مرات كثيره «تشيلنا الهاشمية» فنقترح ما نظن أنه الصواب..بينما نكون قد وقعنا في أخطاء كثيرة.. ناقش الإعلام قضية زيادة المحروقات بصفتها ضرورة تمليها أولا" الأوضاع الأقتصادية الحزينة التي تجتاح العالم ومن ثم نحن..لكن ذهب البعض إلى أن رفع الدعم ضرورة حتى لا يستفيد منه الأثرياء.. وقد كتب أحد الزملاء دلوني على طريقة غير زيادة سعر المحروقات برفع الدعم عنها شريطة أن لا يستفيد من الخدمة الأثرياء..وقد حيرتني هذه النظرة الحادة للأثرياء وكأنهم فئة من الغرباء.. حتى ينادي بحجب الدعم عنهم.. فمثلما الفقر ليس عيباً ، أيضاً الثراء ليس عيباً ..طبعاً أنا لست من الأثرياء..الآن تحديداً ..لكن احتمال أن أكون منهم وارد ..فالآن يتجه بعض الفقراء إلى مناطق تعدين الذهب ويعودون أثرياء من أصحاب المليارات. ومن قال إن الأثرياء يستفيدون من الدعم..ملح ساكت..إنهم يدفعون مقابل ذلك الكثير..وذلك عبر الضرائب أولاً ..فالضريبة التي يدفعها الفقير حسب دخله لا توازي الضريبه التي يدفعها الثري..وقد جابهت أحد الأثرياء بهذه الفرية فقال لي: والله ما ندفعه نحن أثرياء السودان لا يوازي ما يدفعه أي أثرياء في أية بقعة في العالم وضرب لي مثلا بنفسه أنه دفع هذا العام ضرائب بقيمه أربعة مليار ونصف..بجانب ذلك دفع تبرعات ملزمة له..قررتها تنظيمات رجال الأعمال وغيرهم بما يوازي ضعف المبلغ ..وزاد بأنه يدفع ضرائب أيضاً عبر العاملين معه..بجانب الأمثال التي ضربها لي عن أثرياء يعينون الأقرباء والأهل والجيران..إذاً الأثرياء يدفعون دم قلبهم وليسوا منعمين.. فحرمانهم من الدعم لا يؤثر أولا .. ثانياً ، هم يدفعون كثيراً فاستحقوا بذلك الاستفاده من الدعم..ثم إن الوقود الذي يستخدمونه لعرباتهم الخاصه لا يساوي شيئاًً، فصديقي الثري هذا..لا يستخدم العربة إلا نادراً ..أما أولاده الذين يستخدمون العربات في ترحيلهم إلى مدارسهم فأيضاً هو يدفع تبرعات لمدارسهم تفوق عائد الدعم عليهم بكثير..اعتقد أن النقاش بهذه الصورة يقودنا إلى نتائج خاطئة لأنه انبنى على مقدمات عاطفية مجانية..وهل يستقيم رفع الدعم عن البنزين لأن الأثرياء يستفيدون منه.. إذاً نرفع الدعم عن الخبز..إذاً نزيد أسعار كل شيء حتى لا يشاركنا فيه الأثرياء..إن المطلوب هو اقتصاد سليم..ضرائب تذهب إلى خدمة المجتمع حقيقة..لا تبذل في ترف ورياش ورحلات وبدلات لأولئك الذين يبددون الموارد فيما لا يفيد. الحديث عن الأثرياء بهذه الصورة لا يخلو من حقد طبقي ..ومن قال إن كل من يمتطي عربة من الأثرياء..والله إن بعضهم يستدين ثمن البنزين وإذا وقفت في «طلمبة البنزين» ستجد من يشتري وقوداً بخمسة جنيهات وأقل، بجانب من يشتري بمائه جنيه أو أكثر بعض الذين يمتلكون عربات اشتروها بالتقسيط وهم من محدودي الدخل فقراء أكثر من بعض الذين لا يمتلكون عربات..