمعي يفضي إلى وطنية حقة لتكون مصدات رياح لهذه الحرب النفسية. سنقاوم في ذلك ونقاوم ونقاوم.. والله ناصرنا ولا ناصر لهم.. فهم يألمون كما نألم ولكن نرتجي من الله ما لا يرجون.. بهذا لن نهزم إن شاء الله حتى يلج الجمل في سم الخياط.