نِعَمُ الله علينا كثيرة، لا تُعد ولا تحصى.. ومن نعمه علينا أن مدّ لنا شبكة واسعة عريضة من العلاقات الاجتماعية، العامة والخاصة، أصبحت هي ركيزة قوية للقربى، والصداقة والمعرفة، وهي حائط الصد في الملمات، ومنصة الانطلاق في ساعات الفرح الذي يكون عاماً تتسع دوائره ولا تضيق. خلال أيام تلقينا العزاء، في وفاة السيدة الفضلى الوالدة الكريمة -رحمها الله- التقينا بمن أسهموا في تخفيف وطأة الحزن، وكانوا نعم السلوى والعزاء بعد أن ألهمنا الله ذلك كله بزيادة الصبر.. خيمة العزاء كانت واسعة بمن كانوا داخلها، وتوافدوا عليها من كل صوب وناحية، شعرنا فيها بعظمة هذا الشعب وقيمه الفاضلة التي نسأل الله أن تظل باقية فينا، وفي بلادنا ما بقينا، وما بقيت البلاد، إلى يوم الدين. كثير من الأهل والأصدقاء والجيران والمعارف لم نعد نلتقيهم إلا في المناسبات الاجتماعية، ولذلك أسبابه المرتبطة بسبل كسب العيش، وطبيعة أعمال الكثيرين الذين يخرج أحدهم فجراً من منزله إلى عمله، ولا يعود إلا ليلاً، وهؤلاء نسأل الله الإعانة لهم في عيشهم وكسبهم الحلال.. ومع ذلك عندما نلتقي بهم يصبح الشأن العام هو محور الحديث ولُبَّه إضافة للشأن الخاص، وقطعاً بينهما أمور مشتبهات، متداخلات. الحضور الصحفي والإعلامي كان كبيراً -وهذا متوقع- ودار حديث تناثر على الدوائر عن الصحافة، وعن تقييم المشاركين فيه للأداء الصحفي العام، ثم تقييمهم لأداء بعض الصحف والصحفيين، وكل الذي قيل كان عبارة عن آراء موضوعية، متصلة بالنقد والتقييم والتحليل المطلوب، وظللت أتلقى آراء عديدة، يؤمن كل صاحب رأي منها بأنه على حق ويسعى لتقديم نصح يقود لفائدة قراء الصحيفة. أغرب ما في أمر الحوار والمحاورين أن أكثره جاء تركيزاً على الصفحات الاجتماعية -ملّ الناس السياسة- بل إن بعضهم يعتقد أن حركة الصحفي وسط المجتمع تتطلب أن يعكسها على صفحات الصحف، مشاهداته، لقاءاته، ما يتصيده من أخبار ومواقف.. وهم -قطعاً- محقون في ذلك. أما الأكثر غرابة فإن بعض الذين كانوا يشاركون في الحديث مازالوا يذكرون صفحة كنت أحررها باسم (من غير ميعاد) في صحيفة «أخبار اليوم» الغراء ومن بعدها «الوطن» الغراء، وطالبوني بأن أعيد تحريرها وإصدارها من داخل صفحات آخر لحظة. استهوتني الفكرة، وقلت لنفسي متسائلاً: (ولماذا لا تكون الصفحة الأولى من داخل صيوان العزاء؟). التجربة لن تكون جديدة، وإنتاجها لن يكون أمراً عسيراً بإذن الله.. وأسأل الله أن يوفقنا وأن يجعلنا عند حسن الظن.. آمين .. و.. جمعة مباركة