الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمين حسن عمر في كابينة الدفاع عن زيادة المحروقات (2-2)إذا كان الشعب سيثور ضد (زيادة المحروقات) فليفعل
نشر في الأحداث يوم 07 - 06 - 2012

حوار: عبير عبد الله – يوسف الجلال – تصوير: إبراهيم حسين
دافع أمين الفكر بالمؤتمر الوطني، الوزير برئاسة الجمهورية الدكتور امين حسن عمر عن نية حزبه رفع الدعم عن المحروقات، وشدد على أن الواقع الاقتصادي يحتم الخطوة. ورأى في حواره مع «الأحداث» أن الاتجاه لرفع الدعم عن المحروقات يأتي في سياق جملة من المعالجات الاقتصادية لتلافي الأزمة التي ترتبت على انفصال جنوب السودان، وقطع عمر في سياق آخر بأن ظهور رئيس الحركة الشعبية بالشمال مالك عقار وأمينها العام ياسر عرمان في أديس أبابا لا يعنينهم في شيء، منوهاً الى أن وجودهما جاء بدعوة من الوساطة وقال: «إنهم لم يجلسوا على طاولة المفاوضات بل فقط هنالك مشاورات.. اذا كانت الوساطة أو غيرها استدعاهم للتشاور فهذا لا يعنينا»، وزاد يقول: «ليس هنالك من يملي علينا أن نتفاوض مع مواطنين سودانين»، لافتاً الى أن الحكومة لن تتفاوض مع أي مواطن سوداني ما لم يضع السلاح ويعود الى أرض الوطن، وأردف قائلاً: «اذا حدث ذلك سنتعامل معهم كمواطنين سودانيين نتفق معهم أو نختلف»، ورهن أمين الفكر بالمؤتمر الوطني حوار الحكومة مع عقار وعرمان بفك ما أسماه ارتباطهما العضوي بدولة جنوب السودان، علاوة على عودتهما الى أرض الوطن وتأسيس حزب وطني ليس له أي ارتباط بدولة جنوب السودان. ومضى يقول: «عقار وعرمان والحلو هم الآن مجرد أعضاء في حزب أجنبي وفي دولة أجنبية ويريدون التفاوض والتحدث باسم حزب أجنبي ودولة أجنبية، وهذا وضع مرفوض من حيث المبدأ»، مشيراً الى انه حال تخليهم عن السلاح وعودتهم الى السودان فإن الحكومة ستفكر في الطريقة التي يمكن أن تتفاوض بها معهم، وزاد: «هم كيان وجزء من حزب أجنبي والجزء المسلح منه جزء عضوي من جيش أجنبي ولا يتوقع منا أحد أن نتفاوض معهم»، مشدداً على أن مفاوضي حزبه لن ينتقلوا للحوار حول أي قضية أخرى ما لم يُنجز اتفاق واضح حول الملفات الأمنية، وزاد: «موقفنا واضح بأن الملفات الأمنية أولا لأن أي حديث عن تسوية قبل حسم الملفات الأمنية مجرد خداع بين الدولتين»، ورفض عمر أي حديث عن إمكانية جلوس الحكومة السودانية مع قطاع الشمال وأردف يقول: «لا يتوقع أحد أن نتفاوض مع عقار وعرمان.. هم عملاء لدولة أجنبية.. عليهم فك ارتباطهم العضوي بدولة الجنوب».
} ينتوي حزبكم «رفع الدعم عن المحروقات»، بينما يرى البعض أنه لا يوجد دعم أصلا، وأن الخطوة مجرد حيلة جديدة لرفع الإيرادات؟
هذه أحاديث تدل على جهل من يطلقها، لذلك لا أعلق عليها، واسألوا الخبراء في هذا الشأن سيحدثونكم عن أسعار النفط، وأحسبوا سعر لتر الوقود ثم حولوه للدولار ستجدون أن هذا كلام جهل، ونحن لا نهتم بحديث من يقولوا هذا.
} لكن من صرح بهذا هم خبراء اقتصاديون ذاع صيتهم؟
من أعطاهم لقب خبراء اقتصاديون؟، ولنفترض أنهم خبراء فهل اذا قالوا حديثاً مخالفاً للأرقام المعلومة والمنشورة للجميع، فهل هؤلاء يتحدثون بصفة خبير أم بصفة أنه مستغفل للناس.
