خبران استوقفاني يوم أمس، أحدهما محلي والثاني عالمي، الأول يطالعه القاريء الكريم على هذه الصفحة وهو عن خروج أحد المرضى ثائراً غاضباً عارياً من داخل غرفة العناية المكثفة بإحدى المستشفيات الخاصة المعروفة بالخرطوم، قريباً من مستشفى الخرطوم، بعد أن طال مكوثه داخل غرفة العناية لعدة أيام ظل ينتظر سماح الطبيب له بالخروج، ولم يحتمل البقاء وسط ذلك (الجو الطبي) في الغرفة (المعقمة) وسط الطواقم الطبية التي ترتدي الزي الأبيض، محاطاً بالأجهزة التي ارتبط بعضها بجسده يقيس الضغط والنبض ويتابع حركته وسكونه. أما الخبر الثاني فقد ارتبط بثورة مماثلة قام بها مريض صيني كان يخضع لجراحة داخل إحدى المستشفيات الصينية في مدينة «جينغشو» بإقليم «هوبي» حسبما ذكر موقع «تشاينا باز» الاخباري الصيني، وتعود تفاصيل ثورة المريض الصيني إلى نهوضه المفاجيء من طاولة العمليات التي كان ممداً عليها. ثم أخذ يمسك بالأجهزة الطبية وينزعها من مكانها، ويرمي بها في وجه الجراح ومساعديه، وقام بتحطيم زجاج غرفة العمليات، الأمر الذي أدى إلى تعطيل إجراء العمليات في المستشفى لفترة من الوقت. المريض الصيني طارد الجراح الذي هرب من (أرض المعركة) وأخذ يضربه بعنف وسبب له أذى بيلغاً في العنق والذراع، وتم تسجيل الواقعة على شريط فيديو، حيث تحرص إدارة المستشفى على تسجيل تفاصيل كل العمليات. الموقع الصيني أشار إلى أن الرجل كان قد نقل إلى المستشفى لإصابته بطعنات سكين، وأنه كان ثملاً مخموراً الأمر الذي زاد من هياجه واحتجاجه على الجراح والفريق المساعد له. أعيد الرجل بعد تهدئته إلى غرفة العمليات، ولكن تم تغيير الجراح، ثم تدخلت الشرطة لتفتح ملف التحقيق في الحادث الغريب. الحادثتان أعادتا إلى ذاكرتي ثورة على العلاج أطلقتها قبل ثلاثة أعوام، وأنا محتجز داخل غرفة العناية المكثفة بمستشفى الشعب في الخرطوم، وأجهزة طبية عديدة ترتبط بصدري وساعدي، وحولي ستائر تحيط بي من كل جانب، لا تبعد عن مرقدي إلا ببضع سنتمرات قليلة، الأمر الذي أشعرني بالضيق بعد عدة أيام، فقررت الخروج بلا استنذان من غرفة العناية المكثفة، وتدخل الاختصاصيون ومساعدوهم والسسترات وكل من كان يعمل داخل العناية المكثفة آنذاك في محاولات لاثنائي عن الخروج، لكن القرار كان قد اتخذ، وقال لي اختصاصي كبير إن خروجي فيه مهدد كبير لحياتي، وربما أفقد حياتي إذا تمسكت بموقفي الرافض للبقاء داخل العناية المكثفة، وأذكر أنني قلت له إنني أفضل الموت في الهواء الطلق، من الموت محجوزاً وسط هذه الأجهزة محاطاً بالستائر، وقد خرجت ثائراً منتفضاً على ذلك الأسر الطبي والعلاجي. ثورة المريضين السوداني والصيني نبهتني إلى ثورتي القديمة، وخرجت بنتيجة هي أن للأطباء تقديراتهم الخاصة عندما يقررون عزلة المريض حفاظاً على حياته، لكن بعض المرضى يرى أن حياته مع الآخرين مهما كانت النتائج، ولأننا شعب مؤمن فإننا نردد دائماً أن الأعمار بيد الله. اللهم بارك لنا في أعمارنا وأعمالنا وفي كسبنا وارزقنا من الطيبات، ومتعنا بالصحة والعافية في حياتنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.. آمين.