منذ سنوات طويلة قاطعت الملح ، يعني أصبحت زول مسيخ بدون طعم ، نعم مسيخ مثل الحوارات الفجة بين السودان ودولة جنوب السودان ، أسمعوني ، مقاطعة الملح ليست بسبب نصيحة طبيب ولا يحزنون وخمسة وخميسة في عين الحسود والعدو لكن المسألة فقط تتعلق بالخوف من هذا القاتل الخفي كما يطلق عليه بعض الأطباء . الشيء الغريب جدا أن أحد أصدقائي وهو مهندس كيماويات أعلن قبل فترة قصيرة مقاطعته للملح ، وأصبح صاحبي الذي تجمعنا صفات كثيرة مثلي تماما زول ماسخ حتى النخاع . ما يدعو للعجب أنني وصاحبي يمكن أن يطلق علينا إتلم المتعوس على خايب الرجا ، لكن لو طلع سنسفيل الحاقدين لن إكشف من هو المتعوس ومن هو خايب الرجا ، وخلوا الطابق مستور ، المهم في الموضوع أن صاحبي عدو الملح يشبهني في الكثير من الصفات فهو مثلي تماما متجهم الوجه على طول الخط ويهوي السياحة الصحراوية ، ويعشق البحر والسفر والذي منه . أذكر في إحدى المرات جرت دعوتنا لرحلة خلوية في عمق الصحراء ، تلك الرحلة وقعت لنا في جرح ، لكن تداعياتها ونتائجها كانت مؤلمة ، لأن الطقس كان في الصحراء مثل نار الله الموقدة ، وفي الخيمة البرية نزفت وصاحبي عدو الملح الكثير من العرق ، وحاول طبيب الرحلة تزويدنا بجرعات من الملح المذاب في الماء ولكننا رفضنا ، وأذكر أن صاحبي رفع عقيرته انه من ألد اعداء «طز» ، نعم قالها هكذا «طز» ، وبالمناسبة «طز » باللغة التركية تعني الملح وقد دخل هذا اللفظ إلى نسيج اللغة العربية وأصبح متداولا للدلالة تفاهة الشيء ، وحكاية دخول طز إلى اللغة العربية وفقا لمدونات التاريخ أنه في زمن الإمبراطورية العثمانية التي كانت تتحكم في العديد من الدول العربية فإن الحمالين في موانيء البحر الأحمر كانوا يتحايلون لإخراج البضائع من بوابات رجال الجمارك الأتراك على أنها « طز » وحينما يسمع الجمركي التركي كلمة طز يبرم شنباته ويشير إلى العمال المحتالين بالخروج من البوابة دون تفتيش البضاعة . وفي الخطاب العامي يقال أن فلان جرى بيعه بيعة ملح . على فكرة الدرسات العلمية تشير إلى أن الملح يسبب الأزمات القلبية وجلطات الدماغ ، وإن حاجة الجسم إلى الملح يجب الا تزيد عن 6 جرامات في اليوم الواحد ، طبعا نحن في السودان لسنا في حاجة إلى زيادة الملح في الطعام لأننا بحمد الله نعاني من مؤشرات الضغط العالي ، في الحياة عامة ، في النواحي الإقتصادية ، ومن أكثر المسببين للضغط السوداني الساسة من طرف ، ناس الإنقاذ وزعماء الاحزاب الكبرى والصغرى ، الضغوط الإقتصادية ، ضغوط الحرب والبلاوي الزرقاء ، إذن لماذا لا نفكر في إطلاق حملات « طز » للحروب ، و لكافة من يتسبب في عكننة المزاج السوداني المتعكنن أصلا وظز في أصحاب العبارات المالحة جدا ، وإيه تاني مش عارف .