} دعنا من الخبراء.. المؤتمر الوطني تحدث صراحة انه ينتوي رفع الدعم عن المحروقات لأن الدعم تستفيد منه طبقة المترفين؟
نحن لم نتحدث أصلاً عن مترفين، وقلنا إن كل 19 شخصاً من المقتدرين يقابلهم شخص واحد من المستحقين للدعم الحقيقي، والعرف الاقتصادي المستقر في الدنيا يقول بأنه ليس هنالك دعم على السلع مفتوح للفقير وللغني على حد سواء. الدعم إما أن يكون عن طريق التأمين الاجتماعي أو الطبي، وهذه سياسة قديمة ليس فيها جديد، لكنها لم تنفذ وحتى آخر قرار من البرلمان أقر هذه السياسة، والحكومة تقدم جدولاً للرفع التدريجي للسلع، وهي نفسها منذ العام 2005م تتحدث عن رفع الدعم عن السلع لإعطائها الأسعار العادية.
} عفوا.. ألا يوجد تناقض فكري في حربكم على المقتدرين، فهذا ليس برنامجكم الفكري هذا برنامج أحزاب اليسار؟
نحن برنامجنا لكي لا يكون المال دولة بين الأغنياء، فأنت لا تأخذ أموال الفقراء لتعطيها الأغنياء، من الذي يدفع الضرائب؟، غالبيتها يدفعها الفقراء وليس الأغنياء، وهي إما أن تأتي من الجمارك على جميع السلع أو من القيمة المضافة على جميع السلع، وأكثر الناس تهرباً من دفع الضرائب هم المقتدرون والأغنياء. ومعنى هذا أن ميزانية الحكومة غالبيتها تأتي من مجمل الفقراء، نحن من ميزانية الحكومة التي نأخذها من الفقراء نأتي وندعم بها الاغنياء، فلماذا نفعل هذا وبأي شرع وأي عدل؟، أنا شخصياً لدي موقف قديم وقلت إن هذا غير شرعي، وكتبت عنه قبل خمس أو ست سنوات، وليس هنالك أي سبب «يخليك تاخد فلوس الفقراء وتصرفها على الأغنياء»، والعكس هو الصحيح، ويمكن أن تأخذ قروش الأغنياء وتردها الى الفقراء، وفي البرازيل وفي دول كثيرة تُفرض ضرائب تسمى ضرائب دعم اجتماعي، تؤخذ من الأغنياء وتدفع منح مباشرة للفقراء، وهذا هو جدير بفكرتنا وليس العكس، والآن هو سائد ليس لأننا نقتنع به بل لأنه الأمر الواقع، ولأن الحكومة تتردد من اتخاذ قرارات قد تكون غير شعبية، الحكومة المسؤولة ينبغي أن تتحمل مسؤليتها تجاه الشعب، واذا الشعب غير قابل لسياسات الحكومة أو غير مقتنع بها أو يرى أن هنالك سياسات مطروحة في الساحة أفضل منها، فالأفضل للحكومة أن تقتنع بها وتتيح الفرصة للشعب أن يختار من يشاء.
} لكن القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني تحدث عن خطة قال إنها ضرورية قبل رفع الدعم عن المحروقات، وطالب بتقليص الدستوريين، وأن يكون صرف عائدات وميزانية الكهرباء والأمن والدفاع بمعرفة وزارة المالية؟
أن يكون هناك سياسية تقشفية للحكومة هذه مسلم بها، لكن السياسة التقشفية عملية وليست دعاية سياسية، وأن لا تقصر الوزارات بصورة غير عملية، أو لكي يقول الناس «يا سلام هم ألغوا الوزارات والمناصب»، واذا أردت أن تقلل الهيكل الحكومي ينبغي أن يكون ذلك بطريقة عملية تسمح له بأن يؤدي المهام المعتادة.
} إذن لماذا لا تسعى الحكومة الى تقليص الهيكل الوزاري؟
هناك صعوبات لتنفيذ هذا، أولها انك لن تستطيع إلغاء الوزارات أو تقليصها لأنه يعني إلغاء وظائف وزيادة البطالة. انت تتحدث فقط عن إلغاء وزراء وهذا لا يساوي واحداً من عشرة ألف أو من مائة الف من التكلفة، والحكومة ستعمل هذا من باب الرمزية السياسية، وأنا ظللت أتحدث بوضوح بأنه لا يمكن الجمع بين هدفين متناقضين، هدف توسيع المشاركة وتقليص الدستوريين، مستحيل أن نفعل هذا، وعلى أية حال، الآن الحكومة اتخذت سياسة تقليل الهيكل الوزراي، وأنا لا أسميه الهيكل الحكومي.
