قبل ستة أعوام مضت دعا الدكتور عبدالحليم إسماعيل المتعافي عندما كان يتولى منصب والي الخرطوم آنذاك إلى مؤتمر صحفي تناول فيه (وجبة دجاج) في (عز الظهر) أمام الصحفيين.. لإقناع الحضور أولاً والمواطنين ثانياً بأن مرض (إنفلونزا الطيور) الذي اجتاح الولاية وقتذاك قد (تم القضاء عليه).. وأن مزارع الدواجن خالية من المرض.. وعلى المواطنين أن يطمئنوا (فها هو الوالي يأكل مما يرفض الناس أكله في ذلك الوقت).. تذكرت هذه الواقعة التي احتفظ ب(صورة فوتغرافية توثق للحدث) عندما أعلن الدكتور المتعافي وزير الزراعة عبر برنامج (مؤتمر إذاعي) الجمعة الماضية أن وزارته قررت زراعة القطن المحور وراثياً في مساحة تقدر بنحو (150) ألف فدان.. ورفض الوزير مبررات بعض العلماء من أن هذا النوع من القطن له آثار خطيرة على الإنسان والحيوان والبيئة وأنه يسبب ضيقاً في التنفس وحساسية واختناقاً لأي حيوان يأكل (سيقان) القطن.. فقلت في نفسي هل للدكتور المتعافي طريقة لإقناع هؤلاء الرافضين لزراعة هذا النوع من القطن.. وبمعنى أدق هل أجرى المتعافي(تجارب) في بذور القطن مماثلة للتي أجراها أمام الصحفيين وتناوله لوجبة الدجاج. üبذور القطن المعدلة وراثياً هي بذور يتم تعديلها وراثياً باستخدام التكنولوجيا الحيوية تقوم بإفراز سموم تحمي المحصول من الحشرات والآفات.. وقد رفضت عدة دول أوربية وعربية وإسلامية استخدام التقاوى المعدلة وراثياً.. لأن التجارب المعملية في تلك الدول أثبتت أن هذه المحاصيل تسبب أمراضاً للحيوان والإنسان وتهدد البيئة.. واستند البعض على ما حدث للهند وباكستان.. حيث نفقت الأغنام التي أكلت الأعلاف المعدلة وراثياً.. وفي الخرطوم حذرت المؤسسات المهتمة بالبحوث الزراعية من استخدام هذا النوع من البذور.. علماً بأن أحد المستثمرين قام بزراعة (30) ألف فدان من القطن المعدل وراثياً في منطقة برام في جنوب كردفان.. ولا يعرف أحد حتى الآن نتائج وآثار هذا القطن على الإنسان والحيوان والبيئة في تلك المنطقة. ü محمد عثمان السباعي رئيس لجنة القطن بالنهضة الزراعية أبدى تحفظاً على طريقة التعامل مع زراعة هذا القطن واشترط حسب حديثه للإنتباهة أمس أن أي بذرة يجب أن تعرض على المجلس القومي للسلامة الحيوية وهو مجلس لم يتم تكوينه بعد.. إذن ما هي الجهة(البحثية والعلمية) التي صادقت على زراعة هذا النوع. ü القطن المحور وراثياً لا تقتصر آثاره على المحصول وحده.. وإنما تمتد للإنسان والحيوان والبيئة مما يستوجب على الدولة التأني في اتخاذ قرار زراعته لحين التأكد جيداً من عدم حدوث آثار جانبية عند زراعته.. حتى لا يحاصر المرء بأمراض يصعب علاجها كما يحدث الآن انتشار أمراض مثل السرطان والفشل الكُلوى في مناطق محددة بالبلاد دون أن يقدم أحد تفسيراً لأسباب هذا الانتشار.