مناوي: المدن التي تبنى على الإيمان لا تموت    الدعم السريع يضع يده على مناجم الذهب بالمثلث الحدودي ويطرد المعدّنين الأهليين    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    القادسية تستضيف الامير دنقلا في التاهيلي    تقارير تتحدّث عن قصف مواقع عسكرية في السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالفيديو.. عودة تجار ملابس "القوقو" لمباشرة البيع بمنطقة شرق النيل بالخرطوم وشعارهم (البيع أبو الرخاء والجرد)    مانشستر يونايتد يتعادل مع توتنهام    ((سانت لوبوبو الحلقة الأضعف))    شاهد بالصورة والفيديو.. حكم راية سوداني يترك المباراة ويقف أمام "حافظة" المياه ليشرب وسط سخرية الجمهور الحاضر بالإستاد    شاهد بالفيديو.. مودل مصرية حسناء ترقص بأزياء "الجرتق" على طريقة العروس السودانية وتثير تفاعلا واسعا على مواقع التواصل    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بالصور.. أشهرهم سميرة دنيا ومطربة مثيرة للجدل.. 3 فنانات سودانيات يحملن نفس الإسم "فاطمة إبراهيم"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القطن المحوَّر وراثيًا .. غزارة انتاج ومخاطر جمة
نشر في الانتباهة يوم 27 - 05 - 2012

بالرغم من أن المحاصيل المحوَّرة وراثيًا ما زال هناك جدلٌ كبيرٌ يدور حولها على مستوى الدول العربية والإسلامية وغير الإسلامية والدول المتقدِّمة، لما تحوي من مخاطر وأمراض وآثار سالبة على الإنسان والحيوان والبيئة، إلا أننا نجد أن قضية القطن المعالج بالهندسة الوراثية فرضت نفسها من جديد على الساحة خلال اليومين الماضيين بعد إعلان وزارة الزراعة زراعة القطن المعالج وراثيًا على لسان وزيرها المتعافي بتمويل من المالية ب »100« مليون جنيه للأعمال العادية (نظافة حقلية، وإزالة عوائق) في مساحة تصل (150) ألف فدان.. مما أثار مخاوف العديد من خبراء البيئة والزراعة، المهتمون بهذه القضية فالمحاصيل المحوَّرة وراثيًا هي عبارة عن عمل هندسة وراثية انتشرت في التسعينيات تعمل على نقل صفات وراثية من كائن حي إلى آخر للاستفادة من ميزة معيَّنة سواء كان حيوانًا أو نباتًا، وبما أن السودان من الدول الموقِّعة على اتفاقية قرطاجنة للسلامة الحيوية للدول العربية بجانب إصداره قانون السلامة الحيوية في عام »2010م« وأن القانون لديه مجلس مختص لمتابعة كل حي يتم تحويره وراثيًا ورغم كل ذلك إلا أن المجلس حتى الآن لم يقُم بدوره الذي من أجله أنشئ.
المجتمع الدولي والتحوُّر الوراثي
أفرد المجتمع الدولي حيزاً مقدَّراً لتكنولوجيا التحوُّر الوراثي وتم توقيع معاهدات واتفاقات ومن بين هذه الاتفاقات: (بروتوكول قرطاجنة المتعلق بالسلامة الحيوية، يناير 2000م).
ويضمن البرتوكول مستوى ملائمًا للحماية من الآثار الضارة المحتملة من استعمال الكائنات المحوَّرة وراثياً، على البيئة وصحة الإنسان، ويتيح الاستفادة من المنفعة المرجوة من الكائنات المحوَّرة وراثيًا، لما فيه من إمكانات لرفاهة البشر إذا ما طوّرت وفقاً لتدابير أمان ملائمة للصحة والبيئة.