} ماذا عن مقترح القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني بضبط ميزانية وموارد وزارة الكهرباء، الدفاع والأمن؟
أنا لم أسمع مسؤول الاقتصاد يتحدث عن جهات، وهو تحدث عن مبدأ تجنيب. ومثلاً اذا كانت وزارة الداخلية عن طريق المرور تجمع موارد ينبغي أن لا تظل في الداخلية، ويجب أن تذهب الى المالية ثم تعود الى الداخلية، والكهرباء كذلك وغيرها، ومسؤول الاقتصاد بالمؤتمر الوطني ضد سياسة التجنيب وهذا موافق للدستور، واذا كانت هناك تجاوزات فينبغي أن تضبطها وزارة المالية ورئاسة الدولة، وهذا ليس حديث مسؤول الاقتصاد وإنما قرار المكتب القيادي، الذي قال إنه يجب التعامل بحزم شديد مع الجهات التي تقوم بتجنيب الأموال، لأن سلوك التصرف غير القانوني بتوريد نسبة للمالية والاحتفاظ بنسبة مرفوض، والاحتفاظ بالأموال المجنبة معظمها يذهب حوافز ودعم للمرتبات بصورة أو بأخرى، وليس لدعم قدرة المؤسسات على جلب الموارد. معظم هذه المؤسسات إيرادية وهي تزعم بذلك إنها تريد تجنيب بعض المال لتعزيز قدرتها على جلب الإيرادات.
} لكن ألا يبدو الهيكل الوزاري كما تسميه أنت كبيراً ومكتنزاً مقارنة مع موارد السودان وجغرافيته؟
لبنان مثلاً دولة مساحتها عشرة ألف كيلومتر، والسودان مليون وثمانمائة الف كيلومتر، ولبنان فيها ثلاثين وزيراً مركزيا. لا تتحدثوا عن أرقام دون أي مقارنة، وبلد مثل باكستان فيها 90 وزيراً مركزيا، الأمر ليس متعلقاً بالوزراء وإنما بالوزارت وهل نحن نريد هذه الوزارت منفصلة أم مجتمعة، واذا كانت مجتمعة يمكن أن تجمع ويكون هناك وزير واحد.
} لكن امريكا بمساحتها الجغرافية واقتصادها الراسخ، بها حوالي 15 وزيرا؟
أولاً في أمريكا يطلق عليهم السكرتيرين، وعددهم بالعشرات في امريكا، برغم أن الحكومة الاتحادية والنظام الرئاسي ليس له سلطات واسعة داخل امريكا، والولايات في كل شؤونها الداخلية مستقلة. وعندما كنا في امريكا، وعندما تكون هناك مظاهرة ضد الحكومة الاتحادية يذهب المتظاهرون للتظاهر في البوستة لأنه لا توجد جهة تتبع للحكومة الاتحادية غيرها، وحديثكم عن الوزراء في امريكا غير صحيح، ثم لا تضربون أمثالاً دون أرقام حقيقية ودقيقة، واذا ضربت مثلاً قل إن أمريكا مهمتها كذا وكذا، ونحن لا يهمنا أمريكا، نحن يهمنا أن الوزارات الموجودة كافية أو زائدة وهل قدر العدد المطلوب؟ واذا سألتني فهي زائدة وأزيد، ويمكن أن تختصر، وهي وُسعت لأغراض سياسية، وهل الحاجة لاستيعاب الأحزاب قائمة أم لا؟
لا توجد حاجة، لأن الأحزاب التي تشارككم السلطة بلا قواعد ولا وجود فعلي لها وحتى الاتحادي الأصل شارك بالقادة بينما قاطع الجماهير، بينما الأحزاب الفاعلة لا ترغب في مشاركتكم السلطة؟
هذا رأيك ونرحب به، لكن هناك تقديرات أخرى في المؤتمر الوطني وحتى في صحافتكم التي تتحدث عن ضرورة إشراك الأحزاب، وكل يوم نسمع هذا الكلام. وفي كل الأحوال هناك لجنة بالتشاور مع الأحزاب المشاركة لتقليص الهيكل الوزاري وهي تعمل الآن لتقليل العدد.
