* عندما كنا صغاراً نسمع الكبار يقولون للطفل الذي يرفض الأكل: «اكل تاكلك الأرضة»!! وعندما كبرنا عرفنا أن الأرضة هي النمل الأبيض.. وهي ليست نملاً بالمعنى الحقيقي ولكنها حشرة «كانسة» -أي تكنس كل شيء أمامها- وحياتها تتسم «بالسرية».. وهناك من يقول إن النمل الأبيض هو دابة الأرض التي أكلت عصا نبي الله سليمان«عليه السلام».. وهي المشار إليها في قوله تعالى «فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته». *والأرضة تقضي سنوياً على العديد من الأبنية والأثاثات والمكتبات والأشجار وخصوصاً «المعمرة» منها! *قبل فترة شكى لي أهلي في قرية «ود الحاج» وهي تقع جنوبشندي وكان في السابق يفصل بينها وبين «حوش بانقا» خور تخاف أن تمشي فيه بالنهار وحدك ناهيك عن الليل.. اليوم أضحى حياً كاملاً ولا تستطيع الفصل بين القريتين المتجاورتين.. المهم شكى لي الناس هناك من انتشار «الأرضة» في البيوت في شكل أقرب منه للوباء ولم تستثنِ بيتاً وفشلت معها كل المحاولات من رش بالمبيدات و«تعاويذ» كان الأهالي يربطونها في سقوف المنازل، كل هذه الطرق فشلت في إيقاف زحف الأرضة ولازالت المشكلة قائمة، ولم أشأ بالطبع أن أسألهم عن دور حكومة الولاية هناك، فهي بالطبع لم يكن لها إسهام.. ولكنني أتمنى أن يقرأ هذه الكلمات أحد العلماء والباحثين سواء كان ذلك في جامعة الخرطوم أو شندي ويخبرنا ماذا وراء هذا الوباء الذي يهدد أصحاب الدخل المحدود؟ وهل هناك صاحب دخل «لا محدود» في تلك المناطق.. وعدت من حدثني عن هذا الأمر بالكتابة ولكنني نسيته وربما لانشغالي «بالأرضات» الكبيرة في الخرطوم وفي البلد كلها. *ولكنني تذكرت هذا الوباء وأنا اتصفح بيان صوت الحق رقم «15» والذي يكتبه من نهر النيل عمر كبوش الناشط المعروف في قضايا ولاية نهر النيل لقد ضحكت وشر البلية ما يضحك فقد قال كبوش لا فض فوه إن هناك مسؤولاً بدرجة «عضو» في الولاية «أكل وشبع» حتى «التخمة» من فتات موائد الأنظمة السابقة وإن هذا الرجل من شدة جسارته على الحق العام يطلق عليه ظرفاء الولاية لقب «الأرضة».. ولا أعرف إلى أي مدى صدق مثل هذه المعلومات، ولكن الذي أعرفه أنه آن الأوان للتحقق مما يكتبه صاحب صوت الحق خصوصاً والتجاوزات الخاصة بالاستيلاء على الأراضي والتعدي على حق الناس البسطاء، وهي تجاوزات من شأنها أن تجعل «الأرضة» تأكل بيوت الأهالي ولا نجد أحداً من أهل الحكم يقف إلى جانبهم في تلك الأصقاع التي أضحت صحراء جرداء طاردة!