وانضم السودان في يونيو (2005م) وأصبح طرفاً في البروتوكول ودخل حيز التنفيذ في (11/9/2005م). ويصبح الامتثال والالتزام بتنفيذ ما جاء في البروتوكول أمرًا في غاية الأهمية نظراً لإلزام التوقيع الذي يفرض على الدول الموقِّعة التقيُّد بما وقَّعت عليه، ولأجل السلامة وتجنُّب المخاطر المرتبطة بالكائنات المحوَّرة وراثياً تنص اتفاقية التنوع الحيوي الدولية لعام »1992« على إنشاء الوسائل لتنظيم وإدارة وضبط المخاطر المرتبطة باستخدام وإطلاق الكائنات المحوَّرة وراثياً، والأخذ في الاعتبار الحاجة لبرتوكول يضع الإجراءات المناسبة بما في ذلك تحديداً إجراءات الموافقة المسبقة المستنيرة في مجال أمان النقل والمناولة والاستخدام للكائنات الحية المحوَّرة.
انعدام البحوث العلمية
د. الطاهر إبراهيم محمد خبير الوراثة النباتية بهيئة البحوث الزراعية وصف الكائنات الوراثية بأنها »كائن حي محوَّر يمتلك تركيبة جديدة من مواد جينية تم الحصول عليها باستخدام التكنولوجيا الحيوية الحديثة«.. وتشكل الهندسة الجينية عاملاً مهماً في الجينات المحوَّرة وراثياً للحصول على منافع لم تكن متوفرة من قبل بالطرق الطبيعية، إلا أن هذا التحوُّر له مخاطر محتملة.
وعن مخاطر القطن المحوَّر يقول دكتور الطاهر: مخاطر التحوُّر المحتملة تتمثَّل في: ظهور نباتات غازية جديدة بشكل دائم تؤثر في المحصولات المزروعة، ونمو حشائش يصعب مكافحتها، واختفاء سلالات تراكيب وراثية محلية والتي تعتبر موارد وراثية مهمة، وظهور سلالات جديدة مقاومة وأكثر شراسة من الآفات العادية.. ويشير الطاهر إلى دراسة علمية استمرت »5 6« سنوات، رفعت نتائجها إلى وزير البيئة والغابات الهندي بواسطة الدكتورة ساجاري رامداس Sagari R Ramdas في ديسمبر »2009م«، »أشارت إلى أن التعرُّض المستمر والمتكرِّر للقطن المحوَّر »علف، أوراق، لوز، وبذرة« بواسطة الحيوانات تسبَّب في ظهور أعراض مرضية بعد سنتين فقط من تبني زراعة القطن المحوَّر في ولاية »اندرابرادش الهندية«، وتمثلت أعراض المرض في: السعال، ضيق التنفس، إفرازات الأنف، تبول الدم، ومن ثم حدوث الوفاة إذا لم يتم العلاج.
ويعتبر علف القطن من المصادر الغذائية المعروفة للحيوان في السودان، غير أن معروف يؤكد أنه لم تجرَ دراسة علمية واحدة لتقصي إمكانية تضرُّر الحيوانات المتغذية على القطن المحوَّر، بالرغم من مضي عدد من السنوات على دخوله.. ويضيف: »للأسف الشديد هنالك مخاوف حقيقية لمخاطر محتملة على صحة الحيوان بالرغم من محاولات الجهات المستفيدة نفي ذلك باستمرار«.
غياب القانون
أكد بروفيسور معروف إبراهيم المنسق القومي لأبحاث المراعي والأعلاف بالهيئة، أن هناك محاذير ومنافع مرتبطة بهذه القضية، وشدَّد خلال حديثه في ملتقى المستهلك على أن المؤيدين للمحاصيل المحوَّرة، هم أصحاب المنفعة.. وقال: إن ما حدث في دخول القطن دون تأشيرة وأن أخطرها ما تم إدخاله لجنوب كردفان بواسطة إحدى الشركات الصينية، والذي كان من المفترض أن يزرع في مساحة »2300« فدان ولولا الحرب الأهلية التي جعلته يزرع في مساحة »30« ألف فدان في منطقة برام بجبال النوبة، يعتبر مهدداً لهذه المنطقة التي تعتبر محمية طبيعية لزراعة القطن في هذه المنطقة.. مؤكداً أنها دخلت في غياب الأطر القانونية وتنقصها الدراسات الحيوية للتقييم الفعلي.