} المعارضة تقول إن رفع الدعم عن المحروقات سيطيح بالنظام؟
(يضحك طويلا) ويقول: أولاً هناك فرق بين النظام والحكومة، والمعارضة تعلم أن أي نظام ديمقراطي ليس في مصلحتها لأنها ستسقط، ولأن حزب البعث ظل يسقط طوال عمره والناصري ظل يسقط طوال عمره والحزب الشيوعي ظل يسقط طوال عمره وحزب المؤتمر الشعبي سقط في آخر امتحان سقوط مريع، وفشل في إدخال أمينه العام للبرلمان، المعارضة تتحدث دائما - سواء معنا نحن في المفاوضات أو غيره - عن فترة انتقالية طويلة لكي تحكم الناس بغير ديمقراطية. هذا يحلمون به ونحن نفرق بينهم وبين الشعب واذا الشعب غاضب مننا وغير راضٍ عن سياساتنا، فإننا سندعو لانتخابات لينتخب الشعب من يشاء، وبعدها نرى هل سيأتي بحزب البعث أو الناصري أو الشيوعي.
} سخريتكم من المعارضة ربما تقودها لانتهاج العمل المسلح، وأمس الأول كشفت المعارضة عن خطوات لتوحيد الرؤى بينها والحركات الحاملة للسلاح؟
«خلوهم يعملوا كدة».. لكن أي إنسان يتعامل مع حركة حاملة للسلاح يلغي شرعيته كحزب رسمي، وسنحاسبه بالدستور والقانون، ومن يعتقد أنه يشتغل ضد الدستور والقانون ثم يحتمي من بعد ذلك بالدستور والقانون فإنه يحلم.
} تتحدثون بثقة مفرطة وتمارسون السياسة بحماقة أحيانا، وتخاطرون في اتخاذ قرارات كارثية مثل زيادة المحروقات، هل هذه ثقة أم واقع؟
لأن هذا هو الحل الوحيد، نحن صادقون مع الناس.. هل نكذب على الناس، نحن أصلاً لا نملك الموارد التي ندعم بها، «ما في موارد مختوتة على جنب في مشروعات مخزنة سندعم بها»، هذه غير موجودة فما الذي يحدث؟، عند استمرار الدعم في عدم وجود موارد للدعم، فإنك ستفعل واحداً من اثنين، إما أن تستدين، وأنت في منزلك اذا مرتبك نقص فإنك ستستلف، واذا ما عندك حاجة «حاريها أو متوقعة» لن تجد من يدينك، فماذا ستفعل؟ ستستدين من الجهة التي يمكن أن تسلفك دون أن تسألك وهي بنك السودان، وسيطبع لك مبالغ إضافية ويعطيك لها، وتقوم أنت بتوزيعها، ويأتي أول الشهر وأنت لا تملك أموال المرتبات لأنك دفعتها للدعم، فهل ستقول للناس ما عندكم مرتبات؟، ستطبع قروش وتعطي الناس مرتباتهم، ويمشوا السوق والقروش زادت بينما السلع لم تزد، حيحصل شنو؟، ستزيد أسعار السلع. واذا رفعت الدعم أو لم ترفعه في نهاية الأمر اذا لم تتصرف بسياسية رشيدة محسوبة، فإن الأوضاع ستكون أسوأ. هذا بالضبط مثل الرجل الغاضب على زوجته فقال لها كان «قمتي طلقانة وكان قعدتي طلقانة واذا وقفتي طلقانة.
} لماذا ترفض أن تتبنى الحكومة سياسة دعم ضروريات المواطن؟
لأن الواقع يقول إنه لا توجد موارد لهذا الدعم، وأصلاً سياسة الدعم السياسي سيئة، وعندما كانت الحكومة تملك موارد كانت تعمل هذا الدعم، وهي لا تملك موارد الآن، ونحن نشتري برميل الجازولين من السوق العالمي ب(90 دولارا) ونبيعه في السوق المحلي ب(49 دولارا)، فمن أين نأتي بالفرق في كل برميل؟ الدعم عمل حاجتين سيئتين، الأولى انه زاد الاستهلاك بطريقة مفرطة، وثانياً أنه تم تهريبه بصورة لم يحدث لها مثيل، والنفط الذي يعمل في جوبا هو نفطنا أيضا، لأنهم لا يكررون نفطاً ولا يستوردونه، ونفطنا يذهب الى جوبا بعد عبور حدود تشاد وافريفيا الوسطى.
