على مدى أكثر من 800 سنة، نجحت مدينة آلانيا التركية في أن ترسخ مكانتها كمنتجع سياحي، وذلك عبر إستغلال موقعها على الساحل التركي المطل على البحر الأبيض المتوسط. وتستقطب شواطيء المدينة التي تطل على خليج انطاليا السياح الذين تجذبهم أيضاً جبال المدينة المكسوة بالغابات وتاريخها العريق. لكن تبدو المدينة الآن على أعتاب سوق جديدة وواعدة هي سياحة الشواطئ الإسلامية، اذ قررت بعض فنادق المدينة الخوض في تجربة يطلق عليها إسم الفندقة الحلال أو السياحة التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، بعد أن لاحظت نجاح قطاع الخدمات المالية الإسلامية وصناعة المواد الغذائية الحلال للمجتمعات الإسلامية في المهجر. كما أن أعداد المسلمين في العالم، والذين يتخطون المليار وستمئة مليون نسمة، تنبئ بأن سوق الفندقة الحلال يبدو واعداً ومبشراً بأرباح عظيمة للدول التي تستثمر فيه. ويعتمد مفهوم السياحة الحلال على الأحكام الرئيسية في الشريعة الإسلامية مثل تحريم الكحوليات والحرص على تقديم اللحوم والدواجن المذبوحة وفق الشريعة الإسلامية وتوفير مساجد للمصلين. وتتماشى معايير فندق بيرة، وهو أحد الفنادق التى خاضت تجربة الفندقة الحلال، حيث تنزل إحدى الأسر الإنجليزية المسلمة، مع التقاليد الإسلامية. ففي ردهة الإستقبال مثلاً، توجد شاشات كبيرة تعدد التسهيلات المتوفرة، بدون ظهور أية امرأة. وخلال اليوم، وبينما يستمتع الناس بالمطاعم وحمامات الساونا والسباحة، يستمعون أيضاً إلى الآذان في مواعيده ويعتبر هذا أحد المعالم الرئيسية للفندق. وسمة أخرى من سمات الفندق والتي يعتبرها البعض أهم ما يميزه، هي المسبح المفتوح المخصص فقط للسيدات، والموجود في الطابق السادس للفندق، وهو أعلى نقطة فيه. ويحاط المسبح بدرجة عالية من الخصوصية. حتى المصعد المؤدي إليه مخصص للسيدات. وتفتش الحقائب بدقة قبل الحول إلى المسبح للتأكد من عدم وجود أي كاميرات أو هواتف محمولة. بينما قالت ربة الأسرة الإنجليزية إن تجربتها مع المسابح المخصصة فقط للسيدات في إنجلترا مختلفة، فقد ذهبت بالفعل إلى أحد الجلسات المخصصة لسباحة السيدات فقط، وفجأة رأت رجلاً يدخل القاعة، وإكتشفت أنه سيكون المسؤول عن حماية النساء من الغرق، وهو ما يتناقض بشكل كلي مع فكرة المسابح المخصصة للنساء فقط. وقالت أن معظم النساء اللواتي رأتهن في هذه العطلة كن إما محجبات أو منقبات، لكن في المسبح المخصص لهن، جميعهن كن حاسرات الرأس. وفي الوقت الذي تقود فيه دول مثل تركيا وماليزيا وأندونيسيا الطريق في صناعة السياحة الحلال فإن الكثيرين يعتقدون أن الشرق الأوسط يمكن أن يستفيد من هذه الصناعة الواعدة. فاليوم، هناك مجموعة محدودة من الفنادق والمشاريع السياحية التي تقدم خدمات تتوافق مع متطلبات السياحة الحلال في منطقة الشرق الأوسط. ووفق أرقام منظمة السياحة العالمية فإن سياح دول الخليج أنفقوا إثني عشر مليار دولار أمريكي سنوياً على السفر من أجل الترفيه. وبالرغم من الربح المتوقع من وراء هذه الصناعة، إلا أن هذه الصناعة مازالت في بداياتها الأولى وبالتالي لا يمكن الإعتماد عليها فقط كبديل عن السياحة التقليدية. وبالرغم من أن البعض ينظر إلى السياحة الحلال وعطلات الشواطىء التي تتوافق مع الشريعة بإعتبارها خياراً لبعض العائلات المسلمة، فإن آخرون يعتقدون أنها شكل من أشكال الإنعزال. وعلى الجانب الآخر، تعتقد نساء آخرات إن مثل هذه العطلات لا تؤدي إلى الإنعزال ولكنها تجعل الناس يقتربون أكثر من بعضهم، فهي فرصة للإلتقاء بمسلمات من مختلف أرجاء العالم، من الصين ومن روسيا ومن بلجيكا ومن فرنسا، ومن كل مكان. وفى نهاية الأمر ستبقى السياحة الحلال مفهوماً مثيراً للجدل بين من يعتبرها إنعزالية وبين من يعتبرها خياراً للراغبين في التقيد بأحكام الشريعة الإسلامية.