وقال: إن هذا يعني الانتهاك الواضح لحقوق الإنسان، الذي يعتمد في غذائه على الحيوان، خاصة بعد أن أثبتت الدراسات التي أُجريت في دولة الهند، أثبتت تسببه في حدوث أمراض وموت الأغنام، بجانب دراسة أخرى أُجريت في عام »2007م«، التي أكدت أن هذا السم لا يهضم داخل معدة الحيوان.. مشيراً لاعتماد معظم السودانيين على تناول اللحوم غير مطهية »مرارة«، منتقداً تقليل الجهات الرسمية للمساحات التي تمت زراعتها، بجانب هروب صاحب الشركة »الصيني«، وقال: إن السودان وقَّع على اتفاقية لحماية الطرفين، لكن لم يتم تفعيلها، مطالباً بإتلاف البذور التي لم تتم زراعتها بجانب إبادة المساحات التي زُرعت، وعدم المضي في زراعة المحاصيل المحوَّرة، إلا بعد إجراء الدراسات، داعياً لتكوين لجنة لتقصي الحقائق حول المزارع في شمال كردفان.
ويمضي معروف قائلاً: وجود نقص دراسات السلامة الحيوية، بجانب أن التقييم الحقلي للقطن المحوَّر كان غير دقيق علمياً، ولم تجرَ إلى الآن دراسة علمية واحدة لتقصي إمكانية تضرُّر الحيوانات المتغذية على القطن المحوَّر، بالرغم من مضي عدد من السنوات على دخوله، وحذَّر بروفيسور معروف إبراهيم من استخدام القطن المحوَّر وراثيًا كعلف للحيوان؛ لأنه يؤدي إلى العقم لدى الحيوان، وضعف إنتاجية اللبن، والخلل في وظائف التكاثر وانقلاب الرحم والولادة المبكرة، مطالبًا بعدم المضي في زراعة القطن المحوَّر وراثيًا في البلاد، وأشار إلى تكوين لجنة للنظر في المساحات المزروعة بالمحصول في جنوب كردفان.
مخاطر صحية
بحسب خبراء في الاقتصاد والأبحاث الزراعية فإن للتحور مخاطر جمّة.. وحول المخاوف الناشئة عن إنتاج المحاصيل المحوَّرة وراثيًا أوضح الخبراء أن أهم المخاطر الصحية، احتمالات الإصابة بالسمية والحساسية سواء من الكائنات الميكروبية الدقيقة أو الحاصلات الزراعية واللحوم والدواجن، بالإضافة إلى احتمال اكتساب الميكروبات الممرضة للإنسان والحيوان مقاومة للمضادات الحيوية، ومع ذلك لا توجد دلائل قاطعة حتى الآن على تعرُّض صحة الإنسان لمخاطر جرَّاء القطن المحوَّر وراثيًا، كذلك فإن إنتاج اللقاحات والمنتجات الصيدلانية الأخرى من الحاصلات العطرية والطبية قد يمثل مخاطر في المستقبل، وفيما يتعلق بالبيئة، توجد مخاوف من النتائج التي يمكن أن تترتب على نقل الجينات الوراثية من كائن إلى كائن آخر ومدى ثبات هذه الموروثات، ومخاطر ذلك عند انتقالها إلى الكائنات غير المستهدفة، وكذلك احتمال اضمحلال الموروثات، واكتساب الآفات للمقاومة..
اعترضت كافة الجهات ذات الصلة على أن لا يقدم السودان على هذه الخطوة خاصة في الوقت الرهن لما فيها من مخاطر وآثار مستقبلية، إلا أن متابعات (الإنتباهة) أكدت أن بعض الجهات وبشكل غير قانوني زرعت الموسم السابق قطنًا محورًا وراثيًا بالسودان في مساحات محدودة في ولايتي جنوب كردفان وفي منطقة أقدي بالنيل الأزرق وبحسب رئيس مجلس القطن بالنهضة الزراعية محمد عثمان السباعي أن وزارة الزراعة والري بصدد استيراد تقاوي قطن محور وراثيًا من الصين لسد النقص في التقاوي.