} لكن المبررات التي ساقتها الحكومة لزيادة المحروقات غير منطقية اقتصاديا، وهي أقرب لأن تكون «حسادة» ونكاية في دولة الجنوب؟
كويس.. سجل هذا الكلام، وقول أنا قلت (يقصد المحرر) أن الحكومة زادت المحروقات «حسادة»، وأنا ردي على حديثك هذا «لا تعليق».
} عفوا.. الحكومة تتحدث عن أن سعر جالون البنزين في إفريقي الوسطى 4,5 دولار وفي تشاد 6 دولار وفي ارتريا 5,5 وفي جوبا 7 دولارات، وأن سعر الجالون في السودان دولارين فقط، ومن هذا المنطلق زادت المرحوقات، وهي لكي تضر دولة الجنوب نفذت الزيادة؟
أنا على أية حال لم أطلع على هذه الأرقام، ولن أعلق على شيء لم اطلع عليه من مختصين، لكن لا يحتاج الأمر الى عبقرية بأن أسعار النفط عند جيراننا أضعافاً مضاعفة، وهذا ما يشجع التهريب خاصة المناطق الحدودية، ومعروف أن المزارع يشتري خمسة جالون «يتش» أربعة في السوق ويستخدم جالوناً واحدا. هذا هو السلوك الآدمي، واذا وجد أي إنسان ربحاً فإنه لن يضيعه. والمواطن لا يبيع الوقود لارتريا أو اثيبوبيا، إنما يبيعه للتجار، وهم يقومون بتهريبه الى ارتريا أو اثيوبيا.
} لكن معلوم أن الحكومة تعد أكبر مستهلك للوقود، وأنت مغرم بالحقائق وهذه ثبتها أمس الأول النائب البرلماني علي أبرسي؟
طيب خلاص.. الحكومة زادت على نفسها وضرت نفسها.
} لكن كان الأجدر بالحكومة أن تقلل استخدامها للوقود بدلاً من زيادة سعره؟
لنفترض أنها قللت استخدامها للوقود، وحتى عندما لا تقلله، فإنها عندما تزيده فإنها زادت الأسعار عليها.. لابد أن يكون هناك منطق وراء الأقوال، واذا كانت الحكومة المستهلك الاكبر، واذا أردت مقارنتها مع الشركات والجهات فهي المستهلك الأكبر. أما اذا قارنتها بالاستهلاك العام فهذا غير صحيح، للأسف كثير من البرلمانيين والسياسيين سواء كانوا في الحكومة أو المعارضة يتحدثون عفو الحديث، وأيضاً الصحفيون يتحدثون عفو الحديث.
} لكن قرار زيادة المحروقات مرفوض ومُختلف عليه حتى عند أعضاء في حزبكم، فكيف ستبررونه للناس؟
هل معقول أن نذهب ونعمل عمل نحن نعرف أنه غير شعبي، والناس لن يكونوا مبسوطين مننا وسيغضبون علينا، وحتى أعضاء داخل حزبنا قالوا إن الشعب سيثور عليكم وسيطردكم، طيب اذا الشعب ما عايزنا نمشي، نحن لسنا حسني مبارك، واذا الشعب ما عايزنا نمشي ومع السلامة، وعليه أن يأتي بمن يشاء. وهل الوجود في السلطة هدف في حد ذاته؟ بحيث أنني جالس في الكرسي وأرى الصواب وما قادر أعمله عشان فقط خايف إنو الناس ما يقبلوا، طيب قاعد أعمل شنو في الحكومة، أحسن أمشي.
} قلت إنك ضد الدعم منذ خمس سنوات فهل جربت أن تعبئ سيارتك الخاصة من طلمبة الوقود من حر مالك، أم أن وقود سيارتك يأتي من الوزارة؟
أنت قايل أنا عمري كلو شغال في الوزارة ورئاسة الجمهورية، ولنفترض أن بنزين سيارتي يأتي من الحكومة، فأنا ما قاعد أشتغل حاجة غير شغل الحكومة.. على أية حال يا أبنائي أنتم صحفيون وأنا صحفي ليس من الحكمة أن تُحوّل الأمور الى أمور شخصية.
