تنص كل قوانين فوائد ما بعد الخدمة بما فيها قانون معاشات الخدمة العامة بأحقية المتقاعد بالمعاش بالأقتراض من معاشه فى حدود الثلث كحدٍ أقصى يدفع له دفعةً واحدةً . وقد هدف المشرع من هذا أن يتيح للمتقاعد فرصةً لبدأ حياةٍ عمليةٍ جديدة وذلك بتوفير رأس مال معقول يمكن إستثماره ليدر له دخلاً بديلاً كراتبه الذى فقده . وهذا الفهم القديم طُبِقَ قبل قرنٍ من الزمان ويزيد ، منذ قانون معاشات حكومة السودان 1904م وظل يرد كنص فى كل القوانين اللاحقة( (1919 ,1962 ,1975 ,1993 والقانون المعدل 2004 م)،فى نهاية عام (2005 م) قامت إداره الصندوق القومي للمعاشات بإصدار لائحة جديدة ومن أهم ملامحها :- 1- تعديل قيمة الجنيه المقابل للعمر بما يساوى «144»جنيهاً بصرف النظر عن عمر المتقاعد فى حين أن اللائحة قبل التعديل كانت تتدرج من 300 جنيهاً للذين أعمارهم «30 »عاماً ثم تتناقص كلما زاد عمر المتقاعد حتى تبلغ (205) جنيهاً للذين بلغوا( سن الستين التقاعد الإجباري) 2- فرض رسوم على المبلغ المستبدل بلغت 3% . ظلت هذه اللائحة الجديدة ساريةً لعدة سنوات حتى تم إلغاؤها بقرارٍ من المحكمة العليا بسبب عدم إتخاذ الإجراءات الصحيحة فى إصدارها . ونتيجة لذلك يتقاطر كل المعاشيين الذين تقاعدوا فى الفترة من يناير 2006م حتى 31/12/2011 على الصندوق لإعاده تسوية الإستبدال وصرف الفرق. فى مارس من هذا العام أصدرت إدارة الصندوق قراراً إدارياً بعد موافقة مجلس الإدارة الموحد عليه تم بموجبه إنقاص الجزء المستبدل إلى 20% من قيمة المعاش بدلاً من ثلث المعاش. هذا القرار الجديد الذى اتخذته إدارة الصندوق!! فى رأينا !! يقع تحت دائرة ردود الأفعال وكأنها تقول طالما أن المحكمة ألغت لائحة (2005) لعدم سلامة الإجراءات،فإننا نصدرها الآن بعد إتخاذ الإجراءات السليمة . إن الهدف من الإستبدال هو كما ذكرنا منح فرصة للمعاشي لإيجاد دخلاً بديلاً عن المرتب الذي فقده ، وهذه هى السياسةُ التى تبنتها الدولة وذلك بتوفير تمويل للمشاريع الصغيرة حتى إدارة الصندوق نفسها أنشئت إدارةً كاملةً تسمى إدارة إستثمارات المعاشيين الغرض منها تمويل مثل هذه المشروعات. ان الوضع الأمثل والمعقول هو العمل على زيادة مبالغ الإستبدال وليس العكس، لأننا كما نعلم أن معدلات التضخم ظلت تتصاعد يوماً بعد يوم مما يجعل مبلغ الإستبدال لا يقيم مشروعاً يدر دخلاً بديلاً. وهناك سؤالٌ يُلِح علينا، وهو لماذا لجأت إدارة الصندوق لإصدار هذا القرار؟وفى هذا الوقت بالذات؟ فى تقديرنا أن إصداره كان ردةَ فعلٍ ناتجة عن إلغاء المحكمة للائحة التى أُصدِرت فى عام« 2005» على الرغم من أن الإدارة تبرر ذلك الإجراء لعدم وجود مبالغ كافية لتمويل الإستبدال. هذا التبرير لم يكن مقنعاً لأن الإستبدال يمول ذاته ، حيث يتم الخصم من كل متقاعد(مستبدل) ثلث معاشه الذى ينبغى أن يوضع فى حساب دائري تتم تغذيتة بجملة مبالغ الجزء المستبدل من كل المتقاعدين (المستبدلين ) وبالتالى لا تحتاج إدارة الصندوق لتوفير مبالغ لتغذية الإستبدال بقدر ماتحتاج إلى رؤيةٍ إداريةٍ ثاقبة تجنبها إتخاذ مثل هذه القرارات المجحفة . أن الإدارة لم تعمل على وضع أموال الجزء المستبدل فى حساب خاص يساعدها فى تمويل الإستبدالات الأمر الذى جعل من الصعوبة بمكان توفير مبالغ كافيةً لتغذية هذا البند . وبالتالى اضطرت إلى اتخاذ مثل هذا القرار المعيب الذى أوقع على المعاشيين ظلماً فادحاً لأن مبلغ الإستبدال لا يوفر له تمويلاً محترماً يساعده على إنشاء مشروعاً إستثمارياً ناجحاً بل سيفقد الإستبدال دون الإستفاده منه وسيظل معاشه ناقصاً(فالمعاشي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى) وهذا ناتج عن سوء إدارة بند الإستبدال وعدم وضع أمواله في حساب خاص. وفي رأينا أنه لابد من حلٍ لهذه المشكلة .وعلى إدارة الصندوق أن تعمل على الآتي : أولاً: توفير مبلغاً كافياً يغذى به بند الإستبدال وهذا الأمر ليس مستحيلاً وذلك من الإحتياطي المتوفر للصندوق أو تحويل مبالغ من الجهاز الإستثماري أو حتى من أموال إستثمارات المعاشيين مع إتخاذ الإجراءات الصارمة لخلق حساب دائري خاصاً بالإستبدال ُيمول من الثلث المستبدل. ثانياً: الرجوع إلى لائحة الإستبدال القديمة - وإن كانت دون الطموح- إلا أنها أفضل من التى ُأصدرت الآن. على إدارة الصندوق أن تعمل على مساعدة المعاشيين وتوفير الحياة الكريمة لهم، بدلاً من إتخاذ القرارات التى تضر بمصالحهم نتيجة لردود أفعال أو سوء إدارة لأموالهم التي ظلوا لسنين يقتطعونها من قوت أبنائهم. ان من أهم أهداف الصندوق هو توفير الراحة والطمأنينة للمعاشيين خاصةً ان إدارة الصندوق قد نالت الISO)) شهادة التميز والتي لا يحصل عليها إلا من اهتم بالزبون واعتني به وسهر علي راحته. مستشار معاشات- ولاية الخرطوم «سابقا»