وأبدى المجلس اعتراضه بشدة على زراعة هذا الصنف من الأقطان دون إجازته من مجلس السلامة الحيوية.. وكان المجلس قد سجل ملاحظاته حول القطن المحوَّر وراثيًا، وكتبها كتوصية لوزير الزارعة والري، مشددين فيها بعدم زراعته في السودان لما لديه من آثار سالبة على الإنسان والحيوان والبيئة، فيما تقدم اتحاد مزارعي مشروع الرهد بشكوى للمجلس تفيد بزراعة القطن المحوَّر وراثياً في مساحة مقدرة هذا العام، إذ أن فيها مخاطر وأمراضًا وآثارًا سالبة على الإنسان والحيوان والبيئة.
تعديل وراثي
محمد عثمان السباعي رئيس مجلس القطن بالنهضة الزراعية ذكر أن مجلسه وبعد نقاش مستفيض من العلماء والباحثين داخل وخارج المجلس في موضوع زراعة القطن المحوَّر وراثياً توصل إلى أن إجازة أي صنف محور وراثياً يجب أن تتم وفق قانون السلامة الحيوية وأن يجاز الصنف من المجلس القومي للسلامة الحيوية إيفاء للاتفاقات الدولية، وأن الصنف بعد اكتمال إجازته يراقب لعدة سنوات في مزارع هيئة البحوث الزراعية للتأكد من ملاءمة الصنف للبيئة السودانية وعدم حدوث أي مخاطر بيئية أو حيوية تهدِّد الإنسان أو الحيوان.
وأوضح السباعي أن مجلسه وجَّه بأن يتم التعامل مع تقانة نقل الصفات الوراثية مع الأصناف المعتمدة محلياً لارتفاع إنتاجيتها وخصائص المقاومة للأمراض وألا تستورد تقاوي غير مجازة تشكل مخاطر على البلاد، وأكد السباعي مخاطبة مجلسه لوزير الزراعة والمجلس الأعلى بالنهضة الزراعية وأمانة النهضة وبصورة عاجلة بالحيثيات الخاصة بالتعامل مع قضية القطن المحوَّر وراثياً، وأوضح أن الموضوع لا يحتمل التأخير وحتى لا تهدر أموالاً بالعملة الصعبة في استجلاب هذه التقاوي.. ويمضي د. سباعي قائلاً: إن العينة التي يُراد أن تزرع بمشروع الرهد لم تعرض على المجلس، بل إن المجلس نفسه لم يتكون حتى الآن رغم القانون المجاز، وقال: إن العلماء المختصين أفادوا بأن التقاوي التي زُرعت في مساحة صغيرة في منطقة الفاو »10« فدان لم تجرَ عليها اختبارات لمقاومتها للأمراض المحلية في السودان كمرض (الساق الأسود الذبول) بجانب عدم إجراء اختبارات لمعرفة صمود الأمراض على المدى الطويل وعدم ثبات مقوماتها للدودة الإفريقية، مضيفًا أن أمراض القطن ليست فقط للدودة الإفريقية بل هنالك آفات أخرى تتطلب مكافحتها كيميائيًا، وقطع بأنه حتى هذه اللحظة لم تكن هنالك معرفة حول أثر المحاصيل المحوَّرة على طعام الإنسان وغذاء الحيوان لجهة أن القطن ينتج منه الزيوت والأعلاف وقد تنتقل له البكتيريا علمًا أن الآثار الضارة في بعض الدول ظهرت كمرض الحساسية وأمراض عضوية أخرى، وأن الأضرار قد تؤثر في الأجيال المنتجة، مؤكدًا عدم إجراء دراسة كافية توضح عدم وجود مخاطر، وقال: إن دولاً مثل أوربا منعت دخول المحاصيل المحوَّرة، وإن الدول الإسلامية والعربية رفضت دخول التعديل الوراثي، وأن الدول العربية وحماية المستهلك العربي طالبت بتنوير للجميع بكل الحقائق قبل اتخاذ أي قرار فيما يخص المحاصيل المحوَّرة، مشددًا على إجراء دراسة لكل صنف لوحده وفق ترتيبات القوانين.