} نحن لم نسع الى شخصنة الأمور والقضايا، نحن نود سؤالك عن قيمة الزيادة وما اذا كانت قاسية على المواطن أم لا، مثلاً أنا أمتلك سيارة وتعجزني الزيادة؟
إذن أنت زعلان عشان حتدفع الزيادة على سيارتك، هذا ردي عليك. وأنا أتهمك بأنك زعلان عشان ستدفع الزيادة.
} نعم أنا زعلان لأن سياستكم أضافت لي عبئاً جديدا؟
خلاص.. «ما تزعل كان زعلان، أنا عايز أرضيك يعني؟».. تزعل أو ترضى نحن نطبق في السياسة الرشيدة.. أنا ما عمري كلو شغال في الحكومة وحدها، أنا عملت في الحكومة، وعملت مستقل، وعملت صحفي ومراسل صحفي، ومدير ووكيل، وكل الحياة جربتها برة السودان وجوة السودان. ومهما كان موقفي الشخصي فإن الصحيح سيظل هو الصحيح، وهو أنه لا يصح أن «تشيل قروش الفقراء وتعطيها للأغنياء»، هذا لا يصح بأي حال من الأحوال، ولا يوجد اقتصادي في الدنيا صادق مع نفسه يقول إن سياسة الدعم المطلق للسلع هي سياسة صحيحة، وكل هذه مزايدة سياسية، خاصة اذا جاءت من الاقتصايين، لأنهم يعلمون أن هذه ليست سياسة صحيحة، ثم إنه من الناحية العملية غير ممكنة لأنه لا توجد موارد، وانت تستورد جازولين في الشهر ب(120 مليون) دولار فمن أين تدعمه؟ وهذا يعني انك تدعمه بأكثر من النسبة نفسها عندما تبيعه بالخسارة للجمهور. ومن الذي يدفع الفاتورة الجمهور نفسه، وحتطبعها الحكومة قروش وستخصمها من القروش الموجودة في جيب المواطن، «إنت قايل الجنيه الموجود في جيبك دة بتنقص قيمته عندما تزيد السلع؟»، هي مثل كفة الميزان زادت السلع قلت قيمة الجنيه، وإن نقصت قيمة الجنيه زادت السلع. هذه معادلة بسيطة أي اقتصادي يعرفها، لذلك المغالطة فيها جدل سياسي.
} قلت إن هناك قياديين في حزبكم يرفضون زيادة المحروقات، هل هم غالبية أم قلة؟
اذا عندي معلومة مثل هذه فهي ليست للنشر الصحفي، لأن للمجالس آدابها، وما يدور في المجالس يبقى فيها.
} ألا تخشون أن يثور الشعب ضد زيادة المحروقات؟
اذا كان الشعب سيثور لسياسة نعتقد أنها الرشيدة والصحيحة والأمينة ما يثور اذا ثار حقيقة دون تعبئة، لكن أي إنسان يحاول أن يخرق القانون ويخرج عليه سنتعامل معه بالقانون، ونحن لنا أدواتنا لقياس الرأي العام ورأي الشعب. واذا شعرنا أن الشعب لا يرغب فينا، فإننا سنعلن انتخابات جديدة وندعو الشعب ليستلم المبادرة ويأتي بمن يريد.
} لكن كل الذين سقطوا كانوا يقولون إنهم ينفذون سياسة رشيدة وصحيحة وأمينة كما قلت قبل قليل؟
هذا رأيك.. نحن لسنا من الذين سقطوا.. نحن لم نسقط بعد، وعندما نسقط تعالوا وقولوا لي هذه الكلام، وقولوا لنا «إنكم سقطوا عشان ما سمعتوا الكلام».. نحن لسنا متكالبين على الحكم، ويمكن أن نذهب دون سقوط.. لماذا نسقط؟ سننصرف فقط.
} لكن اذا تخليتم عن السلطة أو أزيل نظامكم فهناك محاكمات تنتظركم، والشعب سيحاسبكم؟
نحن عشنا هذه الحياة بالعرض، وقاتلنا فيها بسلاحنا، ودخلنا فيها السجون.. نحن لا يخيفوننا بمثل هذا الكلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.