والسير هنري كامبل بزمان سياسي بريطاني تزعم حزب الأحرار واصبح رئيساً للوزارة البريطانية، من عام 1905 إلى عام 1908م، ولنستمع إليه وهو يقول في المؤتمر المشار إليه (أن الامبراطوريات تتكون وتتسع وتقوى ثم تستقر إلى حدٍ ما، ثم تنحل رويداً ثم تزول) إلى أن يقول:( أصبحت اوربا قارة قديمة استنفدت مواردها وشاخت معالمها بينما العالم الآخر لا يزال في شبابه) ثم يقول: (هذه هى مهمتكم أيها السادة وعلى نجاحها تتوقف سيطرتنا) وفي تقرير كامبل للمؤتمر المذكور يقول: إن الخطر على اوربا يكمن في مناطق شرق وجنوب البحر المتوسط(فعلى الجسر البري الضيق الذي يصل آسيا بافريقيا، وتمر فيه قناة السويس شريان حياة اوربا، وبحر العرب حتى خليج البصرة حيث الطريق إلى الهند والامبراطوريات الاستعمارية في الشرق. في هذه البقعة الشاسعة الحساسة يعيش شعب واحد، تتوفر له وحدة تاريخية ودينية، ووحدة لسان وآمال، مما يوفر له كل مقومات التجمع والترابط والاتحاد والنزاعات التحررية) ويقترح تقرير «بزمان» ضرورة العمل على فصل الجزء الافريقي من هذه المنطقة عن الجزء الاسيوي، وإقامة حاجزاً بشرياً قوياً، وغريباً وصديقاً لاوربا، وعدواً لسكان المنطقة، وكما نعلم فان المنطقة المذكورة، تقع في قلبها الأردن إلى جانب فلسطين وسوريا ولبنان، ونعلم الآن بوضوحٍ أن معاهدة «سايكس- بيكو» الإستعمارية الخبيثة بين روسيا القيصرية وبريطانيا وفرنسا عام 1916م بالإضافة إلى وعد بلفور، وما إلى ذلك من مؤامراتٍ استعمارية، كانت كلها خطوات لتنفيذ السياسة التى رسمها تقرير كامبل. ولقد كانت إتفاقية سايكس- بيكو تمثل نقضاً تاماً للوعود التى قدمها الحلفاء إلى الشريف حسين - شريف مكة ورأس الاسرة الهاشمية- من خلال مراسلات حسين - مكماهون بتوحيد الوطن العربي نتيجةً لثورته ضد العثمانيين من أجل التوصل إلى استقلال الوطن العربي، كما كان وعد بلفور بإنشاء (وطن قومي) لليهود في فلسطين نقضاً آخر لوعودهم للشريف حسين! ولتخفيف خيبة أمل الشريف حسين، وافق الحلفاء على إقتراح من اللورد اللنبي بإرسال وفد عربي إلى مؤتمر السلام - عقب الحرب - وقبل الشريف حسين الدعوة وأناب عنه ابنه الأمير فيصل الذي وهو في طريقه إلى المؤتمر بلندن قابل الملك جورج الخامس، ثم قابل بعد ذلك اللورد بلفور صاحب الوعد الغادر المشهور، وكان الأمير فيصل يؤكد لكل من يقابله من القادة البريطانيين بأن تعليمات والده الشريف حسين كانت محددةً بأن يطالب بإستقلال الشعب العربي، ولم يمنحه أية صلاحيات بابعاد فلسطين أو أى جزءٍ آخر من الوطن العربي عن هذه المطالب، إلا أن البريطانيين كانوا يعملون على تنفيذ سياسة بريطانية - صهيونية على ضوء وعد بلفور. واختصاراً يمكن القول بأن كل الملابسات التاريخية آنذاك، كانت ناجمةً عن اختلال ميزان القوى بين تطلعات الشريف حسين القومية والقوى الاستعمارية، مما أذهب ريح الوحدة العربية، وجزأ الوطن العربي إلى كيانات قطرية، وكانت من بينها إمارة شرق الأردن (المملكة لاحقاً )بزعامة الملك عبد الله بن الحسين، وعلى خاصرتها غرس الكيان الصهيوني العنصري، وذلك تنفيذاً لتقرير كامبل« ونواصل)