آفات اقتصادية
فيما عرف مدير عام هيئة البحوث الزراعية الأسبق بروفيسور أزهري حمادة القطن المحوَّر وراثياً أنه يسمى »بي تي« »اختصار لاسم البكتيريا« التي أُخذ منها المورّث الجيني وأدخل في نبات القطن بغرض مكافحة الحشرات وخاصة الدودة الإفريقية التي تصيب القطن، وقال: إن المورثة الجينية تفرز سمومًا تعمل عمل المبيدات الحشرية، بحيث إن لها قدرة على قتل بعض الحشرات الضارة كما لا تنجو منها الحشرات النافعة، مبينًا أن السمِّيات التي تفرزها المورثات الجينية تتساوى مع المبيدات في أن الحشرات لها القدرة على تطوير نفسها لمقاومة السموم كما حدث في الهند وجنوب إفريقيا والباكستان، وقال في بعض الدول أدى استخدام القطن المحوَّر جينيًا إلى زيادة أعداد أنواع حشرات أخرى كانت تعتبر غير ذات أثر ضار على القطن نتيجة أن سموم الموروثات الجينية لا تؤثر على الحشرات ومن ثم زاد عددها وتحولت إلى آفات اقتصادية مثل حشرة الجاسد، ونوَّه إلى أن كثيرًا من العلماء خاصة في أوربا ما زالوا متحفظين حول استخدام المحاصيل المحوَّرة وراثياً بدعوى أن الدراسات العلمية حتى الآن غير كافية حول التأثيرات الجانبية وعلى تأثيرها في المدى الطويل جراء استهلاك المحاصيل المحوَّرة وراثياً.
مخاطر اقتصادية
مدير الإدارة العامة للبرامج البحثية والتعاون الدولي بهيئة البحوث الزراعية بروفيسور كمال الصديق ذكر أن القطن في البلاد يعاني من تدني الإنتاجية وارتفاع تكلفة الإنتاج وانخفاض عيناته، وأن مكافحة الحشرات تستحوذ على »25 35%« من التكلفة وديدان اللوز »50%« من التكلفة، مؤكدًا أن حدوث الفوضى في الدول العربية أدى إلى دخول المحاصيل المعدلة وراثيًا في ظل وجود فراغ تشريعي ومؤسسي.. وحذَّرت هيئة البحوث الزراعية من المخاطر المترتبة على دخول القطن المحوَّر وراثياً في الفترة من »2009/ 2012م«، وقد أوضحت أن دخوله تم في غياب الأجهزة المعنية، وأرجعت ذلك لعدم تطبيق قانون السلامة الحيوية، كاشفة عن اختفاء »150« طناً من بذور هذه الأقطان.
البروفيسور هاشم الهادي رئيس مجلس إدارة الهيئة السودانية للمواصفات أرجع دخول هذه البذور لغياب التخطيط والتنسيق والتنفيذ بين الأطراف المختلفة، كاشفاً عن عدم وجود معامل بالسودان لكشف البذور والمحاصيل المحوَّرة وراثياً.
طالبت الجمعية السودانية لحماية المستهلك، بإصدار قرار سيادي بإيقاف أي تعامل مع المواد المحوَّرة وراثيًا إلى حين قيام المؤسسات المختصة المنصوص عليها في قانون السلامة الحيوية لعام »2010م«.
مرافعات وزارة الزراعة
وزارة الزراعة في بيان لها عقب إجازة القطن الصيني المحوَّر من قِبل اللجنة الوطنية لإجازة الأصناف، أوضحت أن التجارب الخاصة بالقطن الصيني المحوَّر، أُجريت في الفترة من »2010م 2012م«، وشملت دراسات حقلية ومعملية في »12« بيئة مختلفة، وقد تبيَّن من التجارب أن المحاصيل المحوَّرة وراثياً تزيد الإنتاج بنسب تتراوح بين »25« أضعاف، وأن هناك زيادة في صافي حليج القطن وصلت »9%« مقارنة بالمحلي، بالإضافة إلى تقليل تكلفة الرش لمكافحة الحشرات التي تصل »40%« من تكلفة الإنتاج، مما يقلِّل التلوث البيئي والصحي الناتج من رش المبيدات.. كما أكد البيان كذلك عدم وجود أي آثار ضارة بالحيوان أو الكائنات الدقيقة بالتربة جرَّاء زراعة المحاصيل المحوَّرة وراثياً والغذاء على منتجاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.